غرب أفريقيا.. كرة بين لاعبين دوليين في ساحة ينهشها الإرهاب
مع توسع دائرة الصراع على النفوذ بين الغرب وروسيا بغرب أفريقيا، ضربت هذه البقعة من القارة السمراء عدة انقلابات متتالية، غيرت هرم السلطة.
وتزامن تغيير السلطة في عدة دول غرب أفريقية، مع حالة الرغبة لدى بعضها، للخروج من العباءة الأوروبية، فيما أحكمت فرنسا قبضتها بعد انقلابات بعينها في بعض تلك الدول، فما قصة هذا التحول الجيو-سياسي، وما موقع الدول الغربية وروسيا في مفاصله؟؟.
"العين الإخبارية"، تنشر مضمون دراسة أعدها مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات، تطرقت بنفس تحليلي كبير إلى أبرز معالم التغيير الجديدة في دول غرب إفريقيا.
عصيان بوجه فرنسا والحضور الروسي
بدأت الدراسة بالإشارة إلى إعلان بعض الحكومات راية العصيان في وجه فرنسا، التي ظلت لعقود طويلة تمارس دور الولاية والحماية والدعم لعدد من الأنظمة الكبرى في المنطقة، وذلك لمجرد امتعاضها من الانقلابات العسكرية، وتحفّظها على تكرارها، لتحضر روسيا في المشهد بديلاً جاهزاً.
ولأن روسيا تملك على الأرض قوات “شركة فاغنر” التي تعمل بالوكالة لصالحها -وفق المركز- شكل ذلك قلقا لفرنسا التي استنفرت أوروبا لنصرتها والدفاع عن مصالحها، في ساحة الصراع الخلفي بينها وبين موسكو، التي تأثرت بالأزمة الأوكرانية أيضاً.
ولعل ما زاد الأمر تعقيداً إقحام فكرة استعداء الشعوب الإفريقية لفرنسا، تحقيقاً لمصالح بعض الأنظمة الجديدة، وهو ما تجلى في التظاهرات الشعبية، التي عبرت عن فرحتها بسحب فرنسا قواتها العاملة في مكافحة الإرهاب في دولة مالي.
وفي هذا الإطار، تناقش الدراسة مدى تأثير ظاهرة الانقلابات العسكرية، وصراع النفوذ بين روسيا وأوروبا، في تنامي ظاهرة الإرهاب في غرب أفريقيا. وذلك عبر تناول النقاط التالية: أولاً، ظاهرة الانقلابات العسكرية في غرب أفريقيا. ثانياً، الإرهاب.. وطبيعة التهديدات وحجم الوجود. ثالثاً، القوات العسكرية الفرنسية في غرب أفريقيا.. الانسحابات والتراجعات. رابعاً حجم التدخل الروسي.. الحضور والطموح. وأخيراً العلاقة بين الانقلابات العسكرية والصراع الغربي – الروسي على تنامي الإرهاب.
شهدت القارة الإفريقية منذ استقلال معظم دولها من احتلال دول أوروبية في ستينيات القرن الماضي أكثر من 200 انقلاب عسكري، وهو رقم يجعلنا لا نستغرب وقوع 4 انقلابات عسكرية لتولي الحكم في 10 شهور فقط في غرب أفريقيا، أحدثها في بوركينا فاسو، وهو الانقلاب الحادي عشر في تاريخ البلد الواقع في منطقة الساحل والصحراء وهو الأكثر اضطراباً غرب القارة السمراء.
وأبرز الانقلابات في العقد الأخير هي:
انقلابات مالي:
-في 22 مارس/ 2012، أطاح عسكريون نظام أمادو توماني توري. وأقدمت “لجنة وطنية للنهوض بالديمقراطية وإعادة بناء الدولة” برئاسة الكابتن أمادو هايا سانوغو على حل المؤسسات.
- في 18 أغسطس/ آب 2020، أطيح بالرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا بعد بضعة أشهر من أزمة سياسية. وأدى الانقلاب العسكري إلى فرض عقوبات دولية، رفعت بعد تشكيل حكومة انتقالية، بهدف تسليم السلطة للمدنيين خلال 18 شهراً.
- في 24 مايو/ 2021، اعتقل العسكريون الرئيس ورئيس الوزراء بعد تعيين حكومة انتقالية جديدة أثارت استياءهم. وتم تنصيب الكولونيل آسيمي غويتا في يونيو رئيساً انتقالياً.
انقلابات العقد الأخير
- غينيا بيساو: في 12 إبريل/ نيسان 2012، أدى انقلاب عسكري إلى تعطيل العملية الانتخابية قبل أسبوعين من الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. وخلع الانقلابيون بقيادة الجنرال أنطونيو إندجاي الرئيس ريموندو بيريرا ورئيس حكومته.
- بوركينا فاسو: في 17 سبتمبر/ أيلول 2015، وبعد أقل من عام على سقوط بليز كومباوري الذي أطاحته انتفاضة شعبية، أطاح انقلاب الرئيس ميشال كافاندو، بقيادة وحدة نخبة من الجيش. وأعيد إلى مهامه بعد أسبوع، إثر اتفاق بين الجنود الموالين والانقلابيين.
- زيمبابوي: في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أُجبر الرئيس روبرت موغابي (93 عاماً)، في حينه، الرئيس الأكبر سناً في العالم، على تقديم استقالته بدفع من الجيش وحزبه وضغط الشارع، في ختام أسبوع من الأزمة، بينما كانت الجمعية الوطنية تبحث إقالته.
- دولة تشاد: في 20 إبريل/ نيسان 2021، غداة وفاة الرئيس إدريس ديبي، أقدم مجلس عسكري انتقالي برئاسة نجل الرئيس الراحل محمد إدريس ديبي، الذي كان قائداً للحرس الرئاسي، آنذاك، على حل الحكومة والجمعية الوطنية. ومن ثم وعد ديبي “الابن” بمؤسسات جديدة بعد انتخابات “حرة وديمقراطية” في غضون عام ونصف العام. ولم يستبعد الجنرال ديبي في الآونة الأخيرة تمديد الانتقال 18 شهراً ما لم تُستوفَ “بعض الشروط”.
دولة غينيا: في 5 سبتمبر/ أيلول 2021، أطاح انقلاب عسكري الرئيس ألفا كوندي، ووعد الانقلابيون بقيادة الكولونيل مامادي دومبويا بإجراء “مشاورات” وطنية بهدف تحقيق انتقال سياسي يوكل إلى "حكومة وحدة وطنية".
دولة بوركينا فاسو: في 23 يناير/ كانون الثاني 2022، استولى عسكريون متمردون على القاعدة العسكرية في العاصمة واغادوغو، واعتقلوا الرئيس كريستيان كابوري، وفي 24 يناير، أعلن الجيش على شاشة التلفزيون أن كابوري قد عُزل من الرئاسة، وبعد الإعلان صرح الجيش بحلّ البرلمان والحكومة ووقف العمل بالدستور. وفي 31 يناير، أعلن المجلس العسكري إعادة العمل بالدستور، وتعيين قائد الانقلاب المقدم بول هنري سانوغو داميبا رئيساً مؤقتاً.
مفارقات الانقلابات
وتلاحظ الدراسة أن دولتي مالي وبوركينافاسو كانتا الأكثر في عدد الانقلابات من الدول الأخرى، بواقع ثلاثة انقلابات للأولى واثنان للثانية وأن قائد الحرس الرئاسي التشادي، محمد إدريس ديبي إيتنو، تولى قيادة مجلس عسكري مكلف تولي إدارة البلاد، بعد وفاة والده الرئيس إدريس ديبي إيتنو، ولم تتولَ المعارضة المسلحة السلطة، كما حدث في الدول الأخرى.
