"جروبات واتساب" تكسر قيود الحوثي وتنعش تجارة اليمنيين
لمواجهة تبعات حرب مليشيات الحوثي في اليمن سُبُلٌ عديدة، فكما قاسى منها اليمنيون، وهم يواجهونها بابتكارات لتخطي واقعهم الأليم.
فقد فرضت التبعات الاقتصادية لحرب الحوثي واقعًا حصر التجار اليمنيين في خيارات ضيقة، تقلصت فيها حجم الأسواق مع صعوبة التنقل بين المحافظات، وجعل محترفي التجارة منهم يبتكرون طرقًا عصرية لمواجهة هذا الواقع.
واستثمر اليمنيون، خاصة النساء خدمة الإنترنت لاستحداث ما عُرف بـ"جروبات واتس نسائية" للبيع التجاري.
غير أن هذه الطريقة المستحدثة لتلافي التداعيات الاقتصادية للحرب، لم تخلُ من العيوب والانتقادات، رغم مزاياها اللافتة كونها وفرت الوقت والجهد للنساء على وجه الخصوص، وجاءت وفق احتياج حقيقي للأسر اليمنية في زمن الحرب.
مزايا ونجاحات
تقول أم ياسر العدني، وهي مشرفة ومديرة "جروب" على تطبيق "واتس آب" باسم "كل ما تحتاجه حواء": إن توفر خدمة الإنترنت سمح للعديد من سيدات الأعمال في مدينة عدن والمدن اليمنية الأخرى بافتتاح أسواقًا من نوع آخر، لم يعتادوها من قبل.
وتشير أم ياسر لـ"العين الإخبارية" إلى أن هذه "الجروبات" المغلقة على النساء فقط، قدمت خدمات كثيرة لربة المنزل اليمنية، وقدمت لها خيارات عديدة من البضائع، خاصة الأزياء النسائية وملابس الأطفال.
كما وفّرت هذه التطبيقات فرصة للنقاش مع مئات الزبائن في "الجروب"، وما الذي يناسبها، وهذه بحسب أم ياسر أهم ميزة يمكن لهذه الخدمة والتجربة توفيرها.
بالإضافة إلى أنها تمنح المرأة فرصة للاطلاع على كل جديد من الموضة وأسعارها وأنواع الملابس، وهي جالسة في منزلها وبين أطفالها، ولا تحتاج للنزول إلى الأسواق، وفق وصف أم ياسر.
وتضيف: أن هذه التجربة، سمحت لكثير من سيدات الأعمال بتوظيف نساء أخريات في عمليات التسويق والترويج للبضائع في "جروبات" أخرى، ومنحهنّ نسبة من الأرباح".
ولفتت أم ياسر العدني إلى أن هذه الابتكارات والأفكار منحت المرأة اليمنية فرصة أخرى للعمل أيضًا، وتجاوز تبعات الحرب والظروف المعيشية، والدخول في عالم التجارة، وإن كان في إطار محيطها النسوي.
وعن مصدر البضائع التي يتم عرضها وتداولها في "جروبات" البيع الإلكتروني، قالت أم ياسر إنها تأتي عبر المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية ودول الخليج، بالإضافة إلى بعض البضائع التي يوردها التجار التقليديون من الأسواق الصينية.
عيوب التجربة
لا تخلو أي تجربة مهما كانت ناجحة من العيوب أو يشوبها بعض السلبيات، التي قد تجعل البعض يعزف عن الالتحاق والانضمام إلى هذه الجروبات.
وتقول أم سلمى رشيد، وهي زبونة في جروبات لبيع المقتنيات النسائية، إن بعض البائعات عبر هذه الوسائل لا يلتزمنّ بالمواصفات وحتى الألوان التي تطلبها الزبونة، أو التي يتم الإعلان عنها في "الجروبات" ولهذا تحدث المشاكل، التي يمكن أن تصل إلى مستوى "النصب المتعمد".
كما تؤكد أم سلمى لـ"العين الإخبارية"، أن مثل هذه "الجروبات" تجذب النساء ومحبي التسوق الإلكتروني نظرًا لميزاتها في تقديم أسعار مناسبة، أقل من تلك المتواجدة في الأسواق العادية، بالإضافة إلى ميزة التسوق وهنّ في منازلهنّ.
لكنها تستدرك، وتشير إلى وجود بعض البائعات اللاتي يبالغنّ بأسعار الحاجيات وخاصة الملابس، والبضائع التي تتعلق بمقتنيات الأطفال، حيث ترتفع أسعارها بشكل خرافي مع قرب مناسبات الأعياد تحديدًا.
وتضيف أم سلمى أن عملية التسديد المالي عند شراء المقتنيات أو الملابس يشوبها الكثير من المشاكل أيضًا، حيث اشتكت عدد من الزبائن من عدم استلام ما اشترته رغم دفعها للمبالغ التي غالبًا ما يتم وضعها في محلات تجارية باسم التاجرة أو صاحبة البضاعة.
ولفتت إلى تفاجئ البعض بالحصول على ملابس لا تتوافق والجودة أو المواصفات التي تم الإعلان عنها عند الترويج للسلعة، وهو أيضًا ما يؤدي إلى خروج الزبائن وانسحابهم من هذه "الجروبات" التي تفقد سمعتها بسرعة.
مجموعات أخرى
ولا تقتصر تجربة البيع والتجارة الإلكترونية على "جروبات النساء"، رغم أنها الأكثر انتشارًا وشيوعًا، ولكن ثمة "جروبات" تجارية مغلقة هي الأخرى على الرجال، وتركز نشاطها على بيع وشراء العقارات والسيارات.
وتنشط بكثرة المجموعات الإلكترونية المتعلقة ببيع وشراء العقارات، وأنواع السيارات المستعملة، وكذا مجموعات للجوالات والأدوات المنزلية الكهربائية.
بالإضافة إلى اعتماد كثير من المتاجر والمحال التقليدية على إنشاء مجموعات للزبائن في منصات التواصل الاجتماعي، خاصةً في "واتساب" و"فيسبوك"، تقوم بعرض وترويج أحدث البضائع التي توفرها تلك المتاجر، وأسعارها ومواصفاتها.
وتعاني هذه المجموعات من ذات المزايا والعيوب التي تتسم بها بقية "الجروبات" الخاصة بالنساء، والتي تمثل انتشارًا أكبر.
ويرى اقتصاديون يمنيون أن مثل هذه التجارب بحاجة إلى من يرصدها رصدًا اقتصاديًا علميًا، ويقوم بدراستها لتبيان فوائدها ومساوئها، وقياس مدى جدواها.
كما أن هذه التجربة بحاجة إلى معرفة حجم التداول المالي الذي يتم فيها، وهذا قد يساعد على تطويرها وتحسينها، وربما وضع ضوابط رسمية تحفظ لكل من يمارس هذه التجربة حقوقه، ويحدد واجباته.