في ظلّ هذه الأوقات الصعبة التي يعيشها العالم بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية وتداعياتها السياسية والاقتصادية والمخاوف من ركود الاقتصاد العالمي وأيضاً جائحة كورونا التي لا تزال تلقي بظلالها على العالم حتى اليوم،
كان العالم في أشدّ الحاجة لبطولة كأس العالم ليرتاح الناس ولو مؤقتاً من هموم السياسة، وضغوط الأزمات الاقتصادية وغيرها.
انطلق كأس العالم لكرة القدم في العاصمة القطرية الدوحة يوم الأحد الماضي والذي يمثّل تظاهرة عالمية كبرى، تفخرُ دول المنطقة بأن يقام هذا الحدث الاستثنائي لأول مرة بالشرق الأوسط ولأول مرة في دولة عربية، وحقّاً كان افتتاحاً مبهجاً يليق بالحدث الذي طال انتظاره. حضر هذا الكرنفال العالمي معظم القادة العرب وبعض المسؤولين الدوليين والرياضيين والآلاف من المشجعين.
طغت أخبار الكرة على ما عداها، وسرت أجواء من الحماس بين عشاق المستديرة المجنونة، ولعلّ أكثرُها إثارة كان الفوز التاريخي الذي حققه المنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني في واحدة من أكبر مفاجآت المونديال. استحقّ الأخضر السعودي النتيجة بجدارة وحقّق فوزاً سعوديّاً عربيّاً آسيويّاً على أفضل فرق العالم والذي يضم أعظمُ لاعبي العالم ليوقف سلسلة انتصارات "التانغو" التي امتدت لـ ٣٦ مباراة. الكل كان، وما زال، يرّشح ليونيل ميسي ورفاقه للظفر بكأس العالم، ولكن ما لم يؤخذ في الحسبان هو همّة صقور المنتخب السعودي وطموحهم وبسالتهم التي جعلتهم يجلبون أعظمَ نتيجة لمنتخب عربي في كأس العالم.
ملحمة الصقور الخضر البطولية أثارت إعجابَ العالمِ من شرقه لغربه إذْ ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بأخبار الفوز السعودي، والتهاني والتعليقات، ومقاطع الفرحة والاحتفالات في كل أقطار الوطن العربي. وليس من المبالغة القول إن هذا الانتصار التاريخي وحّد الفرحة والبهجة لكل الشعوب العربية والإسلامية ليؤكد مكانة السعودية الراسخة في نفوس شعوب تلك الدول.
لم يكُن فوزُ السعوديةِ على الأرجنتين محضَ صدفة، بل كان نتيجة عمل رياضي مؤسسي وتراكمي، وبفضل الدعم الكبير الذي تحظى به الرياضة وخاصة كرة القدم من القيادة السعودية، إذ منح الدوري السعودي لكرة القدم جانباً كبيراً من الاهتمام حتى أصبح الدوري الأول آسيوياً وقُدّم الدعم المالي والمعنوي اللازم للأندية للتعاقد مع نجوم عالميين استفاد من خبراتهم اللاعب المحلي كثيراً واكتسب جرعة قوية من المهارات والثقافة الكروية ليستند من خلالها بشكل قوي وملحوظ في مشاركاته الخارجية والدولية.
كان فوز الأخضر السعودي انتصاراً عظيماً وتاريخياً أفرحنا وأبهج عالمنا الإسلامي والعربي لأنه فعلاً نصر الجدارة والعمل والمثابرة، وأتمنى أن يواصل الصقور الخضر تحليقهم والذهاب بعيداً في البطولة العالمية وكذلك المنتخبات العربية الأخرى وهم بالتأكيد قادرون على تحقيق إنجاز عربي غير مسبوق في مشاركات المونديال.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة