مؤتمر واشنطن لتحالف الأديان.. انطلاقة سلام في فضاء متسامح
فعاليات "مؤتمر واشنطن للتحالف بين الأديان" انطلقت مساء الإثنين، بمشاركة رجال دين أمريكيين، وعدد كبير من العلماء والأكاديميين والباحثين
انطلقت مساء الإثنين، في العاصمة الأمريكية، فعاليات "مؤتمر واشنطن للتحالف بين الأديان"، بمشاركة رجال دين أمريكيين، وعدد كبير من العلماء والأكاديميين والباحثين في الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، وسط دعوات لنشر السلام والتسامح وتعزيز قيم التعايش المشترك.
وبدأت فعاليات المؤتمر الذي ينعقد على مدار ثلاثة أيام متتالية، بكلمة ترحيبية ألقاها العلّامة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، أثنى فيها على حضور القساوسة والحاخامات والأئمة من الغرب والشرق.
وأكد ابن بيه على أن لقاء واشنطن غرضه الأول والأخير هو تعزيز السلم العالمي، وذلك لأن العالم اليوم يشهد الكثير من الحروب والمآسي، وأحياناً تتلبس هذه الحروب اللبوس الديني، إلا أن الأديان ليست سبباً بالحروب، وإنما هي دعوة للمحبة والسلام.
وقال الشيخ ابن بيه إن "اللقاء في واشنطن تعود بداياته إلى الاجتماعات الأولى مع القس مكاري وفندلي، والحاخام روبر، في مراكش، على مائدة حقوق الإنسان والحريات والسلام، حيث أصدرنا إعلاناً تاريخياً، قدمنا فيه رؤية ورواية الإسلام عن حقوق الإنسان والمواطنة التعاقدية".
رئيس منتدى تعزيز السلم أشار إلى أن تـﻔﻌﯿﻞ ﻤﺒﺎدئ إعلان مراكش وﺗـﻌﺰﯾـﺰ ﻤﺒﺎدرات قافلة السلام الأمريكية، ﺿـﺮورة ﻣـﻠﺤﺔ؛ ﻟـﻤﻮاﺟـﮭﺔ اﻟﺘﺤـﺪﯾـّﺎت اﻟـﻜﺒﯿﺮة، التي تواجه الإنسانية ﻋـﻠﻰ كل اﻟﻤﺴـﺘﻮﯾـﺎت، وبخاصة ﻓـﻲ ظـﻞّ اﻟـﻌﻨﻒ المستشري واﻟـﮭﺸﺎﺷـﺔ ﻏـﯿﺮ اﻟﻤﺴـﺒﻮﻗـﺔ، التي تسم الأوضاع الراهنة على مستوى العالم، ﺣـﯿﺚ ﺗـﺘﻔﺎﻗـﻢ ﯾـﻮﻣـﺎً ﺑـﻌﺪ آخر مشكلات الفقر والبطالة واﻟـﻨﻤﻮ اﻟـﺴﻜﺎﻧـﻲ، واﻟـﺘﺪھـﻮر اﻟـﺒﯿﺌﻲ، واﻧﻌﺪام اﻷﻣﻦ، واﻟﺘﻤﯿﯿﺰ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻌﺮﻗﻲ.
وحول إعلان مراكش 2016، وأكد الشيخ عبدالله بن بيه أنه وثيقة إسلامية أصيلة، تستمد فحواها ومضمونها من صحيفة المدينة المنورة، التي عقدها الرسول الكريم مع اليهود في المدينة. ما يعني أن العنف والظلم الذي يلحق بالأقليات الدينية في العالم الإسلامي في الوقت الراهن ليس بسبب الاسلام، وإنما بسبب منحرفين ومتطرفين اختطفوا الدين لغايات سياسية، فألحقوا الأذى بالأقليات.
وفي سياق كلمته، تذكر الشيخ ابن بيه، شخصية خدمت السلام، وهو القس الراحل دوغلاس كوك مؤسس صلاة الشكر، قائلا إن "هذا الرجل الراسخ اليقين بثقافة التسامح والتعايش الإنساني السعيد ما كان له أن يتأخر عن لقاء اليوم فيما لوكان حياً".
وأعقب كلمة الشيخ عبدالله بن بيه، جلسة نقاش تناولت أثر إعلان مراكش وغيره من النماذج الناجحة للتمسك بالفضائل التي تحمي وتعزز الحرية الدينية.
وأدار الجلسة، الحاخام ديفيد سبرستين، المدير الفخري لمركز العمل الديني لليهودية الإصلاحية ، فيما شارك فيها كل من أجاثا تشيكيلو، المديرة التنفيذية لمؤسسة الكاردينال أونيكان للسلام، ومريم دادا إبراهيم، مؤسسة الكاردينال أونيكان للسلام، والقس الدكتور بوب روبرتس، كنيسة نورثوود في كيلر بتكساس، ومحمد مجيد، الإمام التنفيذي بمركز آدامز ورئيس فرق السلام الدولي بين الأديان، وكاثرين أوسبورن، المديرة التنفيذية بمؤسسة كتف إلى كتف (الولايات المتحدة الأمريكية).
واستعرض المشاركون في الجلسة تجاربهم في التعايش المشترك بين الأديان، مؤكدين على ضرورة تعزيز الحوار والتواصل الإنساني بين مختلف الأديان، بغية ترسيخ قيم السلام والتعايش.
ويأتي هذا المؤتمر الذي يرعاه "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، ليجمع لأول مرة في التاريخ الحديث، ممثلي القيادات الدينية بغرض التأسيس لحلف فضول عالمي جديد، يقوم على برامج عملية وعلمية من أجل الخير للبشرية جمعاء.
وحلف الفضول تجمّع دولي للديانات السماوية اُستلهم فكرته من الحلف الذي شهده الرسول قبل بعثته لنصرة المظلوم والدفاع عن أسس العيش المشترك بين الناس.
وتقول ديباجة المؤتمر، التي تلقت "بوابة العين الإخبارية" نسخة منها؛ إن الواقع اليوم يؤكد حاجة البشرية إلى حلف فضول عالمي جديد، جامع للقيم المشتركة وهي التسامح، وقبول الاختلاف والتعددية، والحوار والتواصل.
ويمثل هذا الحلف الذي من المقرر الإعلان عنه في ختام مؤتمر واشنطن، دعوة عامة لاتحاد أصحاب النوايا الطيبة من أجل المحافظة على شعلة الأمل في مستقبل أفضل للعائلة الإنسانية الكبرى.
أما أهمية الحلف، فتكمن في صناعة جبهة فكرية موحدة، وصياغة تحالف إنساني يقوم على تفعيل دوائر المشتركات التي أدى تجاهلها إلى الكثير من العنف والكراهية والدمار.
المؤتمر الذي يقام في أحد فنادق العاصمة واشنطن، يشارك فيه المئات من القيادات الدينية المؤثرة في الشأن العام، خاصة القساوسة الإنجيليين والحاخامات والأئمة، إلى جانب عدد كبير من العلماء والأكاديميين والباحثين في الولايات المتحدة، ومئات الشخصيات الرسمية من المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني، والمهتمين بصناعة ثقافة السلام.
يُشار إلى أن انعقاد "مؤتمر واشنطن" يأتي تتويجا لمسار جاد بدأ بإعلان مراكش التاريخي لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي، في يناير/كانون الثاني 2016، الذي أسهمت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة، ورعته بالشراكة مع المغرب.
وشارك في إعلان مراكش 350 شخصية من العلماء والمفكرين من 60 بلدا في العالم الإسلامي، بمساندة ممثلي جميع الأقليات الدينية غير المسلمة، وبحضور ممثلي منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والهيئات المدنية الناشطة في مجال حوار الأديان.
وفي سياق تفعيل مبادئ إعلان مراكش، قام "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" باحتضان مبادرة "قافلة السلام الأمريكية" التي كانت محطتها الأولى في مايو/أيار 2017 بأبوظبي، والثانية في العاصمة المغربية الرباط في أكتوبر/تشرين الأول 2017، التي شهدت انعقاد ورش وجلسات عمل، لتوطيد روح التعاون والتفاهم بين أفراد القافلة.
ويؤكد القائمون على مؤتمر واشنطن، أن تفعيل مبادئ إعلان مراكش وتعزيز مبادرات قافلة السلام الأمريكية، ضرورة ملحة، لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الإنسانية على كل المستويات، خاصة في ظل العنف المستشري والهشاشة غير المسبوقة التي تمس الأوضاع الراهنة على مستوى العالم، لا سيما مع تفاقم مشاكل الفقر والبطالة والنمو السكاني، والتدهور البيئي، وانعدام الأمن، والتمييز الاجتماعي والعرقي.