عبور نادر للزهرة أمام الشمس يفك شفرة أجواء الكواكب الخارجية
تخيل أنك تقف على سطح الأرض وتنظر إلى نجم بعيد، وترى كوكبا صغيرا بحجم الأرض يمر أمامه، تاركا آثارا خافتة في ضوء النجم تكشف عن غلافه الجوي.
هذا بالضبط ما قام به فريق من معهد علوم الفضاء والفلك في البرتغال، لكن بدلا من كوكب بعيد، استخدموا كوكب الزهرة، الذي نعرفه جيدا، لاختبار هذه التقنية.
وباستخدام بيانات نادرة تم جمعها أثناء عبور كوكب الزهرة أمام الشمس في يونيو/حزيران 2012، أجرى الباحثون دراسة محاكاة تجعل الزهرة يبدو وكأنه هدفا بعيدا يمكن ملاحظته من عدة سنوات ضوئية، مثل الكوكب الخارجي، وهدف الدراسة هو اختبار قدرة العلماء على استكشاف أجواء الكواكب الخارجية التي تدور حول نجوم قريبة، وهي خطوة رئيسية نحو فهم هذه العوالم البعيدة.
وعلى الرغم من تشابه كوكبي الأرض والزهرة في الحجم والكثافة، إلا أن أجواءهما تختلف تماما، فغلاف الزهرة الجوي مليء بثاني أكسيد الكربون ويعاني من تأثير دفيئة قاسٍ، مما يجعل سطحه ساخنا جدا لدرجة إذابة الرصاص.
ولكن باستخدام البيانات التي تم جمعها خلال عبوره أمام الشمس، استطاع الفريق البحثي استخراج معلومات قيمة عن غلافه الجوي وكأنهم يدرسون كوكبا خارج المجموعة الشمسية.
ويقول ألكسندر برانكو، الباحث الرئيسي بالدراسة، المنشورة بدورية " أتموسفير": "تقنياتنا الحالية فعالة جدا في دراسة الكواكب الغازية العملاقة، لكنها لم تكن جاهزة بعد لدراسة الكواكب الخارجية الصغيرة مثل الأرض والزهرة، وباستخدام الزهرة كمثال، أثبتنا أن هذه التقنيات يمكن أن تكون فعالة حتى مع الأهداف الأصغر والأكثر تعقيدا".
وعندما يمر كوكب خارجي أمام نجمه، يتفاعل ضوء النجم مع الغلاف الجوي للكوكب، مما يترك بصمات في الضوء تمكن العلماء من تحديد مكونات الغلاف الجوي.
وبنفس الطريقة، تم تحليل بيانات عبور الزهرة أمام الشمس، مما سمح للعلماء برصد جزيئات كيميائية مثل ثاني أكسيد الكربون، وهو مؤشر رئيسي على الطبيعة العنيفة لغلاف الزهرة الجوي.
وهذه النتائج تشكل خطوة مهمة نحو المستقبل، حيث ستساعد تلسكوبات مثل التلسكوب الضخم (ELT) ومهمة "أرييل" الفضائية في دراسة أجواء الكواكب الصغيرة، ومن المتوقع أن تكون هذه التقنيات قادرة على التمييز بين كواكب شبيهة بالأرض وتلك التي تمتلك أجواء شديدة الحرارة مثل الزهرة.
ويوضح بيدرو ماتشادو، الباحث المشارك في الدراسة، أهمية هذه النتائج قائلا: "أجواء الكواكب الغنية بثاني أكسيد الكربون، مثل الزهرة، تحتوي على نشاط كيميائي ملحوظ، مما يجعلها أسهل للرصد من مسافات بعيدة، ونتائجنا تظهر بصمات كيميائية قوية يمكن استخدامها لتمييز الكواكب المختلفة".
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjEwNCA= جزيرة ام اند امز