البركان وحممه.. تمرد فاغنر يقود روسيا إلى المجهول
على فوهة المجهول تجد روسيا نفسها بإعلان مجموعة فاغنر تمردا مسلحا يهدد باستنساخ واحدة من أحلك فترات التاريخ الروسي.
ماذا حصل؟
بدأ التحول المؤسف للأحداث أمس الجمعة، عندما اتهم قائد فاغنر يفغيني بريغوجين الجيش الروسي بمهاجمة معسكر قواته وقتل "أعداد هائلة" من رجاله.
وتعهد بريغوجين بالانتقام، ملمحًا إلى أن قواته "ستدمر" أي مقاومة، بما في ذلك حواجز الطرق والطائرات.
وتراجع بريغوجين لاحقًا عن تهديده، موجها انتقاده لقيادة الجيش الروسي قائلا إنها "مسيرة للمطالبة بالعدالة" وليست انقلابًا، لكن الواضح أنه في تلك المرحلة تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها الكرملين.
استفحلت الأزمة عقب إعلان بريغوجين دخول مقاتليه منطقة روستوف الروسية والسيطرة على منشآت عسكرية رئيسية داخل عاصمتها، روستوف أون دون، المقر الرئيسي للقيادة العسكرية الجنوبية لروسيا والتي يبلغ عدد سكانها حوالي مليون شخص.
وأصدر بريغوجين شريط فيديو يقول فيه إن قواته ستحاصر روستوف ما لم يصل وزير الدفاع سيرجي شويغو ورئيس هيئة أركان الجيش الروسي، فاليري جيراسيموف للقائه.
كيف ردت روسيا؟
بعد ساعات، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطابًا إلى الأمة أوضح فيه عمق الأزمة التي يواجهها.
وقال بوتين: "أولئك الذين يسلكون عمدا طريق الخيانة، ويستعدون لتمرد مسلح في أثناء التحضير لهجمات إرهابية، سينالون جزاءهم المناسب".
وتابع الرئيس الروسي: "أي محاولة لإحداث اضطراب داخلي يمثل تهديدًا مميتًا لدولتنا بالنسبة لنا كأمة؛ ضربة لروسيا وجهودنا لحماية وطننا. مثل هذا التهديد سيواجه ردا قاسيا".
نار تحت الرماد
استخدم بريغوجين وسائل التواصل الاجتماعي للضغط من أجل تنفيذ ما يريده، وغالبًا ما كان يتعارض مع القيادة العسكرية الروسية، ويصوّر نفسه باعتباره بطلا مغوارا على عكس المؤسسة العسكرية.
طفت خلافاته مع قادة الجيش الروسي إلى السطح خلال معارك باخموت الطاحنة، والتي اتهم خلالها القيادة العسكرية مرارًا بالفشل في تزويد قواته بالذخيرة الكافية.
وفي أحد مقاطع الفيديو التي نشرها أوائل مايو/ أيار الماضي، وقف بريغوجين بجوار كومة من جثث مقاتلي فاغنر موجها حديثه بشكل خاص إلى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو وقائد القوات المسلحة الروسية الجنرال فاليري جيراسيموف.
وقال حينها: "الدم لا يزال ساخنا"، مشيرًا إلى الجثث خلفه، قبل أن يتابع: "لقد جاؤوا إلى هنا كمتطوعين ليموتوا حتى تتمكنوا من الجلوس مثل القطط السمينة في مكاتبكم الفاخرة".
ماذا يحدث الآن؟
يشكل خطاب بوتين الوطني مواجهة مباشرة في قلب المؤسسة الروسية في وقت تأمل فيه أوكرانيا إحراز تقدم خلال هجومها الصيفي.
وشبه بوتين ما يواجهه الآن بالثورة الروسية عام 1917، عندما أطاح البلاشفة بالقيصر الروسي نيقولا الثاني خلال الحرب العالمية الأولى، ما دفع البلاد إلى حرب أهلية ومهد الطريق في النهاية لقيام الاتحاد السوفياتي.
وقال بوتين: "كانت تلك نفس النوع من الضربة التي شعرت بها روسيا عام 1917، عندما دخلت البلاد الحرب العالمية الأولى وسرق منها النصر".
وحذر من أن "المؤامرات والنزاعات والمكائد السياسية خلف ظهر الجيش والشعب قادت إلى الصدمة الأكبر، تدمير الجيش وانهيار الدولة وخسارة مناطق شاسعة. وفي النهاية مأساة وحرب أهلية. الروس قتلوا الروس والإخوة قتلوا الإخوة".
ويرى ستيف هول، ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية، أن بريغوجين وضع نفسه في وضع محفوف بالمخاطر ويعرف جيدًا ما يواجهه.
ويقول هول إن "بريغوجين يعلم تماما المخاطر التي تواجهه، وهذا أمر مثير للاهتمام حقا، فهو يعلم حجم المخاطر ويعرف أنه إذا لم يفعل ذلك لن تسير الأمور على ما يرام بالنسبة له، ستسير الأمور بشكل سيء حقًا".
فرصة لأوكرانيا
في غضون ذلك، قوبل الانقسام الواضح داخل القوات الروسية بكثير من الابتهاج والشماتة في كييف.
ويعتقد مالكولم ديفيس، المحلل البارز في معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي، أن أوكرانيا ستكون حريصة على استغلال الاضطرابات، خاصة إذا اضطرت موسكو إلى نقل القوات من خط المواجهة.
وقال لسي إن إن: "من الواضح أنهم بحاجة إلى متابعة ما يدور بالفعل على صعيد تنظيم القوات الروسية على طول خطوطها الدفاعية".
وتابع "إذا تم سحب القوات الروسية في تلك المواقع لمحاربة فاغنر – لمواجهة التمرد الحالي، والذي يخشى أن يتحول إلى حرب أهلية -، فمن المحتمل أن ترى الأوكرانيين يحصلون على فرص جديدة، وتحديد ثغرات في الخطوط الروسية يمكنهم اختراقها واستغلالها ".
وأضاف: "إذا فتحت فجوات، فعليهم أن يكونوا مستعدين لاستغلالها".
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OSA= جزيرة ام اند امز