رفاهية فاخرة بلا أثرياء.. ماذا أصاب ثقافة مستهلكي «الألترا ريتش»؟

في مشهد يعكس تغيّراً عميقاً في ثقافة الاستهلاك بين فاحشي الثراء، بدأت فئة «الألترا ريتش» حول العالم، تتخلّى تدريجيًا عن الرموز التقليدية للترف، من النبيذ الفاخر إلى الطائرات الخاصة، ومن اللوحات الفنية النادرة إلى القصور الفخمة.
فكلّ ما كان يومًا عنوانًا للتميّز لم يعد كافيًا اليوم. وبالنسبة لهؤلاء، يبدو أن التفرّد لم يعد في الاقتناء، بل في التجربة والمعنى.
على سبيل المثال، يُعدّ نبيذ Château d’Yquem 2010 أحد أبرز رموز الرفاهية الكلاسيكية، بمزيجه الفريد من نكهات المشمش واللوز المحمّص وقشر الحمضيات ولمسة من الكمأة البيضاء، بحسب مجلة "شالونج" الفرنسية.
وحتى وقت قريب، كان سعره في ارتفاع مستمر؛ ففي عام 2023، ارتفعت قيمة الزجاجة المباعة مباشرة من المنتج بنسبة 60% مقارنة بمنتصف العقد الماضي.
لكن هذا الاتجاه بدأ يتغيّر. فوفقًا لتقرير صادر عن شركة العقارات الفاخرة Knight Frank، التي تُصدر مؤشرًا خاصًا يُعرف باسم "مؤشر الاستثمار في الرفاهية"، ويشمل الأعمال الفنية، والسيراميك الصيني، والسيارات الكلاسيكية، والعملات النادرة، والحقائب والمجوهرات والساعات الفاخرة، فقد ارتفعت قيمة هذه السلع بنسبة 70% بين عامي 2015 و2023، قبل أن يبدأ المؤشر في التباطؤ خلال العامين الماضيين.
ويربط الخبراء هذا التحوّل بتغيّر نظرة الأثرياء إلى معنى “القيمة”.
فبعد جائحة كورونا، وانشغال العالم بمسائل البيئة والاستدامة والهوية الشخصية، أصبح كثير من الأثرياء يفضّلون إنفاق أموالهم على الخبرات الحيّة والرفاه الذاتي، مثل الرحلات النادرة في القطب الجنوبي، أو مشاريع الفن البيئي، أو حتى دعم مبادرات علمية وإنسانية تمنحهم أثرًا رمزيًا يتجاوز المظاهر المادية.
وقالت الخبيرة الاقتصادية الفرنسية إليزابيث دو مورينيه، الباحثة في شؤون الأسواق الفاخرة بجامعة السوربون، لـ"العين الإخبارية": "ما نراه اليوم ليس تراجعًا عن الرفاهية، بل إعادة تعريف للترف نفسه".
وأوضحت أن جيل المليارديرات الجدد لم يعد يسعى إلى التفرّد عبر التملّك، بل عبر التجربة والتأثير. إنهم يريدون أن يكونوا فريدين في رؤيتهم للعالم، لا في مقتنياتهم فحسب".
وأضافت الباحثة أن هذه الموجة ستؤثر قريبًا في استراتيجيات كبرى دور الأزياء والعلامات الفاخرة الفرنسية، مثل "هيرميس" و"شانيل" و"لويس فويتون"، التي بدأت بالفعل في التركيز على الفخامة المستدامة والتجارب الشخصية بدل الإنتاج الكمي المحدود فحسب.
وأشارت إلى أن ترف القرن الحادي والعشرين لم يعد يُقاس بلمعان الذهب، بل بعمق الأثر، وأن ما يشتريه الأثرياء الآن ليس الأشياء، بل القصص التي تروي عنهم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODYg جزيرة ام اند امز