خيوط توشك على الانقطاع.. طوفان الاستيراد يهدد إرث «المعاوز» اليمنية

تمثل "المعاوز" التقليدية من أبرز الأزياء الشعبية التي لا غنى عنها في اليمن، غير أن هذه الصناعة الحرفية تواجه اليوم تحديات اقتصادية تهدد استدامتها.
تمثل "المعاوز" التقليدية من أبرز الأزياء الشعبية التي لا غنى عنها في اليمن، غير أن هذه الصناعة الحرفية تواجه اليوم تحديات اقتصادية تهدد استدامتها.
ومن أكبر التحديات التي تعصف بمهنة حياكة المعاوز، والتي تعد جزءًا أصيلًا من التراث والهوية الوطنية، التوسع الكبير في عمليات الاستيراد، حيث تغرق الأسواق بـ"معاوز خارجية" تتميز بتكلفة إنتاج وجودة أقل، ما يشكل خطرا على المنتج المحلي الأصيل ذي الجودة العالية والكلفة الأكبر، في ظل تردي الأوضاع المعيشية.
وهذا التنافس الشرس يُمثّل ضغطًا هائلًا على قيمة المنتج المحلي وقدرته التنافسية، مما يهدد مصدر دخل آلاف اليمنيين العاملين في هذه المهنة، كونها تمثل موردًا اقتصاديًا مهمًا، خاصةً في ظل حرب الحوثي.
زاد الوضع سوءا مع معاناة حرفيي حياكة "المعاوز التقليدية" من ارتفاع التكاليف، ما دفع كثيرين إلى ترك المهنة بسبب المنافسة غير المتكافئة مع "المعاوز المستوردة".
ويعد إنتاج المعاوز ضمن الصناعات النسيجية في اليمن، التي تعزز الاقتصاد المحلي وتوفر فرص العمل لآلاف اليمنيين وتشكل مصدر دخلهم الوحيد، بالإضافة إلى تصديرها لعدة دول خارجية، لاسيما دول الخليج، وذلك رغم منافسة الاستيراد الشرس.
ندرة الخيوط وحرب الحوثي
وقال مصطفى البريهي، الذي يعمل في حرفة حياكة المعاوز التقليدية منذ أكثر من 15 عامًا، لـ"العين الإخبارية" إنه تعلم حياكة المعاوز في مدينة تعز وهو ما زال طفلًا على يدي والده، كأغلب العاملين في هذه المهنة، مشيرًا إلى أنه غادر إلى عدن عام 2011 برفقة عمه ليشتغل هناك في هذه المهنة.
وتابع: "عملنا بضعة أعوام بشكل طبيعي، وكنا نحيك كل أنواع المعاوز "البيضاني والشبواني" وغيرها يدويًا؛ حتى تسببت الحرب الحوثية عام 2015 بندرة الخيوط ذات الجودة المستعملة في الحياكة".
وأشار إلى أن هذه المشكلة أثرت كثيرًا على عمل هذه المهنة في مختلف أنحاء اليمن، ما فتح المجال واسعًا أمام الاستيراد الخارجي لتغطية الطلب الكبير على المعاوز، خصوصًا خلال فترة الأعياد.
وأوضح البريهي أن حياكة المعاوز يدويًا مهنة مضنية ومتعبة، وتحتاج إلى جهد ووقت لإنتاج كميات تجارية، ويتوقف العمل بمجرد ندرة الخيوط المستخدمة في الحياكة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الخيوط ومستلزمات الصناعة الأخرى.
تهديد مصدر الرزق
وأضاف البريهي أن هناك تحديات أخرى عصفت بمصدر رزق كثير من العاملين في حياكة المعاوز، وأهمها استيراد المعاوز الخارجية.
وبيّن أن الجهد والوقت الذي يستغرقه إنتاج المعاوز يدويًا يجعلها ذات جودة عالية، وبالتالي تستحق أسعارها التي تتناسب مع الجهد والجودة، غير أن المعاوز المستوردة لا ترتقي إلى مستوى جودة المعاوز التقليدية، وفي الوقت نفسه فإن أسعارها رخيصة للغاية؛ ولهذا تلقى إقبالًا من المواطنين محدودي الدخل.
وأوضح البريهي أن هذه المعضلة تسببت بخسارة كثير من العاملين في حياكة المعاوز لمصادر رزقهم ودخلهم، في ظل عدم اهتمام السلطات بهذه الحرفة، رغم أنها مهنة وإرث الأجداد للأبناء، وتستوجب التقدير وحماية العاملين فيها من مخاطر الاستيراد الخارجي.
خطوة استراتيجية
ويرى خبراء أن "دعم هذه الصناعة وحمايتها من الإغراق الاستيرادي من خلال فرض رسوم جمركية على المعاوز المستوردة يُعدّ خطوة استراتيجية نحو تنمية محلية مستدامة حفاظًا على التراث كأصل اقتصادي ودعم الحرفيين المحليين".
يشار إلى أن صناعة المعاوز التقليدية باليمن تتركز في محافظات: "البيضاء، شبوة، تعز، أبين، ولحج"، وغالبية العاملين فيها هم من المنتجين الفرديين، ويعملون إما في محال تجارية خاصة بهم أو داخل منازلهم.
وبحسب إحصائيات ما قبل حرب مليشيات الحوثي، فإن نحو 60% من منتجي المعاوز اليدوية في اليمن هم منتجون فرديون، بينما قرابة 40% يتبعون مؤسسات وجمعيات محلية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTYg جزيرة ام اند امز