البطيخ الأحمر والقضية الفلسطينية.. أكثر من فاكهة
خلال الأسابيع الأخيرة لم يعد البطيخ مجرد فاكهة، لكنه تحول إلى رمز سياسي يحمله المتظاهرون في الشوارع ويوزعون قطعا منه أو يرسمونه على وجوههم.
ليس هذا فحسب، بل إن رموز البطيخ اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي في أسماء المستخدمين وتحت منشوراتهم حول غزة، ليصبح السؤال الآن: ما علاقة البطيخ بفلسطين؟
إلا أنه بالعودة إلى الخلف، يتضح أن البطيخ كان لعقود من الزمان، أيقونة فلسطينية يستخدم كبديل للعلم الفلسطيني الذي يتم حظره أو تقييد عرضه في كثير من الأحيان؛ فعند تقطيعه يعرض البطيخ ألوان العلم وهي الأحمر والأبيض والأسود والأخضر، كما أنه فاكهة شعبية يزرعها الفلسطينيون محليًا.
الإجابة من الأرض
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن دينا مطر أستاذ الاتصال السياسي والإعلام العربي قولها: «ادعى الفلسطينيون أن البطيخ هو فلسطين.. إنها طريقة للقول إن لديهم ثمارًا في الأرض».
وأضافت أن «البطيخ يُنظر إليه على أنه رمز للمقاومة والإصرار»، مشيرة إلى أنه «خلال الاحتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي، حمل الفلسطينيون في الضفة الغربية البطيخ كرمز يعني أن تكون فلسطينياً».
وفي عام 2021، قال خالد حوراني، فنان فلسطيني مقيم في رام الله بالضفة الغربية، لـ«واشنطن بوست»، إن الفن «يمكن أن يكون في بعض الأحيان سياسيا أكثر من السياسة نفسها».
وبعض أعمال حوراني مستوحاة من البطيخ وتمت مشاركتها على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، وظهرت في الاحتجاجات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وسط الحرب في غزة.
لنفتش في الماضي
وأشار حوراني إلى قصة قديمة في سبعينيات القرن الماضي، عندما كان العلم الفلسطيني ممنوعاً و«رفعه تهمة يعاقب عليها قانون الاحتلال»، مؤكدًا أن ضابطًا إسرائيليًا كان قد قال لمجموعة من الفنانين: ممنوع رسم كذا وكذا، ويحظر رسم ألوان العلم الفلسطيني، فسأله أحدهم: ماذا عن رسم وردة بألوان العلم؟ فرد قائلا: ممنوع طبعا.. وممنوع حتى رسم بطيخة.
وأوضح أنه «استعار فكرة أعماله من هذا الضابط ليس إعجاباً بخياله المريض بل لتخليد الواقعة»، مضيفًا أنه «شارك برسم علم البطيخ في مشروع أطلس فلسطين الذاتي عام 2007 وبعد ذلك في العديد من المعارض حول العالم».
وفي ظل الجدل الذي تواجهه ألوان العالم طوال عقود من الزمن «أصبحت الرموز مثل البطيخ جذابة بشكل خاص للناشطين؛ ففي مواقف معينة في الماضي، حظرت إسرائيل العلم، فيما يسعى بعض السياسيين الإسرائيليين لحظره رسميًا مرة أخرى»، بحسب «واشنطن بوست».
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن «العلم بشكل عملي محظور، ويُمكن مصادرته، ومعاقبة من يرفعه بموجب قوانين السلامة العامة الإسرائيلية»، مشيرة إلى أنه في يناير/كانون الثاني الماضي، طلب وزير الأمن القومي الإسرائيلي من الشرطة إزالة العلم من الأماكن العامة.
التحول لرمز
وبعد بضعة أشهر، واحتجاجا على اعتقال الأشخاص الذين يلوحون بالعلم في الأماكن العامة، «بدأت مجموعة من الناشطين في لصق ملصقات البطيخ على سيارات الأجرة، وكُتب عليها: هذا ليس علمًا فلسطينيًا»، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يلجأ مؤيدو القضية الفلسطينية إلى الكلمات المشفرة والرموز والتهجئة الخاصة، لتجنب قمع شركات التكنولوجيا لمنشوراتهم.
وفي أوروبا، تسبب العلم الفلسطيني في نقاش حاد حيث مُنحت المدارس في العاصمة الألمانية برلين الإذن بحظر خرائط إسرائيل بألوان العلم الفلسطيني.
والشهر الماضي، اقترحت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة أن «يكون عرض العلم في المظاهرات جريمة جنائية». وأوضحت شرطة لندن أن «رفع العلم الفلسطيني لا يشكل وحده جريمة جنائية».
وقالت دينا مطر، إن العلم هو في نهاية المطاف رمز للهوية الفلسطينية، مضيفة أن «الفلسطينيين ليس لديهم دولة، لكن لديهم أمة.. العلم رمز مهم للتأكيد على وجود الفلسطينيين».