ثورة وقود كازاخستان.. بركان خامد لـ3 عقود قذفت حممه 3 عواصم (القصة الكاملة)
حرك الوقود بركانا خامدا منذ 30 عاما، ودفع متظاهرون لشوارع كازاخستان ضد النظام، لكن الاحتجاج تحول لشغب وعنف واقتحام مؤسسات سيادية.
وعاشت ألماتي؛ كبرى مدن كازاخستان وغيرها من المدن، ليلة عاصفة، أمس، بعد كر وفر، وسيطرة المحتجين -الذين تتهمهم السلطة الحاكمة بـ"الإرهاب"- على مؤسسات سيادية بينها المطار.
وبين احتجاج يطالب بإزاحة سلطة تحكم البلاد بقبضة من حديد، واتهام حكومي للمتظاهرين بـ"الإرهاب"، تمددت الأحداث خارج الحدود، لتشكل قنبلة موقوتة في علاقات متوترة بالأساس بين روسيا والغرب.
أصل الحكاية
اندلعت الاحتجاجات قبل ٣ أيام، بسبب غضب مواطنين من زيادة أسعار الوقود، لكن هناك مؤشرات على تصاعد المطالب لتشمل جوانب سياسية في بلد لم يتخلص بعد من إرث حكم الفرد الذي هيمن عليها لثلاثة عقود.
واستهدفت الاحتجاجات الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف الذي لا يزال يحتفظ بسلطات واسعة في الجمهورية السوفيتية السابقة رغم استقالته عام 2019، بعدما حكم البلاد ما يقرب من ثلاثة عقود.
ويُنظر إلى نزارباييف، البالغ من العمر 81 عاما، على نطاق واسع باعتباره القوة السياسية الرئيسية في العاصمة نور سلطان، التي سميت تيمنا به، ويُعتقد أن عائلته تسيطر على جزء كبير من اقتصاد البلاد؛ الأكبر حجما في آسيا الوسطى.
وفي محاولة على ما يبدو لتهدئة الغضب العام، أقال الرئيس الحالي قاسم جومارت توكاييف، سلفه نزارباييف من منصب رئيس مجلس الأمن القومي يوم الأربعاء واضطلع بمسؤولياته. كما عين رئيسا جديدا للجنة أمن الدولة، وأقال الحكومة وألغى زيادة أسعار الوقود.
"عملية المطار"
لكن الاحتجاجات استمرت بشكل أوسع، وتحولت الأربعاء إلى أعمال شغب وهجوم على مؤسسات سيادية، واقتحام لمطار مدينة ألماتي والسيطرة على ٥ طائرات.
وفي هذا الإطار، قال توكاييف في وقت متأخر الأربعاء، إن عصابات "إرهابية" تلقت تدريبا في الخارج استولت على مبان ومرافق بنية تحتية وأسلحة، ووضعت يدها على خمس طائرات، بينها طائرات أجنبية، في مطار ألماتي.
واعتبر أن "هذا تقويض لسلامة البلد والأهم أنه هجوم على مواطنينا الذين يطلبون مني مساعدتهم بسرعة".
لكن وكالة إنترفاكس الروسية نقلت في وقت لاحق عن مسؤول قوله إن المطار أُخلي من المحتجين. إلا أن رويترز لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من الأمر، على حد ما ذكرته الوكالة.
كما نقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن وزارة الداخلية في كازاخستان قولها، الأربعاء، إن الاحتجاجات أودت بحياة ثمانية من أفراد الشرطة والحرس الوطني على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء
وفي وقت لاحق، نقلت وكالات أنباء روسية عن وسائل إعلام في كازاخستان قولها إن جنديين قتلا أيضا، فيما وصفته بأنه عملية لمكافحة الإرهاب في مطار ألماتي.
وليل أمس أيضا، فرضت السلطات في كازاخستان حالة الطوارئ في كافة مناطق البلاد، في محاولة للسيطرة على الوضع الأمني الصعب وإعادة المحتجين إلى منازلهم.
فوضى عارمة
وصباح الخميس، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن الشرطة في ألماتي قولها، إنه تم "القضاء" على عشرات من مثيري الشغب.
جاء ذلك بعد وقت قصير من حديث مراسلين لـ"رويترز"، عن عدة ناقلات جند مدرعة وعشرات من الجنود يدخلون الميدان الرئيسي في ألماتي صباح الخميس، حيث يتجمع متظاهرون.
وأفاد شاهد "رويترز" بأنه سُمع دوي إطلاق رصاص مع تقدم القوات نحو الحشد، دون ذكر تفاصيل أخرى.
وكان أحد سكان ألماتي الذي اختلط بالمحتجين في الساعات الماضية، قال لـ"رويترز" إن معظم الذين التقى بهم، أتوا فيما يبدو من ضواح فقيرة على مشارف المدينة أو من القرى والبلدات المجاورة.
وأضاف "هناك فوضى عارمة في الشارع".
وفي مدينة أكتوبي، تجمع مئات المتظاهرين في إحدى الساحات وهم يهتفون "ارحل أيها المسن!". وفي مقطع مصور نُشر على الإنترنت، ظهر رجال الشرطة وهم يستخدمون مدافع المياه والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين بالقرب من مكتب رئيس البلدية بالمدينة.
بُعد دولي
وكان توكاييف قال في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء، إنه طلب مساعدة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي تحالف عسكري يضم روسيا وروسيا البيضاء وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.
وبعد ذلك بساعات، قال رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، صباح الخميس، إن التحالف الأمني الذي تقوده روسيا، سيرسل قوات لحفظ السلام إلى كازاخستان بعد مناشدة رئيسها.
وكتب باشينيان على موقع "فيسبوك" إن عددا غير محدد من قوات حفظ السلام سيذهب إلى كازاخستان لمدة محدودة لإعادة استقرار الوضع بعد إحراق مبان حكومية والسيطرة على مطار ألماتي الدولي.
وقال الكرملين إنه يتوقع أن تنجح كازاخستان في حل مشاكلها الداخلية بسرعة وحذّر الدول الأخرى من التدخل.
وفي واشنطن، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين ساكي، إن الاتهامات الروسية بأن الولايات المتحدة حرّضت على الاضطرابات في ألماتي "كاذبة تماما".
فيما ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها، أن الولايات المتحدة تندد بالعنف وتدمير الممتلكات في كازاخستان وتدعو المحتجين والسلطات للتحلي بضبط النفس.
ووصفت واشنطن، البلد "بالحليف القيم"، وحثت جميع مواطني كازاخستان على "احترام المؤسسات الدستورية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام والدفاع عنها بما يشمل إعادة خدمة الإنترنت".
أشباح الماضي
ومن المعروف أن الكرملين يتعاطى بحساسية كبيرة مع أية اضطرابات سياسية أو أمنية في دول الاتحاد السوفيتي السابقة، إذ يعتبر هذه الدول مجاله الحيوي وأية قلاقل بها تمثل تهديدا مباشرا لأمن الاتحاد الروسي.
وعادة ما تصف روسيا، أية احتجاجات شعبية تقود لتغيير سياسي موال للغرب في جوارها المباشر، بـ"الثورات الملونة" المخطط لها مسبقا.
وفي ٢٠١٣، تطورت احتجاجات شعبية عارمة ضد نظام موال لروسيا في أوكرانيا؛ الجمهورية السوفيتية السابقة، إلى أزمة عالمية الطابع تهدد باندلاع حرب متعددة الأطراف، دون حل ناجع ونهائي حتى اليوم.
وتخوض روسيا والدول الغربية جولات من المحادثات السياسية الأسبوع المقبل، بهدف الحصول على ضمانات بعدم ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" ونزع أية صواريخ باليستية في محيط الدول السوفيتية السابقة، مقابل سحب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4yMTIg جزيرة ام اند امز