على دول المنطقة الاقتداء بتجربة دولة الإمارات التنموية، وتعلم الدروس والاستفادة من خبرتها باعتبار أنها تسهم بفاعلية في صناعة المستقبل.
لايزال التساؤل حولنا وحول الغرب مطروحاً في سياق البحث عن الإجابة الكافية لحل معادلة الضحية والجاني، هذا إلى جانب جدليات النهوض بواقع المجتمعات في سياق حملات الاندماج في نظام العولمة. ظل سؤال المستقبل مؤشر قياس التعامل والتفاعل مع البيئة الدولية، كما أن إدارة هذه العلاقة أصبحت تتم عبر توظيف مفاهيم الحداثة والعصرنة كمعيار للضبط الحضاري.
الإجابات حول صناعة السلام والأمن التي بحثتها قمتا وارسو وميونيخ، نجدها في العودة إلى محاور القمة العالمية للحكومات التي تركز على استشراف المستقبل ودور الحكومات في تقديم إجابات حقيقية وفعلية تواكب التصاعد الذي يميز سقف توقعات المواطنين في ظل ما يطرحه التطور التكنولوجي في العالم
من وارسو إلى ميونيخ، ووسط لقاءات وتجاذبات حول بحث سبل السلام وصناعة الأمن في المنطقة العربية خصوصا، لاحظنا وجود الكثير من الضبابية والتردد في السلوك الغربي تجاه قضايا المنطقة لاسيما فيما تعلق بمحاربة المسؤولين عن نشر التطرف والإرهاب، وهو الأمر الذي انعكس على التشخيص الفعلي للأزمة وضرورة تحميل مسؤولية الانزلاقات التي تعرفها المنطقة للفواعل التي تستثمر في الأزمات اليوم.
إن سياسة التردد والتأرجح التي تميز سلوك الدول الغربية تجاه قضايا الأمن والسلام العالمي هي ما أصبح يشكل عاملا مقوضا للجهود؛ لأنها تخفي إرادتها وتبرر ذلك بالاتهامات التي تفتقد إلى الآليات الكفيلة بتطبيق العقوبات على كل من يهدد الأمن والسلام، فالإشكالية إذاً تكمن في غياب التنفيذ الذي تصنعه ضعف الإرادة ويجسده التردد، والنتيجة بالطبع تكون على حساب المصالح العربية بالأخص.
وكان أبرز الجوانب وضوحاً من وارسو إلى ميونيخ، هي حالة الانقسام التي بدت واضحة في المشهد بين ما تصنعه السياسة الأمريكية والسلوك الأوروبي الممتعض منها. لكن الجدير بالملاحظة أيضا هو استعمال إيران كحلقة تأثير، فبين وعود مؤتمر وارسو بفرض المزيد من العقوبات على إيران، ومؤتمر ميونيخ الذي يظهر قبولا للسلوك الإيراني، نقف صراحة عند حالة تبين غياب الإرادة بسبب تجاذبات المصالح، ومن خلال ذلك تؤجل الحلول إلى إشعار آخر، وتعلق أدوات العمل على تنفيذ متطلبات إقرار السلام والأمن في المنطقة.
إذاً لا جديد حملته قمة وارسو وقمة ميونيخ سوى الإدانة، لكن هل تصح الإجابة على تحديات المستقبل بالإدانة؟ سؤال سرعان ما تجيب عنه دولة الإمارات في تميزها من خلال استضافتها لقمة الحكومات العالمية، ومعرض ومؤتمر الدفاع الدولي "أيدكس 2019". إنها فعاليات عالمية ورؤية استشرافية بناءة، تقدم من خلالها الإمارات نموذجا متميزاً في صناعة تنمية ونهضة الإنسان بالمفهوم والمقاييس العالمية، وتسهم في تغيير القناعات بأن الوطن العربي قادر على صناعة نهضته، خصوصا عندما يكون مستقبل الإنسان هو الموضوع الأهم، وهنا نلمس بوضوح تحول الجهود من حكومية فردية إلى دولية لخدمة كل الإنسانية.
أعتقد جازما بأنه على دول المنطقة الاقتداء بتجربة دولة الإمارات التنموية، وتعلم الدروس والاستفادة من خبرتها باعتبار أنها تسهم بفاعلية في صناعة المستقبل، فالنجاح في جمع ممثلي 150 دولة و3500 شخصية قيادية في القمة العالمية للحكومات، وما يفوق 70 وزير دفاع في العالم في معرض أيدكس، هو إنجاز يتفوق على التجمعات التي نظمتها أكبر التنظيمات الدبلوماسية في العالم، ويؤكد أن الإمارات هي أرض التوافق، وأن دورها يحظى بقبول وتزكية عالمييْن، فالإمارات اليوم هي عنوان حقيقي للديناميكية والنجاح في الاستثمار الفعال في رأس المال البشري والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وفق منطلق إبداعي وابتكار نوعي.
من أجل ذلك فإن الإجابات حول صناعة السلام والأمن الذي بحثته قمتي وارسو وميونيخ، نجدها في العودة إلى محاور القمة العالمية للحكومات التي تركز على استشراف المستقبل ودور الحكومات في تقديم إجابات حقيقية وفعلية تواكب التصاعد الذي يميز سقف توقعات المواطنين في ظل ما يطرحه التطور التكنولوجي في العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة