التنويم المغناطيسي الافتراضي.. عصر جديد لتخفيف آلام المرضى (خاص)
من المشاهد الشائعة في أثناء إجراء العمليات الجراحية هو مشهد طبيب التخدير، وهو يحاول إلهاء المريض حتى يستخدم حقنة التخدير دون أن يشعر بأي قلق أو توتر.
وإذا كان ذلك شائعاً في العمليات الجراحية الكبرى، فإن هناك جراحات لا يتم تخدير المريض كلياً خلالها، مثل عمليات إدخال قسطرة في الوريد أو خياطة إغلاق الجروح، وهي التي يمكن أن يكون التنويم المغناطيسي الافتراضي مفيداً خلالها.
تقليدياً، يتضمن التنويم المغناطيسي مدرباً يقود الشخص إلى حالة تتميز بالاسترخاء العميق وزيادة الإيحاء، ويكرر ما يعرف بـ"التنويم المغناطيسي الافتراضي"، باستخدام سماعات الواقع الافتراضي، والجلسات الصوتية الموجهة، والمنصات التفاعلية.
وبينما يركز المتحمسون لهذه التقنية العلاجية على نجاحها في تجاوز الحواجز الجغرافية، مما يجعل العلاج في متناول الأشخاص بغض النظر عن موقعهم، كما تشرح الدكتوره إميلي فوستر، عالمة النفس السريري في الولايات المتحدة في دراسة لها، فإن هناك دراسات عديدة، أكدت فوائدها العلاجية والنفسية، التي تتجاوز هذه الفائدة الجغرافية.
واستكشف بحث منشور في "المجلة الدولية للعلاج بالواقع الافتراضي"، قدرات التنويم المغناطيسي بالواقع الافتراضي على إدارة الألم.
وشهد المشاركون الذين يعانون الألم المزمن انخفاضا بنسبة 25% في شدة الألم بعد ثمانية أسابيع من جلسات التنويم المغناطيسي الافتراضية، إذ نجحت بيئة الواقع الافتراضي في تحويل الانتباه بشكل فعال، مما قلل من إدراك الألم.
ويُظهر بحث تم تقديمه قبل نحو 5 سنوات في الاجتماع السنوي للجمعية الأوروبية للتخدير والعناية المركزة، أن استخدام نظارات الواقع الافتراضي أو التنويم المغناطيسي الطبي يمكن أن يخفف الألم والقلق لدى المرضى الذين يخضعون لإجراءات طبية قصيرة.
ويستفيد المرضى الذين يخضعون لإجراءات طبية قصيرة عادةً خارج غرفة العمليات (مثل إدخال قسطرة في الوريد أو خياطة/إغلاق الجروح)، من تقنيات الإلهاء لتقليل الحاجة إلى الأدوية التي تخفف الألم والقلق.
وبحث هذا البحث فيما إذا كان التنويم المغناطيسي الطبي أو نظارات الواقع الافتراضي تعمل كعلاج إضافي يقلل من الحاجة إلى أدوية إضافية.
وتم تقسيم المرضى في تلك الدراسة إلى مجموعتين، إحداهما ارتدت نظارات الواقع الافتراضي أثناء العملية، مما يوفر تشتيا بصريا ولفظيا للمريض من خلال فيلم كرتوني مصحوب بصوت هادئ، ويقدم الصوت والصور اقتراحات إيجابية تشبه التنويم المغناطيسي الطبي.
والأخرى خضعت للتنويم المغناطيسي التقليدي، حيث تم تشتيت انتباه المرضى من خلال الحديث المستمر وإعطائهم اقتراحات إيجابية لجعلهم يشعرون بأنهم في مكان آخر ويتخيلون القيام بشيء يحبون القيام به.
وقام الدكتور أوكور كافاك، طبيب التخدير بمستشفى جامعة بروكسل في بلجيكا، وهو منوم مغناطيسي معتمد، بإجراء التنويم المغناطيسي.
ومنذ بداية التدخل، أدى تطبيق التنويم المغناطيسي الافتراضي إلى نفس نتائج الشكل التقليدي في تقليل الألم والقلق بشكل كبير لدى المرضى الذين يخضعون للإجراءات الطبية.
وإلى جانب إدارة الألم، فإن هذه التقنية مفيدة أيضا في علاج القلق، وأفادت دراسة أجريت عام 2022 ونشرتها "مجلة علم النفس السريري"، بأن التنويم المغناطيسي الافتراضي قلل بشكل كبير من مستويات القلق لدى المشاركين، مقارنة بالمجموعة الضابطة.
وشملت الدراسة 100 مشارك خضعوا لست جلسات تنويم مغناطيسي افتراضي على مدى شهر، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 30% في أعراض القلق، مقارنة بالتنويم المغناطيسي التقليدي الشخصي.
ويقول محمود حمدي، استشاري التخدير في وزارة الصحة المصرية، لـ"العين الإخبارية" إن هذه الفوائد للتنويم المغناطيسي الافتراضي تعود لعدة أسباب، أهمها أنه يعمل على تغيير إدراك الدماغ للألم، فعندما يكون الشخص في حالة تنويم مغناطيسي يمكن أن يكون الدماغ أكثر تقبلاً للاقتراحات التي تغير كيفية معالجة إشارات الألم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض إدراك شدة الألم.
ويضيف: "كما أن الاسترخاء العميق الذي يتم تحقيقه من خلال التنويم المغناطيسي يساعد على خفض مستويات هرمون التوتر (الكورتيزول)، ويقلل من توتر العضلات، وهذا التحول الفسيولوجي يمكن أن يقلل بشكل كبير من القلق والألم".
وكما أن التنويم المغناطيسي التقليدي يجب أن يتم تنفيذه تحت إشراف متخصصين، فإن نفس الشيء ينطبق على النوع الافتراضي، الذي يحتاج إلى وجود مبادئ توجيهية ومعايير تنظيمية واضحة لضمان ممارسة آمنة وفعالة، كما يؤكد حمدي.
aXA6IDMuMTQyLjQzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز