أزمة مصرفية جديدة.. الحوثي يواصل ابتزاز البنوك اليمنية
صعّدت مليشيا الحوثي الانقلابية من حربها الممنهجة على الاقتصاد اليمني، وواصلت التضييق على البنوك التجارية في مناطق سيطرتها.
وتهدد هذه الخطوات الإجرامية بتعطّل نشاط المصارف وتفاقم معاناة الشعب اليمني.
وبعد سلسلة من عمليات الابتزاز للمصارف والبنوك منذ بداية العام الجاري، بات بنك التضامن، هو آخر ضحايا التعسف الحوثي، حيث قامت المليشيا بإغلاقه وإجبار إدارته على وقف أنشطته إلى أجل غير مسمى.
وقال مصدر مصرفي لـ"العين الإخبارية"، إن عناصر مسلحة من جهاز المخابرات الحوثي، داهمت بنك التضامن الخاص في العاصمة صنعاء، ونهبت أجهزة وسيرفرات خاصة بالتحويلات المالية، قبل أن توجه بإغلاقه إلى أجل غير مسمى.
وكشف بنك التضامن، وهو مملوك تجاري لمجموعة هائل سعيد التجارية، أن ما أسماها بـ"عناصر استخباراتية"، حضرت الخميس إلى مقر البنك في صنعاء وطالبت بوقف العمل في المركز الرئيسي بالعاصمة، وكافة فروعه ومغادرة جميع الموظفين وإيقاف السيرفرات الرئيسية.
وأشار البنك، في بيان صحفي، حصلت عليه "العين الإخبارية"، أن الإجراءات الحوثية التي تمت بضوء أخضر من البنك المركزي الخاضع لسيطرة المليشيا، شملت أيضا الاستيلاء على أجهزة التسجيل قبل أن تعيدها في وقت لاحق.
وأكد البنك ، أن هذا الإجراء الحوثي، أوقف مصالح الناس واحتياجاتهم وكان له الأثر السلبي على عملاء البنك وعمل المنظمات الدولية التي تقدم مساعدات إنسانية للمجتمع والتي تتخذ من بنك التضامن شريكا في إيصال الدعم للطبقات المحتاجة وإيقافه عن العمل تنفيذا لتوجيهات مركزي صنعاء.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها مداهمة بنوك تجارية خاصة في صنعاء، إذ كانت الجماعة الموالية لإيران أقدمت مطلع أكتوبر/تشرين الأول، على اقتحام مقرات بنك "الكريمي" وأغلقت مقره الرئيسي في صنعاء، وفروعه في الحديدة وإب والضالع ومناطق أخرى، قبل أن تسمح مجدداً بعودة العمل في هذه الفروع.
وقالت مصادر مصرفية حكومية لـ"العين الإخبارية" إن المليشيا الحوثية تواصل التنكيل بالمصارف التجارية الخاصة منذ مطلع العام الجاري، تحت ذريعة تعامل المصارف مع الحكومة الشرعية والبنك المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن.
ونهاية أكتوير/تشرين الأول الماضي، اعتقلت مليشيا الحوثي مدير بنك اليمن الدولي أحمد ثابت العبسي، بعد رفض البنك دفع إتاوات تحت ذريعة المساعدة في تكاليف احتفال الميليشيا بمناسبة المولد النبوي.
ولا تزال المقرّات الرئيسية للمصارف اليمنية موجودة في العاصمة صنعاء تحت نفوذ مليشيا الحوثي، فيما دعت الحكومة جميع المصارف التجارية والإسلامية العاملة في البلد إلى نقل مقراتها الرئيسية باتجاه العاصمة المؤقتة، عدن، جنوب اليمن، حيث مقر الحكومة الشرعية.
ويعتبر خبراء اقتصاد، أن بقاء مقرات البنوك وشركات الصرافة في العاصمة صنعاء يجعلها تخضع لابتزاز الحوثيين، وأشاروا إلى أن مليشيا الحوثي تعمل على استخدام المصارف ضد الحكومة الشرعية.
ووصف رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، الاعتداء على البنوك التجارية بالتصرف الهمجي، الذي لا يدرك مخاطر ذلك على القطاع الخاص والاقتصاد الوطني، ويضاف إلى الممارسات التعسفية والانتهاكات التي ترتكب في مناطق متفرقة تجاه القطاع الخاص.
وقرر الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، في 18 سبتمبر/كانون الأول 2016، نقل المقر الرئيس للبنك المركزي وإدارة عملياته إلى العاصمة المؤقتة عدن، لكن مليشيا الحوثي احتفظت بالبنك المركزي في صنعاء، كبنك خاص بهم، ما تسبب في زيادة أضرار الاقتصاد الوطني، وحصول أزمات متلاحقة، منها أزمة الرواتب وتهاوي قيمة العملة اليمنية.
وكافحت المصارف من أجل استمرار نشاطها في البلاد، وأعلن بعضها عن تحقيق بعض الأرباح رغم الحرب، لكن انقسام الجهاز المصرفي والبنك المركزي، يهدد نشاطها، حيث باتت حائرة بين سلطتين نقديتين وبنكين مركزيين، وأصبحت مهددة بالتوقف وإغلاق مقارها بعد مرور 5 أعوام على الحرب الدائرة في البلاد بين الحكومة الشرعية المدعومة من "التحالف" ومليشيا الحوثي المتمردة.
ولم تقتصر حرب مليشيا الحوثي ضد الاقتصاد اليمني، على تحويل فرع البنك في صنعاء إلى مصرف مركزي غير شرعي، بل اتخذت إجراءات، عملت على تعميق الانقسام المصرفي وتسببت بشكل مباشر في انهيار سعر العملة المحلية، منها حظر تداول الأوراق النقدية الجديدة التي يطبعها البنك المركزي في عدن.
وقال مصرفيون وخبراء لـ"العين الإخبارية"، إن الإجراءات الحوثية، تسببت في انقسام المصارف التجارية التي بدأت في فصل نظامها في المناطق الحوثية عن مناطق الحكومة، ومنعت التحويلات من الحسابات في مناطق الحكومة إلى الحسابات في مناطق مليشيا الحوثي.
كما ساهمت الإجراءات الحوثية الأخيرة الخاصة بحظر النقود الجديدة، في تدهور حاد للاقتصاد اليمني وانهيار الريال، وهو ما تسبب في ارتفاع غير مسبوق بأسعار السلع الغذائية وتوسع رقعة المجاعة.
وكان البنك الدولي، قال يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن حظر مليشيا الحوثي لتداول الأوراق النقدية الجديدة في مناطق سيطرته قد تسببت في تداعيات خطيرة على اقتصاد البلاد المتدهور.
وأكد البنك الدولي، في تقرير اطلعت عليه "العين الاخبارية"، أن التشوهات الناتجة عن تشتت القدرات المؤسسية (خاصة البنك المركزي اليمني) والقرارات السياسية المتباينة بين مناطق السيطرة ، زادت من تفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية بالبلاد.