مرحبا بكم في مدينة المطر.. إليكم تفاصيل افتتاح COP30 «نسخة الحقيقة» في بيليم
انطلقت فعاليات COP30 في بيليم، مدينة المطر، والتي يطلق عليها "نسخة الحقيقة" وسط تحديات وطموحات عن مستقبل أزمة المناخ؛ فما أبرز التفاصيل؟
في تمام العاشرة صباحًا (قبل توقيت غرينتش بثلاث ساعات GMT-3)، بدأت الحيوية في القاعة الرئيسية في المكان المخصص لمؤتمر الأطراف المعني بالتغيرات المناخية في دورته الثلاثين (COP30) في مدينة بيليم بالبرازيل، في خلال دقائق معدودة، صعدت على المنصة رئاسة COP29 بقيادة "مختار باباييف"، وفي الخلفية شاشة ضخمة تعرض بعض الصور ربما للصناعات المحلية في البرازيل وبعضها أيضًا يُشير إلى السكان الأصليين المميزين للبرازيل وغابات الأمازون تحديدًا.
هدأت القاعة، ليبدأ "باباييف" بإلقاء التحية على الحضور؛ قائلًا: "إنه من دواعي سروره أن قابلكم في البرازيل من جديد"، وتابع مشيرًا إلى البرازيل "لقد أعطتنا هذه الدولة الكثير من الأشياء الجميلة، إنها بلاد غابات الأمازون"، وذكر عدد من الشخصيات البرازيلية البارزة في الأدب، منهم: "يواكيم ماريا ماتشادو دي أسيس" (Joaquim Maria Machado de Assis) و"جورجي أمادو" (Jorge Amado) و"باولو كويلو" (Paulo Coelho). وتابع باباييف قائلًا: "والآن هي أرض COP30). واستطرد قائلًا: "كل عام نواجه تحديات، ولم يكن COP29 في باكو مختلفًا". وأشار إلى أنّ ضرورة الاتحاد من أجل هدف مشترك.

والحقيقة أنه كانت هناك العديد من القضايا التي برزت خلال الجلسة الافتتاحية، يأتي على رأسها التمويل المناخي؛ فقد أشار باباييف إلى أننا نواجه تحدي أقوى من التحديات الأخرى، وهو الوصول إلى اتفاق حول التمويل المناخي، وقال: "نحن بحاجة إلى أن يتقدم الجميع في كل اتجاه ممكن، وقد ألهم هذا النهج خارطة طريق باكو-بيليم، إنها المرجع الرئيسي لعملنا. تبين أنّ الطريق إلى 1.3 تريليون دولار ممكن، لكنه يعتمد على الإرادة السياسية والعمل العالمي". مشددًا على أنّ "التمويل العام هو العمود الفقري لهدف التمويل الذي وضعه باكو".
"لقد انتهينا من كتاب قواعد باريس العام الماضي. لقد أنهينا فصلًا في العقد، ومع التنفيذ وضعنا إطارًا لكيفية دعم الدول النامية خلال العقد المقبل، وهكذا ندخل الآن أول دورة تنفيذية كاملة لاتفاق باريس، إنها حقبة جديدة". "نحن نعقد اجتماع قمة للمناخ كل عام، لتذكير الجميع أنهم لا يواجهون هذه العقبات وحدهم". بحسب باباييف.
من جانب آخر، أشار باباييف في كلمته الافتتاحية إلى ضرورة مضاعفة تمويل التكيف، والذي كان من المقرر أن يتم بحلول نهاية العام 2025، وقال: "والموعد النهائي يقترب، لذا يجب على الدول المتقدمة استغلال كل فرصة متبقية لسد الفجوة". ثانيًا هناك حاجة إلى مضاعفة تمويل الأمم المتحدة للمناخ ثلاثة أضعاف بحلول العام 2030؛ وهذا مطلب رئيسي للدول الجزرية الصغيرة النامية، وهي من أكثر الدول تأثرًا وتعرضًا لآثار التغيرات المناخية وأغلبها معرض للغرق؛ بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر. وطلب باباييف من الدول الضعيفة تفهم محدودية التمويل المناخي الذي قُرر في باكو العام الماضي، وقُدر بنحو 300 مليار دولار سنويًا بحلول العام 2035.
