في بداية العام، اجتاز داعش خطوط جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" و"القاعدة" في مالي للاستيلاء على الأراضي المجاورة لحدود موريتانيا.
يشهد عام 2020، نشوب قتال محتدم بين "داعش" و"القاعدة" للسيطرة على مناطق غرب إفريقيا. وأصبح من الواضح أن القاعدة ليست مستعدة لتسليم معقلها في الصومال لتنظيم "داعش" أو لأي تنظيم آخر، بعد عدة محاولات، فهي متمسكة بالمنطقة بكل ما أوتيّت من قوة.
وإذا اتجهنا قليلا إلى الجنوب، وبالتحديد في موزمبيق، فإن "داعش" هو الذي يسيطر بشكل متزايد على الأرض دون أن تبدي "القاعدة" أي مقاومة تذكر. ونحو وسط إفريقيا، يقوم "داعش" في جمهورية الكونغو الديمقراطية بتثبيت أقدامه بلا منافس، باعتباره المجموعة الإرهابية الوحيدة في تلك المنطقة. ونحو الغرب، يقترب من المحيط الأطلسي، حيث نشهد قتالاً غير مسبوق لتنفرد الجماعة الإرهابية بالمنطقة، دون وجود أي منازع.
ويخوض تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، وتنظيم داعش "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى"، معارك ضارية لم يُشهد لها مثيل منذ مطلع السنة الجارية.
إذا نجح المحتجون في الإطاحة برئيس مالي هذا العام، سنشهد في أوائل عام 2021 سيناريو جديد في غرب إفريقيا.
ومنذ تأسيس تنظيم القاعدة لفرعه في الساحل الإفريقي "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" عام 2017، كانت لكل مجموعة منطقة نشاط خاصة بها في مالي وبوركينا فاسو والنيجر ولم يكن هناك أي احتكاك بينهما، ولكن بحلول عام 2020، تم كسر توازن القوة الهش أصلا.
ففي بداية العام الحالي، اجتاز داعش خطوط جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" "القاعدة" في مالي بنية واضحة للاستيلاء على الأراضي المجاورة للحدود الموريتانية. ولم يتأخر رد جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، التي تمكنت بمساعدة غير معلنة من قوات مالي وبوركينا من محاصرة داعش في غابات جنوب بوركينا فاسو بعد معارك حامية الوطيس.
وأطلق داعش هجوماً مضاداً استهدف فرع القاعدة في بوركينا فاسو ومالي، وشن أكثر من 25 هجوماً، بما في ذلك مناوشات حدثت بينمها ارتدى فيها مقاتلو داعش أزياء جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" قصد التمويه والخداع، وكذا وتفجير مركبة بمقاتلي القاعدة، وهو ما يعطي فكرة عن اشتداد المواجهات بينهما.
وقد ازدادت الأمور تعقيدا، حيث شهدت المنطقة تنامي الهجمات القاتلة ضد المدنيين. وتنفذ الهجمات بنفس الطريقة، حيث تهاجم أكثر من 60 دراجة نارية وعربة مسلحة قرى في مالي لقتل المدنيين.
ويزعم البعض أن مجرمين يرتدون أزياء الجيش المالي قاموا بتنفيذها. ونتساءل هنا، من يمكن أن يكون وراء هذه الهجمات؟ لسبب غير مفهوم، بعد ضعف فعالية حكومتي مالي وبوركينا فاسو في الدفاع عن أراضيهما، تم تأسيس تكتل "دول منطقة الساحل الخمس"، الذي يستمر في المطالبة بالتمويل دون تحقيق أي نتائج على الأرض. وأدى كل ذلك إلى حدوث ثورة في مالي تزعمتها مختلف الأحزاب السياسية والدينية. وتضغط جماعة تسمى "M5-RFP" والإمام محمود ديكو، رئيس المجلس الاسلامي الأعلى في مالي، على رئيس البلاد، مطالبين باستقالته.
وإذا تعذّر علينا استيعاب كل هذه الفوضى، فإن الشيء الوحيد الذي سيساعدنا على فهمها جزئياً هو أنه في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ستشهد ساحل العاج انتخابات رئاسية حاسمة، وفي 22 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ستنظم انتخابات بوركينا فاسو الرئاسية أيضاً، بينما ستكون الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية النيجيرية في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2020، في حين ستكون الجولة الثانية في 21 فبراير/ شباط 2021. وإذا نجح المحتجون في الإطاحة برئيس مالي هذا العام، سنشهد في أوائل عام 2021 سيناريو جديد في غرب أفريقيا مع إدارة جديدة في أربعة بلدان على الأقل، و"داعش" جديد أيضاً في المنطقة التي يريد السيطرة على أراضيها، لكنه ليس في عجلة من أمره لتحقيق أهدافه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة