الطفلة المصرية "جنة".. ملاك انتفضت لأجله قلوب الإنسانية
النائب العام المصري، المستشار حمادة الصاوي، يأمر بإحالة الجدة المتهمة صفاء عبدالفتاح عبداللطيف إلى محاكمة عاجلة أمام محكمة الجنايات.
بين ليلة وضحاها صارت قضية الطفلة المصرية جنة، ذات الـ5 سنوات، حديث الرأي العام ليس في بلدها فقط، ولكن في العالم أجمع.
جنة التي تعرضت للتعذيب والحرق على يد جدتها لأمها، ونتج عن ذلك إصابات بالغة وبتر للقدم ثم وفاة بأحد مستشفيات محافظة الدقهلية بدلتا مصر، أثارت موجة حقوقية ومجتمعية ضد العنف والقسوة تجاه الأطفال، ومطالبات واسعة بتنفيذ أقصى عقوبة على الجناة.
وأعلن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، تكفله بحالة الطفلة "أماني"، البالغة من العمر 6 سنوات، شقيقة الطفلة "جنة" التي توفيت نتيجة تعرضها للتعذيب، وتكفل فضيلته بعلاجها طبياً ونفسياً، وتعليمها وتحمل كل نفقاتها.
من جانبه، أمر النائب العام المصري، المستشار حمادة الصاوي، بإحالة المتهمة صفاء عبدالفتاح عبداللطيف إلى محاكمة عاجلة أمام محكمة الجنايات، لضربها وتعذيبها حفيدتيها الطفلتين جنة محمد سمير، ذات الـ5 سنوات، وشقيقتها أماني محمد سمير، ذات الـ6 سنوات، وإحداثها إصابات بهما أدت إلى وفاة "جنة".
وعقب 3 أيام من تحقيقات النيابة العامة، أحيلت المتهمة صفاء عبدالفتاح للمحاكمة الجنائية العاجلة، لاتهامها بضرب وتعذيب حفيدتيها الطفلتين جنة وأماني محمد سمير، وإحداث إصابات أودت بحياة إحداهما.
وكانت النيابة أمرت بضبط وإحضار كل المتهمين المشتبه بتورطهم بالواقعة، وهم جد الطفلة لوالدتها "ع.م.ا"، 48 سنة، عامل، ووالدة الطفلة "أ.ع.م"، 20 سنة "ربة منزل كفيفة"، و"م.ع.م"، 19 سنة، عامل، و"س.ع.م"، 15 سنة عامل، و"ر.ع.م"، 14 سنة، عامل، و3 أخوال لطفلة الضحية، ويقيمون في قرية بساط كريم الدين، للمثول للتحقيق مع المتهمة المحبوسة احتياطياً على ذمة التحقيقات التي تُجرى بمعرفة النيابة العامة في القضية.
وتبين من التحريات الأمنية أن الطفلة وشقيقتها الكبرى من أبوين كفيفين، وانفصلا منذ 4 سنوات، وانتقلا إلى حضانة الجدة بحكم قضائي لصالحها العام الماضي، لفقدان والدتهما الإبصار.
وبتقنين الإجراءات، جرى ضبط الجدة المتهمة، وتبين من الكشف الطبي المبدئي للطفلة فور وصولها للمستشفى، أنها تعاني من جلطة بالطرف السفلي، ويوجد آثار بالظهر والبطن والحالة العامة دون المتوسطة، وتبين أيضاً إصابة الطفلة بغرغرينا في القدم إثر كسر في الساق، وبقائها لمدة طويلة دون علاج، مما أدى إلى ضرورة بتر الساق اليسرى، وظلت في العناية المركزة، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.
شهادة أماني تدمي القلب
اعترافات تدمي العين والقلب، أدلت بها أماني، البالغة من العمر 6 سنوات، شقيقة جنة وضحية التعذيب، إذ أكدت قيام جدتها لأمها، والتي كانت في حضانتها هي وشقيقتها جنة، بتعذيبها هي وشقيقتها لأتفه الأسباب، وأنها كانت تكويهما بتسخين منجل على النار، وتضعه على أنحاء متفرقة من جسديهما الصغيرين، ووضعته أكثر من مرة في المناطق الحساسة من جسديهما.
وقالت الطفلة: "جدتي خلعت ظفرين من أظافري بـ(بنسة كهربا)، بعد أن فتحت الثلاجة من غير إذنها، وحرقت (جنة) أكثر من مرة، لأنها كانت بتعمل حمام على نفسها من الخوف والوجع، وضربتها وكسرت رجلها علشان بتجري في الشارع، وحبستها في الغرفة، وكانت تصرخ وتبكي كثير، فكانت جدتي تضربها، وتسخن المنجل وتكوينا لو قلنا عايزين نروح لبابا، أو عملنا أي حاجة، مهما كانت صغيرة".
وأضافت الطفلة: "كنا ساعات نصحى نصرخ من النوم علشان شوفنا حاجات وحشة، فكانت بتضربنا علشان ننام تاني واحنا ساكتين، وكانت بتقول لنا: هأقطّع من لحمكم علشان تنسوا أبوكم وتتربوا، لأنه كان مدلَّعكم وأنتم عنده، مع إن بابا كان كويس معانا هو وكل عيلته".
ردود فعل غاضبة
وكان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، علق على الجريمة البشعة بحق الطفلة جنة، قائلا: "تألمت كثيرًا بعد سماع ما ارتكب من جريمة وحشية بحق الطفلة البريئة (جنة)، تلك الطفلة الملائكية التي تحملت ويلات العذاب على يد من أوكلوا برعايتها، فما تعرضت له من حرق وتعذيب فاجعة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى".
وتابع فضيلته: "الآن صعدت روحها البريئة إلى بارئها تشكو ما حل بها من ألم وعذاب في غفلة منا جميعاً، ما حدث للطفلة (جنة) يضعنا جميعًا أمام مسؤولياتنا تجاه أطفالنا وأبنائنا، ولنعلم جميعاً أننا محاسبون أمام الله عليهم، وأطالب بتوقيع أقصى العقوبة القانونية على من سولت له نفسه المريضة ارتكاب هذه الجريمة الوحشية، وأدعو الله أن يحفظ أبناءنا من كل مكروه وسوء".
وأصدر المجلس القومي للطفولة والأمومة في مصر، السبت، بياناً يطالب بتوقيع أشد العقوبة على الجناة.
وقال المجلس إنه ينعى ببالغ الحزن والأسى الطفلة جنة، التي وافتها المنية اليوم إثر تعذيب الجدة لها لفترة طويلة.
وطالبت الدكتورة عزة العشماوي، الأمين العام للمجلس، بتوقيع أقصى عقوبة على الجناة، باعتبار الجريمة قتل عمد مع سبق الإصرار، ووفقاً للمادتين 230 و231 من قانون العقوبات المصري، فالعقوبة هي الإعدام.
فيما طالب آلاف المتفاعلين مع الحادث الحزين حول العالم بتطبيق أقصى عقوبة على الجدة المتهمة بالتعذيب.
وكتبت الفنانة شيرين رضا على موقع "أنستقرام": "جنة ماتت بعد ما اتعذبت على إيد أقرب الناس لها، بس يا ترى في كام جنة منعرفش عنهم أي حاجة، لو شكيت لحظة إن في حد بيعذب طفل بلغ عنه فوراً".
وعلق المخرج بيتر ميمي على تلك المأساة، وكتب عبر حسابه الشخصي على موقع أنستقرام: "واحنا بنتكلم عن محمد علي والكورة والجونة، كان في بنت عندها 5 سنين بتغتصب وتتعذب لغاية ما ماتت، يا ريت اللي يعرف حد غلبان عنده عيال يساعده مادياً، واللي يعرف حد جاهل بيهين ويضرب أطفاله يفهمه".
وكتبت الفنانة السورية كندا علوش: "حكاية جنة من أبشع القصص التي سمعتها طوال حياتي، مستغربة إن في بشر بالقسوة دي، من مزايا السوشيال ميديا تسليط الضوء على مثل هذه الجرائم وتشكيل ضغط لعقاب المجرمين".
وكانت النيابة العامة تلقت بلاغاً من مستشفى شربين العام، بوصول الطفلة جنة محمد سمير إلى المستشفى مصابة بإصابات بأنحاء مختلفة من جسدها، وحروق بمواضع عفتها، فبادرت بالانتقال إلى المستشفى وسؤال الطفلة، قبل وفاتها، والتي أقرت بقيام جدتها المتهمة بالتعدي عليها وإحداث إصاباتها.
وحققت النيابة العامة فيما أثير بشأن وقوع اعتداء جنسي على الطفلتين، ونفت التحقيقات صحة ما أثير، إذ أكدت تقارير مصلحة الطب الشرعي خلو جسد الطفلتين مما يشير إلى تعرض أيهما لأي اعتداءات جنسية.