غلاء واحتجاجات شعبية.. عقوبات واشنطن تخنق اقتصاد طهران
صندوق النقد الدولي توقع أن ينكمش الاقتصاد في إيران بنسبة 6% العام الجاري مقارنة بـ3.9% في 2018، في ظل تمديد العقوبات الأمريكية
يواصل الاقتصاد الإيراني الانهيار وسط احتجاجات شعبية ضد النظام بسبب غلاء الأسعار، في ظل عقوبات صارمة فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الاقتصاد الإيراني في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وصفت بـ"الأشد على الإطلاق"، بهدف خفض مبيعات نفط طهران إلى الصفر، بعدما انسحبت من اتفاق 2015 النووي بين طهران والقوى العالمية الست.
ومنذ انطلاق العقوبات الأمريكية والاقتصاد الإيراني يترنح، حيث توقّع صندوق النقد الدولي تزايد انكماش اقتصاد طهران خلال 2019، منبها إلى أن تقديراته تلك تم تحديدها قبل أن تشدد الولايات المتحدة العقوبات على طهران.
وتوقّع الصندوق أن ينكمش الاقتصاد في إيران بنسبة 6% العام الجاري مقارنة بـ3.9% في 2018.
الحزمة الأولى من العقوبات
دخلت الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران حيز التنفيذ فجر 6 أغسطس/آب 2018، والتي تشمل عمليات شراء النظام الإيراني الدولار الأمريكي، وعقوبات على تجارة الذهب والمعادن الثمينة، وعقوبات على عمليات نقل المعادن كالألومنيوم داخل وخارج إيران، وعقوبات على قطاع السيارات الإيرانية.
الحزمة الثانية
تطال الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران، التي دخلت حيز التنفيذ الإثنين 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قطاعين حيويين بالنسبة لطهران هما النفط والبنوك، إضافة إلى 700 من الشخصيات والكيانات.
وتهدف الإدارة الأمريكية للوصول بصادرات النفط الإيراني إلى المستوى صفر.
وتشمل تلك العقوبات عددا من القطاعات، وأهمها إعادة العقوبات المتعلقة بمؤسسات الموانئ والأساطيل البحرية، وإدارات بناء السفن بما يشمل أسطول جمهورية إيران الإسلامية وخط أسطول جنوب إيران والشركات التابعة لهما.
كما تشمل إعادة العقوبات المتعلقة بالنفط خاصة التعاملات المالية مع شركة النفط الوطنية الإيرانية (NIOC)، وشركة النفط الدولية الإيرانية (NICO)، وشركة النقل النفطي الإيرانية (NITC)، وحظر شراء النفط والمنتجات النفطية أو المنتجات البتروكيماوية من إيران.
كما تشمل عودة العقوبات المتعلقة بالمعاملات الاقتصادية للمؤسسات المالية الأجنبية مع البنك المركزي الإيراني وبعض المؤسسات المالية الإيرانية بموجب المادة 1245 من قانون تخويل الدفاع الوطني الأمريكي للسنة المالية 2012.
كما تشمل العقوبات خدمات التأمين وقطاع الطاقة، بالإضافة إلى ذلك سوف تلغي الولايات المتحدة التراخيص التي منحت لكيانات أمريكية للتعامل مع إيران.
هروب 56 مليار دولار
في بداية يونيو/حزيران 2018، أعلن مركز أبحاث البرلمان الإيراني خروج أكثر من 59 مليار دولار من إيران خلال 2016-2017.
وتوقع المركز أن تغادر مليارات أخرى بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وأحال المركز هذه الظاهرة إلى عدم القدرة على التنبؤ بالوضع الاقتصادي والسياسي داخل إيران، وعدم وجود دعم حكومي للاستثمارات، ومخاطر الاستثمار العالية، وصعوبة إجراء التعاملات التجارية.
إضراب الشاحنات
منتصف 2018 أطلق سائقو الشاحنات إضرابا في عدد من المدن الإيرانية وأغلقوا طرقا سريعة، حتى تستجيب الحكومة لمطالبهم التي تلخصت بشكل أساسي في زيادة الحد الأدنى للأجور، ورفع رسوم الشحن، وقد عانت بعض المدن من نقص السلع الأساسية بسبب هذا الإضراب، الذي استمر بشكل متقطع خلال الشهور اللاحقة.
إضراب المعلمين
دخل معلمون إيرانيون في إضراب عام في 14 أكتوبر/تشرين الأول، احتجاجا على سوء الحالة المعيشية، واعتقال عدد من نشطاء نقابات المعلمين.
هبوط الريال لأدنى مستوى
وصل سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق الإيرانية الموازية إلى 128 ألف ريال إيراني في 3 سبتمبر/أيلول 2018، لأول مرة في تاريخه.
وكان الدولار الواحد يساوي 32 ألف ريال عند توقيع الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، ولكن في 22 أغسطس/آب 2019 وصل الدولار إلى 116500 ريال.
وفي أغسطس/آب 2019 الرئيس الإيراني حسن روحاني أرسل مشروع قانون إلى البرلمان، من شأنه حذف 4 أصفار من الريال، الذي أفادت تقارير بفقدانه نحو 60% من قيمته منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي.
وتتجه الحكومة لإطلاق اسم "التومان" على العملة الجديدة، وهو الاسم الذي استخدم آخر مرة رسميا في الثلاثينيات، وحاليا يستخدم ليعني 10 ريالات.
الفقر يتسع في إيران
أقر الناطق باسم حكومة طهران علي ربيعي بأن أكثر من 60 مليون إيراني في حاجة إلى مساعدات معيشية (سكان إيران 81 مليون نسمة).
وأوضحت شبكة "دويتشه فيله" الألمانية، في تقرير لها عبر نسختها بالفارسية، الخميس 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أن ربيعي كشف أيضا عن احتياج أكثر من 18 مليون عائلة إيرانية إلى خطة حماية اجتماعية ومعيشية عاجلة بدعم من حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، حسب قوله.
وقبل شهرين، نشرت صحيفة سازندكي المحلية في إيران تقريرا أوردت فيه بيانات تؤكد ارتفاع نسب الفقر داخل المجتمع على مدار العام الماضي، ضمن تصنيف ضم 10 فئات اقتصادية تعيش في البلاد، أدناهما الأولى والثانية اللتان فشلتا في تدبير أبسط الاحتياجات اليومية.
وذكرت الصحيفة الإصلاحية أن الفئة الثالثة في التصنيف الاقتصادي نفسه هبطت لأسفل خط الفقر المدقع، في حين زادت أسعار السلع الأساسية بنحو 50% كما بلغ مؤشر التضخم 41%.
عائدات نفط إيران بالموازنة الجديدة (صفر)
أعلنت وكالة أنباء مهر (شبه رسمية) أن حصة عوائد النفط في لائحة موازنة السنة الفارسية المقبلة (تبدأ 21 مارس/آذار 2020) ستصل إلى صفر، بالتزامن مع جلسة مغلقة في البرلمان الإيراني للحد من اعتماد الميزانية على عائدات النفط.
وذكرت مهر، في تقرير لها، أن عوائد تصدير الخام الإيراني التي تراجعت بفعل تشديد الولايات المتحدة الأمريكية عقوباتها على طهران منذ أن أعادت فرضها صيف العام الماضي، من المقرر أن تنفق لصالح مشروعات تنموية فقط.
انتفاضة البنزين
عقب زيادة سعر البنزين بنسبة 300% احتج المواطنون والضائقون ذرعاً من نهب نظام طهران في كثير من المدن الإيرانية.
وأخذت هذه الاحتجاجات عصر الجمعة 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 في مختلف المدن بمحافظة خوزستان أبعادا أوسع.
وكانت الشركة الوطنية لتوزيع المشتقات النفطية الإيرانية قررت رفع أسعار البنزين بنسبة 50% في الحصص الشهرية المدعومة لتصبح 1500 تومان للتر الواحد (1 دولار أمريكي = 4200 تومان إيراني بالسعر الرسمي ونحو 11500 تومان حسب السوق السوداء).
وتبلغ الحصة الشهرية للسيارات العادية الخاصة 60 لترا، وللسيارات العادية الخاصة ذات الوقود المزدوج (بنزين وغاز) 30 لترا وسيارات الأجرة 400 لتر، وسيارات الأجرة ذات الوقود المزدوج 200 لتر.
كما تم رفع أسعار الوقود بنسبة 300% خارج الحصة الشهرية لتصبح 3000 تومان للتر.
كما سترتفع أسعار الغاز بعد تجاوز الكمية المدعومة من 10 آلاف ريال إلى 30 ألف ريال.
ولجأت إيران إلى نظام الحصص إثر معاناتها من أزمة حادة في نقص البنزين، وقد واجه القرار غضبا في الشارع الإيراني.
ويأتي القرار بعد ساعات من اعتراف علي ربيعي الناطق باسم حكومة طهران بأن أكثر من 60 مليون إيراني في حاجة إلى مساعدات معيشية (سكان إيران 81 مليون نسمة).