الثروة الخاملة.. العقارات اليمنية تؤجج صراع الأجنحة الحوثية بصنعاء
تؤجج الثروة العقارية في العاصمة اليمنية صنعاء، الصراع بين قيادات مليشيا الحوثي النافذة باعتبارها سلاح تطويع الأجنحة الهاشمية السلالية.
ودفع زعيم المليشيات الانقلابية، عبدالملك الحوثي، بلجنة تحت إشراف القيادي البارز، محمد علي الحوثي، تضم "قضاة صعدة" لإدخال حزمة تعديلات على قوانين ما أسموه "المنظومة العدلية" تحت غطاء البرلمان غير المعترف به، بهدف شرعنة السيطرة على كافة الأملاك العقارية في المحافظات الواقعة تحت سيطرته.
وقوبلت التعديلات الحوثية بموجة تنديد واسعة لدى قانونيين ومحامين وقضاة يمنيين، حيث رفضت نقابة المحامين اليمنيين بصنعاء أية تعديلات للتشريعات والقوانين تستهدف المنظومة القانونية والسلطة التشريعية بشكل مباشر.
تعديلات للقوانين
واعتبرت في بيان، أي إقرار أو تمرير أي تعديلات بأنها تكرس الانشقاق والانفصال والمساس بوحدة اليمن ووحدة التشريع وهو أمر مرفوض من جميع الحريصين على وحدة البلاد.
وقال القاضي اليمني، جمال الفهيدي، إن دعوة الحوثيين لتغيير القضاء باب جديد للتسلط "تحت مسمى المحاسبة من قبل أشخاص لا علاقة ولا صلة لهم بالقضاء ولا قضاء على القضاء ".
وشملت التغيرات الحوثية، وفقا لمصادر قانونية في صنعاء، أدنى مرتبة تراتبية في السلطة القضائية والتشريعية بدأ من الأمناء الشرعيين المكلفين بإصدار وثائق بيع وشراء العقارات إلى النيابات والمحاكم الابتدائية والاستئنافية وحتى المحكمة العليا ومجلس القضاء الأعلى.
وقالت المصادر لـ"العين الإخبارية" إن سن المليشيات لقوانين مؤخرا في السلطة القضائية والتشريعية يمهد استكمال تحويلها إلى أداة لشرعنة الجرائم بحق الشعب اليمني وضمن صراع تأجج أيضا بين القيادات الحوثية النافذة للسيطرة على الثروة الخاملة الواقعة تحت تصرف الكثير من العائلات الهاشمية.
الثروة الخاملة
والثروة الخاملة هي العقارات المتمثلة بأملاك الدولة من أراضي، أو أملاك خاصة ويتم السيطرة على الأملاك الخاصة بتقييد أدوات التصرف بها في محافظات صنعاء والحديدة وإب وذمار وحجة.
ويعد التحكم بالقضاء خطة حوثية لإحكام السيطرة على ملف العقارات في صنعاء والحديدة وإب وذمار وحجة والتي تمثل ثروة كبيرة لجناح صعدة المتطرف في بنية الجماعة لتعويض حلقة الضعف التي يشعر بها مقابل جناح صنعاء صاحب الإرث التاريخي في الإدارة والحكم والتواجد في عمق مؤسسات الدولة.
وتبلغ القيمة السوقية لأراضي الأوقاف وأملاك الدولة أرقام مهولة اتكأت عليها بيت "آل حميد الدين" السلالية الذين حكموا شمال اليمن قبل قيام النظام الجمهوري، إذ ظلت لأكثر من عقدين ثروة خاملة وتحت تصرف كثير من العائلات الهاشمية خصوصا القاطنة في صنعاء وحجة.
ويعيش جناح صعدة الحوثي هاجسا مقلقا يتمثل بنفوذ بيوت الحكم القديمة أو ماتسميه المليشيا "الدولة العميقة" في مفاصل القوة والثروة والنفوذ والأكثر ارتباطا داخل العائلات الهاشمية.
صراع نفوذ سلالي
وتتصدر القيادات الحوثية النافذة في جناح صعدة، وعلى رأسها "محمد علي الحوثي" و"أبو علي الحاكم"و"عبدالخالق الحوثي" و"يحيى الحوثي" المعركة مع الأجنحة الحوثية الأخرى التي تتسابق للسيطرة على أهم ثروة خاملة كانت بحوزة الأسر الهاشمية.
وحسب مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية"، فإن الصراع المتأجج للسيطرة على أراضي الأوقاف أو الخاصة من أملاك العائلات الهاشمية، يأتي في أعقاب تفاقم الصراع بين أجنحة المليشيا بين صعدة وصنعاء وموجة تصفيات واغتيالات متبادلة برزت منذ مطلع العام الجاري.
والصراع بين جناح الحوثي المتطرف الصاعد من صعدة والجناح السلالي من أسر بقايا الأئمة والتي حكمت شمال اليمن لعدة قرون، هو أحدث صراع على الإطلاق في تراتبية التنظيم الهرمي المغلق.
نهب المعارضين
وطبقا للمصادر، فإن قيادات أسرة "آل الحوثي" بدأت بهيكلة القضاء وتعديل القوانين تشرعن بها لنفسها السيطرة على كافة عقارات الأسر السلالية المنافسة لها بالحكم وذلك من أجل تطويعها وتقييد وشراء ولاءات القيادات المؤثرة وذات الثقل في جناح صنعاء، الأكثر خطورة على القادمين من صعدة والمدعومين بقوة من نظام طهران.
ومطلع الشهر الماضي، أعلنت مليشيا الحوثي بدء حملة أمنية للقبض على الأمناء غير الرسميين المعنيين بتوقيع بيع وشراء العقارات في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
وكانت مليشيا الحوثي قد أنشأت نظام "الحارس القضائي" كأداة موازية للسلطة القضائية لنهب أموال يملكها أو يديرها أكثر من 1.250 ألف شخصا في العاصمة صنعاء، وجميعهم من المناوئين اليمنيين.
كما سطت بإسم "الحارس القضائي "على ملكية 37 شركة خاصة تابعة لشخصيات مناهضة مقيمة في الخارج واستحوذت على نحو 50% من عائدات أكبر 6 مستشفيات في صنعاء.
ويقول خبراء يمنيون ، إن استكمال مليشيا الحوثي السيطرة على العقارات المملوكة للمناهضين وحسم ملف الصراع حول الثروة الخاملة مع الأجنحة الحوثية داخلها إشارة إلى توجه الانقلابيين بتأسيس قاعدة معلومات كاملة عن السكان وتصنيفهم طبقيا.
كما أن تهيئة الوسائل القانونية ولو كانت وهمية يعد توجه ممنهج لتشييد اقتصاد خفي لتمويل الخزينة الحربية للمليشيات والالتفاف على الرقابة الدولية على غسيل أموال حوثي عابر للحدود.