غرب أفريقيا.. ممر الكوكايين التجاري يتحول لبؤرة إدمان

ذكرت إذاعة "آر إف أي" الفرنسية، في تقرير اليوم الأربعاء، أن غرب أفريقيا لم تعد مجرد ممر رئيسي لشحنات المخدرات القادمة من أمريكا اللاتينية والمتجهة إلى أوروبا، بل أصبحت اليوم سوقاً ناشئة وخطيرة للاستهلاك المحلي.
ومنذ مطلع الألفية، اعتبرت المنطقة نقطة عبور مثالية نحو أوروبا، خصوصاً عبر السنغال وسواحل خليج غينيا. لكن مع تضاعف حجم الشحنات منذ عام 2019، وبسبب الطرق البديلة الأقل مراقبة، بدأت كميات من هذه المخدرات تُستهلك محلياً، وفقا ًللإذاعة الفرنسية.
وأكد لوران لانييل من الوكالة الأوروبية لمكافحة المخدرات أن "التدفقات باتت تفيض على السوق المحلية، حيث يحصل الوسطاء على جزء من المخدرات كأجر، فيبيعونها مباشرة داخل مجتمعاتهم".
مركز دكار.. أمل في مواجهة الإدمان
وفي دكار، العاصمة السنغالية، يوجد المركز الوحيد لعلاج الإدمان في غرب إفريقيا (CEPIAD)، حيث يتلقى المرضى علاج الميثادون مع تدريبات مهنية كالخياطة وصناعة الباتيك.
وقال سامبا، أحد المتعافين بعد 15 عاماً من إدمان الهيروين: "الميثادون أنقذني، لقد عدت إلى عائلتي وأتعلم حرفة". ويضيف محمد ديوب، مشرف بالمركز وناجٍ من الإدمان: "كان معجزة بالنسبة لي… منذ أن بدأت العلاج لم أعد إلى الهيروين".
لكن في المقابل، يشير مسؤولو المركز إلى ارتفاع عدد طلبات العلاج ليصل إلى أكثر من 40 حالة جديدة شهرياً، ما يكشف حجم الخطر.
عصابات عابرة للقارات
ويوضح تقرير مبادرة "GI-TOC" حول "الفِللِيَر الأطلسية" أن اثنتين من القوى الإجرامية تسيطران على المشهد: منظمة PCC البرازيلية (Primero Comando da Capital) التي تدير اللوجستيات وتربط المنتجين بالموزعين.
ومافيا ندرانغيتا الإيطالية، التي أقامت موطئ قدم في السنغال وساحل العاج وغانا والنيجر.
كما تسعى مافيات البلقان (صربيا، مونتينيغرو، ألبانيا) إلى تعزيز نفوذها، ما جعل غرب إفريقيا "مركزاً محورياً" في تجارة الكوكايين نحو الاتحاد الأوروبي.
الكوش.. "مخدر الزومبي"
ومن أخطر الظواهر المستجدة انتشار الكوش، خليط صناعي يعتمد على مواد أفيونية أو كانابينويدات صناعية تُرش على أوراق نباتية. ظهر في سيراليون منتصف العقد الماضي وسرعان ما انتشر في ليبيريا وغينيا وغامبيا والسنغال.
ويصف أحد المدمنين في فريتاون معاناته قائلاً: "منذ 2018 فقدت عائلتي بالكامل… كنا أول من وقع في فخه خلال الانتخابات، واليوم لا أستطيع التوقف".
المخدرات الأكثر تداولاً
وفقاً لشبكة WENDU لدراسة الإدمان (2024): الحشيش هو الأكثر استهلاكاً، ويأتي الترامادول في المرتبة الثانية، حيث مثلت المنطقة 97% من المضبوطات العالمية بين 2017 و2021، إذ يستخدمه العمال والسائقون والتجار لتحمل الجهد. أما الكوكايين، والهيروين، والإكستاسي، والكوش فتتوسع بشكل غير مسبوق.
أرقام مقلقة
وارتفعت نسبة الإدمان في غرب ووسط أفريقيا بنسبة 23% خلال العقد الماضي، كما بلغ معدل الاستهلاك 10% من السكان مقابل 4.4% المعدل العالمي، وارتفعت طلبات العلاج 45% خلال عشر سنوات، فيما تظل المراكز الطبية المتخصصة شبه منعدمة.
أزمة صحية واجتماعية صامتة
وقالت بوسو مباي فال، مسؤولة بمركز دكار: "بدأنا قبل عقد بـ20 مريضاً، اليوم نعالج 45 حالة شهرياً، بينها مدمنو الكوش.. والإمكانات لا تكفي"، بينما يضطر معظم المرضى لدفع تكاليف العلاج بأنفسهم.
وبينما تواصل شبكات التهريب جني المليارات، يزداد عدد ضحايا الإدمان في شوارع دكار وفريتاون وباماكو، دون وجود برامج إقليمية قوية توقف هذا الانهيار.