تخفيض واشنطن تمثيلها الدبلوماسي بالعراق.. مخاوف من الفوضى
تباينت آراء نواب ومراقبين للشأن السياسي العراقي، بشأن الأسباب التي تقف وراء قرار أمريكا الرامي إلى تخفيض بعثتها الدبلوماسية في البلاد.
وحذر المراقبون من تداعيات ذلك الأمر، خوفا أن ابتلاع المليشيات المسلحة المدعومة من إيران للعراق، عبر إغراقها في الفوضى.
وشدد النائب العراقي رعد الدهلكي، رئيس تحالف القوى النيابية، على ضرورة أن تتحرك الحكومة العراقية وبشكل سريع على إيصال رسائل آمنة وضمانات للبعثات الدبلوماسية لثنيها عن مساعي هجرتها من البلاد.
وأكد الدهلكي لـ"العين الإخبارية" أن "مساعي واشنطن لتقليص تمثيلها الدبلوماسي في العراق سيكون له آثار وخيمة وكبيرة على العراق داخليا وخارجيا".
وتوقع رئيس تحالف القوى العراقي، أنه في حال مضي الولايات المتحدة بتخفيض بعثتها في العراق إلى النصف، ستعمد الفصائل المسلحة على الاستفادة من ذلك الفراغ، مما يهدد الوضع الأمني والعسكري بالتداعي".
ويرى المحلل السياسي العراقي حمزة مصطفى التسريبات التي جاءت بشأن تخفيض البعثة الدبلوماسية في العراق، مرتبطة إلى حد ما بالوضع الداخلي الأمريكي، أكثر من كونها تتعلق بتطورات في الشأن العراقي قد تدفع واشنطن نحو ذلك القرار.
ويوضح مصطفى أن تلك التطورات، إذا ما صدقت مصادرها الرسمية، تأتي ضمن خطة استراتيجية وضعها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، وألزم نفسه بها بتحقيق تخفيض تدريجي للتمثيل الدبلوماسي في العراق مع انتهاء ولايته الرئاسية.
وعلى الرغم من أن تلك التحركات الأمريكية ليست ببعيدة عما يجري في الشرق الأوسط، بحسب المحلل السياسي العراقي، إلا أنها قد تكون محطة استراحة وفاصلا وقتيا قصيرا لإعادة ترتيب ملفاتها بشأن الأهداف الخارجية ورؤيتها لمصالحها القومية في ظل الإدارة الجديدة للبيت الأبيض التي تستعد لتسلم المهام بشكل رسمي بعد نحو شهر.
ومنذ 3 أشهر، لوحت واشنطن بغلق سفارتها في بغداد والاقتصار على تمثيل بعثتها الدبلوماسية في أربيل رداً على هجمات الكاتيوشا التي تتهم فيها فصائل مسلحة تتبع لنظام المرشد الإيراني.
ورغم الجهود التي بذلتها حكومة مصطفى الكاظمي لإقناع صناع القرار السياسي في البيت الأبيض بالتراجع عن ذلك الأمر، إلا أن مساعي الولايات المتحدة تبدو أقرب إلى الجد من الاكتفاء بالتهديد والضغط.
ويعتقد رئيس مركز "صناعة قرار" العراقي نبيل زكي أن قرار التخفيض الدبلوماسي للولايات المتحدة سيمضي هذه المرة، لكون أن الظروف التي يعيشها العراق تدفع بذلك الاتجاه.
ويسند أسباب ذلك التصور إلى أن الظروف التي تشهدها البلاد في ظل تصاعد الغضب الجماهيري الشعبي في ساحات التظاهر وما يقابلها من محاولات تصفية وقتل وترويع من قبل المليشيات الإيرانية ينذر باندلاع مواجهات مسلحة واشتعال للأرض، مما يدفع واشنطن لاتخاذ قرار التخفيض الدبلوماسي، حفاظاً على سلامة رعاياها وموظفيها العاملين في العراق.
ويلفت زكي، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الانسحاب الأمريكي على المستوى الدبلوماسي أو العسكري من العراق حتى وإن كان بواقع طفيف، إلا أن تداعيات ذلك الأمر على المستوى المعنوي وليس بالمجمل العام وحسب، ولكن سيضعف من وضع العراق دولياً ويفتح الباب على مصراعيه أمام المليشيات.
ويربط الأكاديمي والخبير السياسي العراقي حامد الراوي قرار التخفيض بحادثة اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زاده، وما أفرزته من تصعيد جديد بين طهران وواشنطن، مما يدفع بالأخيرة إلى تقليص تواجدها في العراق خشية هجمات انتقامية.
ويشير الرواي، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن اقتراب الذكرى الأولى لحادثة اغتيال سليماني والمهندس تعزز من احتمالية وقوع تلك الهجمات في العراق، خصوصا في ظل انفلات سلاح الفصائل وتفرعن قوى اللانظام.
وقد أصدرت الولايات المتحدة، نقلاً عن موقع "بولتيكيو" الأمريكي، قراراً بسحب نصف دبلوماسيها من سفارتها ببغداد، وربطت أسباب ذلك بـ"دواع أمنية".
وبحسب ما أورده موقع بولتيكيو، أكد مسؤولون أمريكيون أن دوافع ذلك الانسحاب يأتي خشية تعرض تمثيلها الدبلوماسي إلى هجمات محتملة تأتي رداً على المشهد المأزوم بين واشنطن وطهران وخصوصا عقب التطورات الأخيرة.
وعقب تلك التسريبات، أكدت السفارة الأمريكية في العراق اليوم الخميس، التزامها بشراكة الدبلوماسية قوية مع العراق، مشيرة إلى أن بعثتها الدبلوماسية وعلى رأسها السفير ماثيو تولر، مستمرة بالعمل.
وذكرت السفارة في بيان حول حقيقة أنباء سحب موظفيها، أن وزارة الخارجية العراقية تعمل باستمرار على إجراء التعديلات فيما يتعلق بتواجدها الدبلوماسي في السفارات والقنصليات المنتشرة في جميع أنحاء العالم؛ بما يتماشى مع مهماتها الدبلوماسية، والبيئة الأمنية في تلك البلدان، والوضع الصحي، وحتى أيام العطل الرسمية.
aXA6IDE4LjIyNi44Mi45MCA=
جزيرة ام اند امز