"حرب من أجل روح أمريكا".. معارك ثقافية رسمت ملامح الهوية الأمريكية
كتاب "حرب من أجل روح أمريكا" يشير إلى أن سنوات الستينيات منحت أمريكا "ولادة جديدة" وخلقت أمة أكثر انفتاحا.
يبرز كتاب "حرب من أجل روح أمريكا"، الذي صدرت ترجمته العربية مؤخراً عن دار "كتب خان" بالعاصمة المصرية القاهرة، الدور الكبير الذي لعبته المعارك الثقافية في تحديد المظهر الأساسي للهوية الأمريكية منذ النصف الثاني للقرن الـ20.
ويكشف الكتاب الصادر في 448 صفحة من القطع الكبير أن الانقسام في المجتمع الأمريكي يسكن في العصب الحي لهذه الأمة الفريدة، ولا مفر منه، معتبراً أن خوض معارك حول ماهية الفن وضرورة دعمه حكومياً، وأشكال الرقابة التي تمارس عليه، فضلاً عن النقاش حول نوعية ما يجرى تقديمه على شاشات التلفزيون، أو مناهج الدراسة، كل ذلك كان أشبه بـ"دوامة" ابتعلت معظم الحياة السياسية والفكرية الأمريكية.
قام بترجمة الكتاب عمار جمال، وهو من تأليف أندرو هارتمان، أستاذ التاريخ في جامعة ولاية إلينوي، والذي يقوم بتدريس مقررات في التاريخ الفكري والثقافي والسياسي للولايات المتحدة، وحاصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة جورج واشنطن في عام 2006.
ورغم إقرار الكاتب بأن الحروب الثقافية أصبحت في عداد الماضي الأمريكي، فإنها في الوقت نفسه تحدث ضمن مستوى مختلف، وتشكل من منطق مغاير، ويؤكد أن الثقافة الأمريكية نجحت في الاستيلاء على القوى المناهضة التي كان مصدرها اليسار الأمريكي، وقامت بدمجها ضمن فعالية جديدة اسمها "الليبرالية الجديدة".
ويعرض الكتاب مجمل النقاشات التي دارت حول الصورة التي ينبغي أن تشكل تاريخ أمريكا، الذي يتم تدريسه في المدارس والجامعات، حيث كان السعي دائماً لتخليص الأمة من كل الأخطاء التي عاشتها عبر تاريخها، رغم الإقرار في المناقشات العامة بأن الشعوب المقهورة ساعدت أيضاً في تحديد ما يسمى بـ"تشوه والتحام التاريخ".
يقول الكتاب إن سنوات الستينيات منحت أمريكا "ولادة جديدة"، وخلقت أمة أكثر انفتاحاً على شعوب وثقافات جديدة، صاغت صورة مختلفة لأمريكا نفسها، وربما كانت متضاربة أو متناقضة.
فقد بنيت أمريكا الجديدة التي خرجت من رحم الستينيات على نمط أكثر تعددية، وأكثر علمانية ونسوية، وعلى أنقاض أمريكا المعيارية، والعنصرية التي كانت غارقة في أشكال مختلفة من التمييز.
ويشير في هذا السياق إلى الأثر الذي تركته النزعات البوهيمية التي قادها كتاب طليعيون مثل الشاعر ألن جنسبرج، أو جاك كرواك، فبفضل أمثال هؤلاء تعرفت الجماهير على الثقافة البوهيمية، وظهرت حساسية جديدة، حتى في السياسة تجاوزت النزعة المحافظة لأمريكا الحرب الباردة.
ويستعرض الكتاب عبر 10 فصول تاريخ الحروب الثقافية داخل السياسة الأمريكية إلى أن تمكن المجتمع الأمريكي من إدراك هويته، بعد أن دخل أغلب الأمريكيين في مرحلة "التكيف" مع النتائج التي خلفتها تلك النقاشات، وبعد أن ساعدت حركات تحرر الستينيات الأقليات العرقية للوصول إلى مواقع مؤثرة، لكن عدم المساواة اقتصادياً لا يزال مستمراً ومؤثراً.
وينتهي الكتاب بالإشارة إلى أن المعضلة الحقيقية هي امتلاك ثورة ثقافية، ومعها ثورة ديمقراطية اجتماعية بالتزامن، ولكن ما يشير إليه الواقع أن الثورة الثقافية التي تغير المعتقدات والأفكار ربما لا تزال أسهل، وهي مرجحة أكثر من الديمقراطية الاجتماعية.
aXA6IDEzLjU5LjEzNC42NSA= جزيرة ام اند امز