أنهار أكثر دفئاً.. الاحترار العالمي «يستعر» بلا هوادة
تزداد الحرارة ارتفاعًا، وتزداد الأنهار مقابلها دفئًا؛ فما تبعات هذا؟
مع تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي، تتأثر الأرض ما عليها، ولا تسلم مياه الأنهار أيضًا، والتي تُعد المصدر الرئيسي للمياه العذبة بالنسبة للإنسان وأغلب الكائنات الحية؛ إذ كشفت مجموعة بحثية دولية من جامعتي ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة والموارد الطبيعية وعلوم الحياة في فيينا، باستراليا، أنّ درجات حرارة مياه الأنهار ترتفع، وتفقد الأكسجين بصورة أسرع من المحيطات.
مياه دافئة
استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق؛ لقياس جودة المياه لما يقرب من 800 نهر، منهم: 580 نهر في الولايات المتحدة، و216 نهر في أوروبا الوسطى. وأعادوا بناء بيانات: درجات الحرارة والأكسجين المذاب في تلك الأنهار، ووجدوا أنه خلال آخر 4 عقود:
- ارتفعت درجات الحرارة في 87% من الأنهار.
- فقدت 70% منها الأكسجين المذاب فيها.
ويتوقع الباحثون حدوث انخفاض حاد في مستويات الأكسجين وارتفاع حرارة المياه في الأنهار خلال الـ 70 عامًا القادمة، ما قد يتسبب في موت الكثير من أنواع الأسماك، ونشروا ما توّصلوا إليه في دورية «نيتشر كلايمت تشانج» (Nature Climate Change) في 14 سبتمبر/أيلول 2023.
على غير توّقع
من الطبيعي أنه مع ارتفاع درجات الحرارة، ترتفع حرارة مياه المحيطات وتفقد الأكسجين المذاب فيها، لكن هذه المرة الأولى التي يلاحظ فيها العلماء أنّ حرارة الأنهار أيضًا ترتفع وتفقد الأكسجين، والأدهى أنّ هذا يحدث بوتيرة أسرع مما يحدث في المحيطات. وهذا ما فاجأ العلماء. ولاحظوا أيضًا أنّ حرارة مياه الأنهار في المناطق الحضرية أسرع من حرارة مياه الأنهار الموجودة في المناطق الزراعية.
وتوابع أخرى..
وهناك العديد من التأثيرات الأخرى التي يمتد أثرها لحياتنا، من ضمنها:
قليل من أكسجين
وجد الباحثون أنّ انخفاض الأكسجين في الأنهار، أو فقدان الأكسجين المذاب، يؤدي أيضًا إلى انبعاث الغازات الدفيئة والمعادن السامة. وتُشير توقعاتهم إلى أنّ معدل فقدان الأكسجين، سيزداد بنسبة أعلى من المعدلات التاريخية، بما يتراوح بين 1.6 إلى 2.5 مرة. كل هذا يأتي بالسلب على حياة الكائنات الحية التي تعيش في تلك الأنهار.
- البشر واحتمالات انقراض النبات.. سيناريو البقاء معا أو الفناء للجميع
- توقعات الشتاء الأمريكي.. «النينيو» تفرض طقساً أكثر دفئاً بالشمال
وأسماك أقل
في أغلب الأحيان، تكون المياه الباردة هي الأكثر غنى بالمواد الغذائية، كما أنها الأكثر ملائمة للمعيشة. لذلك، تهرب العديد من الأنواع البحرية؛ خاصة الأسماك من المياه الدافئة إلى الباردة، وهذا يعني أنّ دفء الأنهار هذا، قد يتسبب في هجرة الأسماك القريبة من السطح إلى الأعماق، حيث الحرارة المعتدلة والغذاء المتاح، ما يقلل من الكميات المتاحة لغذاء البشر والكائنات الحية الأخرى. من جانب آخر، قد لا تتحمل الأسماك تلك الظروف الجديدة وتنفق. كما أنّ تلك الظروف لا تتناسب معها.
جودة أقل
مع ارتفاع درجة حرارة مياه الأنهار، تقل جودة مياه الأنهار، وهذا ما وجدته مراجعة علمية حللت ما يزيد عن 900 دراسة، ونشر العلماء ما توّصلوا إليه في دورية «نيتشر ريفيوز إيرث آند إنفيرونمنت» (Nature Reviews Earth & Environment) في سبتمبر/أيلول 2023.
ندرة المياه
تعاني العديد من المناطق في جميع أنحاء العالم من ندرة المياه، وفي وطننا العربي أيضًا، وأبرز الأمثلة: تونس والكويت ولبنان وقطر، وتسد الأنهار حصة كبيرة من تلك المياه التي نحتاجها في حياتنا، ومع تأثرها بتبعات التغير المناخي، يزداد الأمر سوءًا.
يزداد وعي البشر يومًا بعد يوم بما يتعلق بقضية التغير المناخي، لكن الخطوات الجادة قليلة، وما زال الوضع غير مستقر، وفي تفاقم مستمر.