«روسيا على حافة الركود».. اعتراف علني نادر من موسكو في «سانت بطرسبورغ»

في تحول نادر وخطير في الخطاب الرسمي الروسي، حذر وزير الاقتصاد الروسي، ماكسيم ريشيتنيكوف، خلال المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبورغ، من تباطؤ اقتصادي قد يدفع البلاد إلى حافة الركود، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب مع أوكرانيا قبل أكثر من 3 سنوات.
ورغم صمود الاقتصاد الروسي أمام العقوبات الغربية خلال 2023 و2024، تشير المعطيات الجديدة إلى تدهور واضح، يعكس تصاعد التحديات الداخلية، في ظل الإنفاق الضخم على القطاع العسكري.
أهمية الموضوع:
- يعكس التحذير الرسمي الروسي من تباطؤ الاقتصاد تحولًا جوهريًا في الخطاب الحكومي، وهو ما يشير إلى تصاعد التحديات الهيكلية نتيجة الاعتماد الكبير على الإنفاق العسكري.
- رغم صمود مؤقت أمام العقوبات، بدأ الاقتصاد المدني يعاني من ركود فعلي وسط ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع استثمارات القطاع الخاص.
- يشير الخبراء إلى أن تجاوز الأزمة يتطلب إصلاحات جذرية تشمل تنويع مصادر النمو، ودعم القطاع المدني، وجذب الاستثمارات الأجنبية لتجنب ركود طويل الأمد.
تحذير نادر
للمرة الأولى منذ بداية الحرب في أوكرانيا، أطلق الكرملين، من خلال وزير الاقتصاد الروسي ماكسيم ريشيتنيكوف، تحذيرًا صريحًا بشأن الوضع الاقتصادي في البلاد.
وفي تصريحات أدلى بها يوم الخميس خلال المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبورغ، قال وزير الاقتصاد إن البلاد "على حافة" الركود، وفقًا لما نقلته عدة وسائل إعلام من بينها "لكسبريس" الفرنسية.
من جانبها، قالت بريجيت غرنفيل، الباحثة الفرنسية وأستاذة لاقتصاديات الدول النامية بكلية الملكة ماري (جامعة لندن) لـ"العين الإخبارية" إن الركود قائم بالفعل في القطاع المدني، فيما يستمر النمو العام بشكل اصطناعي نتيجة الإنفاق العسكري والسياسات الوقائية الأمنية.
وتحذر الباحثة الفرنسية من أن هذا النمو مؤقت ومرهون باستمرار الحرب وارتفاع أسعار السلع، ما يعني أن روسيا تواجه مخاطر ركود فعلي إذا ما تراجعت هذه القاطرات.
كما رأت أن التحول إلى اقتصاد مستدام يتطلب تنويع مصادر النمو، ودعم القطاع الخاص المدني، وتخفيض سعر الفائدة، وإعادة جذب الاستثمار الأجنبي، وتحسين مناخ حقوق الملكية العالمية.
ووفقاً للباحثة الاقتصادية الفرنسية فإنه بدون تغيير في السياسات، والتخلي عن الاقتصاد المحرك بالحرب، فإن روسيا تواجه احتمالية أن تتراجع إلى ركود اقتصادي عميق سيستمر معه تراجع مستويات المعيشة، وتراجع الأعمال الخاصة، وتزايد الضغط على الموازنات الحكومية.
الأرقام تشير إلى تباطؤ
ورغم أن روسيا، بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، أظهرت خلال عامي 2023 و2024 قدرة مفاجئة على الصمود في وجه العقوبات الغربية المفروضة منذ فبراير/ شباط 2022، يبدو أن الوضع بدأ يتغير في الأشهر الأخيرة.
وقال ريشيتنيكوف: "وفقًا للأرقام، هناك تباطؤ اقتصادي"، مشيرًا أيضًا إلى تزايد عدد الشركات التي تواجه صعوبات مالية، وذلك بسبب القروض ذات الفوائد المرتفعة.
وأوضح أن الاستثمارات الضخمة في القطاع الصناعي العسكري لم تعد كافية لدفع عجلة الاقتصاد، الذي بات يعاني من تباطؤ نتيجة سياسة نقدية شديدة الصرامة تتبعها المصرف المركزي الروسي، في محاولة للسيطرة على التضخم الذي يناهز حاليًا 10%.
وسيلة للخروج من حالة ارتفاع حرارة الاقتصاد
ما يجعل تصريحات الوزير لافتة هو أنها المرة الأولى التي يقر فيها علنًا بهذا المستوى من القلق. وبحسب ما أوردته وسائل إعلام محلية، فإن ريشيتنيكوف وعددًا من الفاعلين الاقتصاديين المؤثرين يضغطون من أجل خفض سعر الفائدة الرئيسي، والذي يبلغ حاليًا 20%، وذلك لتحفيز الإنفاق ودعم الاقتصاد.
من جهتها، اعتبرت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، أن التباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي يمثل "وسيلة للخروج من حالة فرط النشاط الاقتصادي"، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
وتشير توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OCDE) إلى أن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي، الذي بلغ 4.3% في عام 2024، سينخفض إلى 1% فقط في عام 2025.
ومع ذلك، يرى وزير الاقتصاد أن الركود لا يزال أمرًا يمكن تجنبه. وقال: "أعتقد أنه إذا تم اتخاذ الإجراءات الصحيحة، فلن نواجه هذا السيناريو.