تسليم رئاسة المؤتمر للبرازيل
يجلس باباييف على كرسي رئاسة المؤتمر، ويبدأ في الاستشهاد بالمادة رقم 22 من مسودة النظام الداخلي لمؤتمر الأطراف في "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" (UNFCCC)، والتي تُحدد دور الرئيس المعين للمؤتمر، ولأنّ منصب الرئيس يخضع للتناوب بين المجموعات الإقليمية الخمس للأمم المتحدة؛ فهذه الدورة تنتخب رئيسًا من مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ووفقًا لذلك، أعلن مختار باباييف انتخاب "أندريه كوريا دو لاغو" (André Aranha Corrêa do Lago)، نائب وزير المناخ والطاقة والبيئة في وزارة الخارجية البرازيلية؛ رئيسًا لـ COP30، واعتمد باباييف القرار بالمطرقة للمرة الأخيرة، ثم دعا "أندريه كوريا دو لاغو" لاستلام الرئاسة.

بدأ دو لاغو المؤتمر مرحبًا بالضيوف، معربًا عن تفاؤله بأجندة المؤتمر، والتي وصفها بأنها "ستكون استثنائية لنمو توليد الوظائف وتحسين حياة الناس". وعبر عن اعتزازه بهذا المنصب؛ قائلًا: "إنه لشرف عظيم أن أتولى رئاسة COP30. لدي 43 عامًا من الخبرة الدبلوماسية، لذا أعتقد أنني أستطيع فهم المسؤولية التي تنتظرني، وهي ليست صغيرة، ليس فقط خلال الأيام الـ 12 للمؤتمر، ولكن أيضًا طوال الأشهر الـ 12 التي سبقت ولايتي كرئيس لمؤتمر الأطراف".
بعد ذلك، عاد بذاكرته للفترة التي كان فيها دبلوماسيًا شابًا يعمل على تنظيم مؤتمر ريو 92، هناك حيث ولدت "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ"، يقول دو لاجو "لقد أصبحت مفتونًا بالموضوع في ذلك الوقت، وما هي الإمكانيات التي فتحتها هذه الأجندة للدبلوماسية البرازيلية".
أشار دو لاغو إلى الحروب في ثنايا حديثه، لكنه في نفس الوقت أشار إلى الجانب الطيب من البشر وقدرتهم على فعل أشياء استثنائية. واستعان ببروتوكول مونتريال ونجاحه في كبح زمام ثقب الأوزون والذي يلتئم الآن، كذلك يمكن للبشر التعاون لمكافحة التغيرات المناخية، وأشار إلى التقدم الذي حققته الأطراف في ملف المناخ. وقال: "ستُظهر أجندة المؤتمر العديد من المسارات، لذلك؛ فهذه النسخة من الـ COP، هي نسخة التنفيذ". وتابع: "أتمنى أن تظل تذكرنا بأنه مؤتمر الأطرف للتكيف، مؤتمر الأطرف لتعزيز التكامل المناخي مع الأنشطة الاقتصادية، وتوليد الوظائف، وقبل كل شيء، كوب سيستمع ويؤمن بالعلم".
بعد ذلك، أعلن أندريه كوريا دو لاغو افتتاح الدورة العشرين لمؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماع الأطراف في بروتوكول كيوتو (CMP20)، ولأول مرة استخدم مطرقة القرارات، ولن تكون هذه هي المرة الأخيرة، ثم أعلن افتتاح الدورة السابعة من مؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماعًا للأطراف في اتفاق باريس (CMA7).
تحذيرات ستيل
بعد ذلك، انتقل الميكروفون إلى "سيمون ستيل"، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. والذي دعا إلى ضرورة التحول إلى اقتصاد أخضر منخفض الكربون، مشيرًا إلى الآثار المتربتة على تقاعس الحكومات، من ركود اقتصادي وارتفاع في معدلات التضخم. وأشار إلى أنه لا تستطيع أي دولة تحمل هذا العبء.
وأشار ستيل إلى أنّه "عندما تزهق كوارث المناخ أرواح الملايين بينما الحلول متاحة بالفعل، فإن ذلك لن يُغفر أبدًا". وشدد على ضرورة "إعادة درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بعد أي تجاوز مؤقت". وربما كان يُلمح على الولايات المتحدة الأمريكية التي قررت الانسحاب من اتفاق باريس، قائلًا: "من يختارون الانسحاب أو يتخذون خطوات صغيرة سيواجهون ركودًا وارتفاعًا في الأسعار، بينما تتقدم اقتصادات أخرى للأمام".

مرحبًا في مدينة المطر!
رحب "لويس إيناسيو لولا دا سيلفا" (Luiz Inácio Lula da Silva)، رئيس البرازيل بالضيوف، ودعا الحضور للاستمتاع بفترة المؤتمر في المدينة وتجربة الطعام الذي لا يُوجد في أي مكان آخر في العالم. ثم انطلق في صلب الموضوع، قائلًا: "لقد قررنا أن نوافق على تحدي استضافة الـ COP في منطقة الأمازون، لكي نثبت أنه عندما نمتلك الإرادة السياسية والإلتزامات، مع الثقة؛ فيمكننا أن نثبت أنه لا يوجد مستحيل للبشر؛ لكن المستحيل هو عدم وجود شجاعة للمواجهة. هذا درس حضاري، هذا درس لعظمة الإنسان".
