لم تكن ردة فعل الولايات المتحدة على استفزازات إيران في مضيق هرمز والخليج العربي على قدر التوقعات.
لم تكن ردة فعل الولايات المتحدة على استفزازات إيران في مضيق هرمز والخليج العربي على قدر التوقعات، خاصة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرح غير مرة بأنّ بلاده لن تقف مكتوفة اليد فيما إذا تعدت طهران خطوطها المرسومة لها، وهذا لم يكن في الحقيقة سوى قول من دون فعل.
في الواقع كلا الطرفين يراهن على هذه الجزئية المهمة وللإيراني باع طويل في الاستفادة من عامل الوقت بالضغط على خصومه وإيصالهم إلى حالة الملل وجرهم إلى مفاوضات قد تصب لصالحهم في النهاية. وهذا ما حدث مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حين وقع اتفاقا تصفه الإدارة الحالية بالضعيف والهش
الحرب خيار لا يفضله سوى من يبحثون عن تسوية أزماتهم الداخلية والخارجية بافتعال أزمات تمكنهم الهروب إلى الأمام، وينطبق هذا على بعض الساسة الإيرانيين الذي سمعوا مؤخرا هتافات تدعو لسقوط الفاسدين من قبل شعبهم التواق للعيش بسلام واستقرار اقتصادي وهذا أبسط حقوقه.
لم تنجح الوساطات الأوروبية التي تقودها فرنسا في تخفيف حدة التوتر بين الإيرانيين والأمريكيين عموما والمنطقة على وجه الخصوص، ولكنّ الرئيس الأمريكي ترك الباب مفتوحا لها مكررا غير مرة بأنّ إيران ستأتي إلى طاولة المفاوضات عاجلا أو آجلا، وهذا قد يحدث بالفعل ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بعامل التوقيت، فإلى جانب من سيقف، هل الولايات المتحدة أم إيران؟
في الواقع كلا الطرفين يراهن على هذه الجزئية المهمة، وللإيراني باع طويل في الاستفادة من عامل الوقت بالضغط على خصومه وإيصالهم إلى حالة الملل وجرهم إلى مفاوضات قد تصب لصالحهم في النهاية. وهذا ما حدث مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حين وقعت اتفاقا تصفه الإدارة الحالية بالضعيف والهش ويحقق نقطة انتصار كبيرة لإيران .
إذا كانت إدارة ترامب تراهن على عامل الوقت في جرّ الإيرانيين إلى طاولة التفاوض، فهذا لن يكون في صالحها لعدة عوامل:
الأول هو إدراك المنظومة الإيرانية الحالية الحاكمة أنّ المطلوب منها من قبل الولايات المتحدة هو أكبر بكثير من سقف توقعاتها، وبالتالي لن تكون مستعدة للتضحية بإحدى "نقاط القوة "التي كانت تسوّق بها نفسها للداخل الإيراني ولمؤيديها خارجيا بأنّها -أي إيران- الدولة القوية التي تقف بوجه الولايات المتحدة وترفض طلباتها.
الثاني هو عدم اكتراث حكام إيران بمأساة شعبهم والتغاضي عن مشاكلهم الاقتصادية على حساب دعم مليشيات خارجية سواء في العراق ولبنان واليمن وسوريا بما يمكنّهم من استخدام هذه المليشيات كورقة ضغط في الملفات الأخرى. ولذلك لن يخضع حكام إيران للضغط الاقتصادي؛ لأنّهم آخر من يتأثر بالعقوبات الأمريكية والشارع ممسوك بسوط قوات الباسيج المجرب بقمع التظاهرات. ولعلّ ما حدث في 2011 إبان حكم الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد أكبر برهان على أنّ احتمالية انتفاض الداخل أقلّ بكثير مما يتوقعه الكثيرون.
الثالث والأهم هو عدم مقدرة الولايات المتحدة حتى اللحظة جمع جبهة دولية ضد إيران فيما يخص اتفاقها النووي، وهو ما سيشكل فرصة لطهران لتناور مع دول أخرى من الممكن أنْ تشكل لها متنفسا من العقوبات الاقتصادية عليها ولو بطريقة غير مباشرة، ومن الواضح أن بعض الدول الأوروبية مستعدة للعب هذا الدور.
العامل الرابع هو الرفض المتكرر لدولتين صناعيتين كبريين هما: الصين وروسيا، العقوبات أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة على إيران، وهذا عامل مساعد يضاف إلى العوامل الأخرى التي تصب في صالح الحكومة الإيرانية التي ستستثمر ذلك في تعزيز تعاون اقتصادي يخفف من وطأة العقوبات الأمريكية.
نعم من الممكن لهذه العقوبات الاقتصادية إجبار الإيرانيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإبرام اتفاق جديد إذا ما استطاعت الولايات المتحدة إقناع الصين وروسيا، واسكات الشركات الأوروبية الباحثة عن استثمارات في الداخل الإيراني. من المؤكد أن هذا لم ولن يكون أمرا سهلا على إدارة ترامب في ظل تنافس أمريكي صيني على السوق العالمية من جهة، وأمريكي روسي لناحية القطبية الثنائية العالمية من جهة أخرى.
ناهيك عن عدم التوصل إلى صيغة اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فيما يخصّ إيران، لذلك لن تكون العقوبات الاقتصادية سببا كافيا للجم إيران التي ستجلس منتظرة الانتخابات الأمريكية المقبلة علّها تأتي بما يشتهي خاطرها وعندها يمكن الجزم بأنّ عامل الوقت سيكون في صالح إيران.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة