واشنطن والاستيطان .. إدانة تفتح تساؤلات عن توجهات إدارة ترامب الجديدة
الإدانة الأمريكية لمشروع قانون يشرعن البؤر الاستيطانية يؤشر على أن السياسة الأمريكية في عهد ترامب لن تكون بعيدة عن هذا الموقف
يرى خبراء فلسطينيون في إدانة وزارة الخارجية الأمريكية لمشروع قانون يشرعن البؤر الاستيطانية وافقت عليه الحكومة الإسرائيلية مؤشرًا على أن السياسة الأمريكية حتى في عهد الإدارة القادمة لن تكون بعيدة عن هذا الموقف، رغم الانطباعات السلبية التي برزت خلال الدعاية الانتخابية لحملة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وأدانت الولايات المتحدة، الاثنين، مشروع قانون وافقت عليه حكومة الاحتلال، معتبرة أن إسرائيل فتحت بذلك الطريق أمام إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة بشكل "غير مسبوق ومثير للقلق".
وقال الدكتور عمر جعارة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن الاستيطان يمثل جريمة حرب وهو فعل غير شرعي وتعده جميع دول العالم إجراءً غير شرعي، لافتا إلى أنه حتى على الصعيد الإسرائيلي باتت هذه القضية تشكل عامل تأزيم.
موقف تقليدي
ولفت جعارة في حديثه لـ"بوابة العين" إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تدين فيها واشنطن قرارات إسرائيلية متعلقة بالاستيطان رغم أن الإدارة الأمريكية أخذت الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار متعلق بالاستيطان رفعته المجموعة العربية.
ومع تقدير جعارة بأن موقف إدارة ترامب لن تختلف كثيرا عن الموقف الحالي من مسألة الاستيطان، إلا أنه يرى الأهم هو ترجمة أية إدانات إلى إجراءات تمنع إسرائيل من المضي في مشاريعها الاستيطانية.
مطلوب لجم الاحتلال
ويتفق خالد منصور الناشط في مجال مواجهة الاستيطان مع جعارة، بأن المهم هو القرارات التي تمنع إسرائيل عن مواصلة الاستيطان والاستيلاء على الأرض الفلسطينية.
وقال منصور لـ"بوابة العين" إن "هذه إدانة شكلية، لأنه بالتزامن معها حكومة الاحتلال تنكرت حتى لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية الذي نص على إخلاء بؤرة عامونا"، مشددًا على أنه يمكن النظر بإيجابية للإدانة لو تبعها إجراءات عملية تلجم السياسة العدوانية إسرائيل.
كانت المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت، أمس الاثنين، طلب الحكومة تأجيل إخلاء بؤرة عامونا، فيما ذكرت وسائل إعلام عبرية أنه بشكل عملي لن يتم إخلاء البؤرة المقامة على أراضي فلسطينيين في القدس.
- واشنطن تدين مشروع قانون إسرائيلي لشرعنة البؤر الاستيطانية
- المشاريع الاستيطانية.. خطوات إسرائيلية منفردة لترسيم الحدود
ويرى منصور أنه من المبكر الحكم على سياسة الإدارة الجديدة، دون أن يخفي قلقه مما وصفه بـ"الغزل" العلني بين الجانبين، والدعم اللامحدود من ترامب وطاقمه لإسرائيل وسياساتها.
أما جعارة فيشير إلى أن إدارة ترامب لن تختلف عن الإدارات السابقة الديمقراطية والجمهورية في الموقف من الاستيطان، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام العبرية ركزت هذا اليوم (الثلاثاء) على ما وصفته بـ"نفاق" تصريحات ترامب وبداية تراجعه عن بعض مواقفه، مرجحة أن يتراجع عن وعده بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
توجهات السياسة الأمريكية
وبشكل فعلي، يرى الدكتور أحمد عزم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت وسط الضفة الغربية، أن الأميركيين، كفوا في العامين الأخيرين، عن إزعاج الاسرائيليين في موضوع الاستيطان، متوقعا أن يكون ترامب الوجه الآخر للرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما.
ولم يخف عزم في حديثه لـ"بوابة العين" قلقه من المستقبل، قائلاً: "لا يوجد ما يدعو للتفاؤل في الشأن الفلسطيني بعكس الوضع عندما جاء أوباما قبل ثمانية أعوام".
واستدرك أنه مع ذلك "لن يكون ممكنا فهم اتجاهات السياسة الأميركية المقبلة بشكل فيه بعض الدقة، إلا مع تشكل فريق الإدارة الأميركية بشكل كامل".
ويتفق الخبراء الفلسطينيون أن السياسة الأمريكية تبنى على قاعدة المصالح وهي التي تحكم علاقاتها الخارجية بالدول.
وقال جعارة: "وفق المنظور لن تكون هناك أي علاقة منصفة بين الإدارة الأمريكية والجانب الفلسطيني، خاصة مع حالة الضعف العربي، وتأثير اللوبي اليهودي، الذي فرض وجود علاقات إيجابية مع إسرائيل وانحيازا كبيرا لصالحها، ظهر في عشرات المواقف وقرارات الفيتو المناهضة للإرادة الدولية.
ويرى عزم أن سياسة ترامب ستنكفئ للداخل الأمريكي بكل أكبر، وإذا كان أوباما ترك الشرق الأوسط، فإن ترامب قد يتركه تماماً.