واستدعى ذاكرة الحضور باجتماع قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، حينما اجتمع قادة العالم لمناقشة قضايا التنمية وحماية البيئة وخرجت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وقال: "اليوم، عادت اتفاقية المناخ إلى موطنها. إنها تشق طريقها لاستعادة الحماس الذي دفع ميلادها في الأسبوعين المقبلين".
وأشار في حديثه إلى السكان الأصليين الذين ينتشرون في مناطق 9 دول نامية لا يزالون يواجهون تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة ويكافحون من أجل التغلب عليها بنفس التصميم الذي تمكنوا به من تجاوز الصعوبات اللوجستية التي اضطررت إلى تنظيم مؤتمر بهذا الحجم، وقال للحضور: "عندما تغادرون مدينة المطر، سيواصل سكان المدينة الاستثمارات في البنية التحتية التي تم إجراؤها هنا لاستقبالكم جميعًا والعالم، لأنه يعرف الآن حقيقة غابات الأمازون الاستوائية"؛ إذ يُطلق في بعض الأحيان على مدينة بيليم البرازيلية اسم "مدينة المطر" (The City of the Rain).

ويجدر بالذكر أنه في الأيام السابقة، اجتمع في هذا المؤتمر وزراء دول وحكومات وممثلون عن منظمات دولية ومنظمات مجتمع مدني خلال قمة المناخ. أطلقنا مبادرة "مرفق الغابات الاستوائية إلى الأبد". ويقول لولا دا سيلفا: "إنها منشأة مبتكرة استثمرت 5.5 مليار دولار في يوم واحد فقط. اعتمدنا التزامات جماعية، أولها التكامل في التعامل مع الحرائق، وثانيها حق ملكية الأراضي للشعوب الأصلية والتقليدية لمضاعفة إنتاجية الأراضي المستدامة أربع مرات. كما ساهمنا في إنشاء تحالف لأسواق الكربون ومواءمة العمل المناخي لمكافحة الجوع والفقر المدقع، بالإضافة إلى مكافحة العنصرية البيئية".
وشدد سيلفا على ضرورة "التعامل مع تغير المناخ ليس تهديدًا للمستقبل. إنه بالفعل مأساة في الوقت الحاضر". كما أنّ ارتفاع درجة الحرارة العالمية ينشر الألم والدمار، وخاصة بين السكان الأكثر ضعفًا. وقد أعلنت رئاسة البرازيل من قبل عن مكافحتها للأخبار المضللة؛ قائلة: "ستكون هذه النسخة من COP، هي نسخة الحقيقة، هناك أخبار كاذبة ومعلومات مضللة، رفض ليس فقط للأدلة ولكن من خلال العلم، لذا تنتشر الكراهية. الخوف من هجوم المؤسسات، هجومهم على العلم والجامعات. الآن، حان الوقت لفرض هزيمة جديدة على المنكرين".
وأكد سيلفا على أهمية دعم تنفيذ اتفاق باريس، وإلا سيعاني العالم من ارتفاع كارثي في درجات الحرارة. "لذا، فإننا نتحرك في الاتجاه الصحيح. ولكن بالسرعة الخاطئة. بهذه الوتيرة، سنتقدم إلى عتبة، عتبة أعلى من ذلك، تلك التي تبلغ درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية".
واختتم قائلًا: "آمل أن يُلهمنا هدوء الغابة جميعًا للتفكير الضروري لمعرفة ما يجب فعله"؛ موجهًا 3 نداءات، الأول، كان موجهًا إلى تلك البلدان للالتزام بالتزاماتها، وهذا يعني صياغة وتنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا. والثاني، لضمان تمويل نقل التكنولوجيا وبناء القدرات للدول النامية وإيلاء الاهتمام للتكيف مع آثار تغير المناخ. أما النداء الثالث؛ فكان دعوة للمجتمع الدولي لوضع الناس في صميم أجندة المناخ؛ فالاحتباس الحراري دفع ملايين الناس إلى الجوع والفقر، وأننا يمكن أن نواجه انتكاسات عقود من التقدم. "يجب أخذ التأثير غير المتناسب لتغير المناخ على النساء والمهاجرين والفئات المهمشة في الاعتبار في سياسات التكيف".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTIg
جزيرة ام اند امز