حرب الجواسيس.. "كرة لهب" تتقاذفها روسيا والغرب وتدفع بوتين للتدخل
على أنغام "الحرب" الأوكرانية، كانت هناك حرب من نوع آخر بين روسيا والقوى الغربية، عمادها "الجواسيس"، وهدفها مكافحة "أنشطة التجسس".
تلك "الحرب" والتي سارت بشكل متواز مع الأزمة الأوكرانية، شهدت فصولا من التأرجح؛ فتارة تسجل روسيا اختراقات، وتارة أخرى يحرز الفريق الغربي أهدافًا في شباك خصمه.
وفي محاولة من روسيا لتحصين دفاعاتها ضد الجواسيس، طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهاز الأمن الاتحادي (إف إس.بي) اليوم الثلاثاء تكثيف نشاطه في مكافحة ما أسماه تزايد أنشطة التجسس والتخريب من جانب أوكرانيا والغرب.
ماذا طلب بوتين؟
وقال بوتين في كلمة أمام المسؤولين، إنه على الجهاز وقف "جماعات التخريب" التي تدخل روسيا قادمة من أوكرانيا وتكثيف جهود حماية البنية التحتية ومنع أجهزة الأمن الغربية من إعادة تنشيط ما أطلق عليه خلايا إرهابية أو متطرفة داخل روسيا.
وأضاف الرئيس الروسي: "لطالما اعتادت أجهزة المخابرات الغربية أن تكون نشطة دوما في روسيا، والآن ألقوا علينا أفرادا إضافيين وموارد تقنية وموارد أخرى إضافية. يتعين علينا اتخاذ رد فعل إزاء ذلك".
وأصدر توجيهات للجهاز بمنع تدفق الأسلحة بصورة غير مشروعة إلى روسيا وتعزيز الأمن في أربع مناطق من أوكرانيا سيطرت عليها روسيا جزئيا وأعلنتها جزءا من أراضيها، في تحرك نددت به أغلب الدول الأعضاء بالأمم المتحدة ووصفته بأنه غير قانوني.
ودأب بوتين على حث الروس على أن يأخذوا حذرهم من الخونة في وسطهم، وهي نبرة عاد إليها اليوم الثلاثاء، إذ قال "من الضروري تحديد ومنع الأنشطة غير القانونية لمن يحاولون تشتيت مجتمعنا وإضعافه".
حملة موازية
وعلى مدار العام الماضي، بينما كثفت الحكومات الغربية شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية ضد موسكو، شنت أجهزة الأمن الأمريكية والأوروبية حملة موازية، وإن كانت أقل وضوحًا، لشل شبكات التجسس الروسية، والتي كان أبرز نتائجها اعتقال مسؤول كبير في جهاز المخابرات الخارجية الألماني والإطاحة بعملاء روس مشتبه بهم في هولندا والنرويج والسويد والنمسا وبولندا وسلوفينيا.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست"، إن مسؤولي الأمن الأمريكيين والأوروبيين حذروا من أن روسيا تحتفظ بقدرات كبيرة، لكنهم زعموا أن وكالات التجسس التابعة لها تعرضت لأضرار أكبر خلال العام الماضي أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة.
وقال مسؤول أمني غربي كبير تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة العمليات الحساسة: "الروس سيواصلون محاولة" إعادة تشكيل شبكات في أوروبا، مشيرًا إلى أن بلاده ودولا أخرى تشاركوا هويات أولئك الذين طردوا مع أعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبي.
وواجهت السلطات في هولندا العام الماضي راكبًا قدم جواز سفر برازيليًا عند وصوله إلى مطار شيفول في أمستردام، بعد أن قبل منصبًا كمتدرب في المحكمة الجنائية الدولية.
إلا أن صحيفة "واشنطن بوست"، قالت إنه كان ضابطًا عسكريًا روسيًا يُدعى سيرغي تشيركاسوف تم إرساله إلى الخارج منذ أكثر من عقد من قبل وكالة المخابرات العسكرية الروسية، وفقًا للمسؤولين وسجلات المحكمة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اعتقلت السلطات في النرويج جاسوسًا روسيًا متهمًا في ظروف مماثلة. وكان المشتبه به قد تظاهر بأنه باحث برازيلي يركز على قضايا أمن القطب الشمالي في جامعة في شمال النرويج، وهي أوراق اعتماد مكنته من الوصول إلى الخبراء والمسؤولين الأوروبيين.
وقال المسؤولون إن وتيرة الاعتقالات والتعرض كانت مدفوعة جزئيًا بزيادة التعاون بين الخدمات الأوروبية، فضلاً عن تحول ما بعد أوكرانيا في عقلية البلدان، بما في ذلك ألمانيا، التي انتقدها بعض جيرانها الأوروبيين منذ فترة طويلة باعتبارها راضية جدًا بشأن التهديد من موسكو.
وقال مسؤول استخباراتي غربي كبير: "فبراير 2023 ليس هو نفسه فبراير 2021 أو 2019 (..) بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ليس هناك قدر كبير من التسامح أو مساحة كبيرة في أوروبا".
وقال مسؤول كبير في مكافحة التجسس في مكتب التحقيقات الفيدرالي: "لقد كشف عملنا أن الوكالات الروسية تزيد من قدرتها على تحمل المخاطر" ، رغم أنه رفض تقديم تفاصيل، مضيفًا: "في بعض الحالات أفعالهم تظهر لي اليأس".