ما قبل الميلاد.. أول معاهدة سلام مكتوبة في التاريخ
في العام 1274 قبل الميلاد شهدت مدينة قادش على الضفة الغربية لنهر العاصي في سوريا معركة قوية بين المصريين والحيثيين.
تدخل الإمارات وإسرائيل، الثلاثاء، التاريخ من أوسع أبوابه وتنضمان معاً لقائمة تحتفظ بها الأمم المتحدة لجميع معاهدات السلام حول العالم، والتي سجل المصريون القدماء أول سطورها في "قادش".
ففي العام 1274 قبل الميلاد، شهدت مدينة قادش على الضفة الغربية لنهر العاصي جنوب بحيرة حمص في سوريا، معركة قوية بين المصريين بقيادة الملك رمسيس الثاني والحيثيين بزعامة الملك مواتللي الثاني.
دخلت القوتان العظميان آنذاك بالعالم في حرب ضارية وإن كانت تعود إلى عهد الملك إخناتون، لكن لم تتمكن أي منهما من حسمها، ما دفعهما إلى توقيع معاهدة سلام بينهما حملت اسم (قادش) نسبة إلى المكان الذي وقعت فيه.
وعلى جدران معبد الكرنك (جنوب مصر) جرى تسجيل تفاصيل معاهدة السلام بين المصريين القدماء والحيثيين، بعد تعادل الطرفين ولجوئهما إلى التصالح لإنهاء الصراع على النفوذ الذي كلف كلتا الإمبراطوريتين الكثير من الأرواح والخسائر.
وقد سجلت معاهدة السلام بالخطين الحيثي على لوح من الفضة باسم الملك خاتوشيلي، والهيروغليفي على جدران معبدي الكرنك والرامسيوم في طيبة (الأقصر حاليا) في جنوب مصر.
والحيثيون هم شعب هندوأوروبي سكن في آسيا الصغرى وشمال بلاد الشام منذ 3 آلاف عام قبل الميلاد، وشملت مملكتهم الأناضول وجزءا كبيرا من شمال غرب الهلال الخصيب.
سر تسجيل المعاهدة
بعد وفاة الملك مواتللي تولى ابنه الحكم وبعد عدة سنوات من الحكم حل محله عمه الملك خاتوشيلي الثالث وانتهز رمسيس هذه الفرصة وتقدم نحو تونيب أو توشب واستولى عليها.
هنا بدأت قوة الأشوريين (شمال العراق حاليا) في إظهار نفوذهم وتهديد المناطق المصرية والحيثية، ما دفع الطرفان إلى توقيع معاهدة سلام بينهما، وذلك في العام الـ21 من حكم الملك رمسيس الثاني (حوالي 1258 ق.م).
ولا تزال هناك نسخة من الطين لمعاهدة قادش، بعد أن نجت في العاصمة الحيثية حاتوسا حتوساس الموجودة جغرافيا في تركيا، ومعروضة في متحف الآثار في إسطنبول.
ويحتفظ المقر الدائم للأمم المتحدة كذلك بنسخة طبق الأصل لمعاهدة قادش كأول معاهدة سلام مكتوبة وموثقة في التاريخ، حيث يتبين أن النسخ الحيثية منقوشة على ألواح الطين والمصرية مكتوبة على أوراق البردي.
بنود المعاهدة
بحسب كتابات الملك رمسيس الثاني، فإن مواتللي الثاني ملك الحيثيين هو من طلب الصلح مع الفراعنة، وبعيداً عن فكرة المبادر بالصلح فقد شملت المعاهدة مجموعة من البنود الهامة.
ركزت بنود معاهدة قادش على أهمية إقامة علاقات جيدة بين الدولتين المصرية والحيثية، والسعي إلى إحلال سلام أساسه احترام سيادة أراضي كل منهما.
وتعهد الطرفان كذلك بإنهاء الصراعات العسكرية، وعدم تحضير الجيوش لمهاجمة الطرف الآخر، وإقامة تحالف وقوة دفاعية مشتركة، واحترام الرسل والمبعوثين بين الدولتين لأهمية دورهم لتفعيل السياسة الخارجية، واللجوء إلى لعنة الآلهة كضمانة لهذه المعاهدة ومعاقبة الناكث بها.
وفي مدخل معبد الأقصر جرى سرد البطولات التي حققها الجيش الفرعوني ضد الحيثيين، وكذلك معبد أبوسمبل، حيث توضح الجداريات أن الملك رمسيس الثاني قبل بمعاهدة السلام بـ"رأس مرفوعة"، جعلت منه "أول بطل للحرب والسلام".
aXA6IDE4LjExNy4xNjguNzEg جزيرة ام اند امز