كما تلاحظ أن دول غرب أفريقيا باتت ساحة للجماعات الإرهابية بسبب عدم الاستقرارين السياسي والاجتماعي الناتج عن الانقلابات العسكرية، وأن علاقة الدول التي شهدت انقلابات متكررة في غرب إفريقيا مع الدول الكبرى، خاصة فرنسا وأمريكا، شهدت توتراً في الكثير من الأحيان، فضلا عن أن النظم السياسية والعسكرية الجديدة في غرب أفريقيا عملت على توسيع دور شركة “فاغنر” الروسية لمحاولة تخفيف وطأة الضغطين الأمريكي والفرنسي عليها.
الإرهاب شر خطر
شهدت القارة الإفريقية خلال عام 2021 ارتفاعاً ملحوظاً في عدد العمليات الإرهابية مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث بلغ عدد العمليات 735 عملية تنوعت ما بين هجمات إرهابية وعمليات انتحارية واغتيالات، الأمر الذي اتسق مع التحديات الأمنية المتعددة التي شهدتها القارة، وخاصة منطقة غرب إفريقيا، التي من بينها استمرار جائحة كورونا “كوفيد – 19″، وعدم الاستقرار الأمني المرتبط بكثرة الانقلابات العسكرية وتعددها.
إضافة إلى استمرار تصدر إفريقيا كوجهة مفضلة لبقايا عناصر داعش في سوريا والعراق، كبيئة حاضنة ومهيأة لاستقبال المزيد من عناصر الجماعات الإرهابية، في ظل غياب الاستقرار الأمني، واستمرار الصراعات السياسية، والتوترات الإقليمية، واهتراء كثير من المناطق الحدودية بين البلدان المختلفة الأمر الذي يجعل انتقال العناصر إليها أسهل.
فضلاً عن توافر الموارد الطبيعية التي تمنح تلك الجماعات قدرة أكبر على الاستمرار والتمدد، الأمر الذي يفسر فتح تلك الجماعات الإرهابية لمسرح عملياتي جديد في بلدان ربما لم يطرقها الإرهاب من قبل وفي مقدمتها أوغندا وبنين وتوجو، وكذلك ساحل العاج التي رصد تمدد النشاط الإرهابي إليها من جارتها بوركينا فاسو منذ عام 2020، الذي شهد أول العمليات الإرهابية بها منذ عام 2016.
وفي غرب القارة يزداد الأمر تعقيداً عن شرقها لوجود جماعة “بوكو حرام”، الحركة التي تعد أشد فتكاً ودمويةً في القارة الأفريقية، وقد ظهرت تلك الجماعة في نيجيريا عام 2002، وبدأت عملياتها المسلحة عام 2009، وانتشرت شيئاً فشيئاً لتتسع دائرة عملياتها نحو النيجر وتشاد والكاميرون.
إلا أن الأمر اختلف كثيراً بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا؛ حيث سارعت تلك الجماعة إلى إعلان ولائها لذلك التنظيم بقيادة زعيمها الأسبق أبو بكر شيكاو لتصبح ولاية غرب أفريقيا، لكن بعد مدة قام التنظيم بتغيير قيادة تلك الجماعة، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل شيكاو ومعه عدد كبير من أفراد التنظيم، الأمر الذي تسبب في حدوث أكبر انشقاق في تاريخ الجماعة.
ومنذ تلك اللحظة بدأت حرب ضروس بين زعيم الجماعة شيكاو ومعه مجموعه كبيرة من أنصاره تحت اسم “بوكو حرام” والقائد الجديد لولاية غرب إفريقيا أبو مصعب البرناوي ابن مؤسس الجماعة محمد يوسف، وانتهت تلك الحرب بمقتل شيكاو في إحدى تلك المواجهات ما تسبب في خفوت نجم بوكو حرام؛ حيث تواجه حرباً طاحنة من أجل البقاء خاصة في ظل وجود تنظيم داعش الذي أصبح يسيطر بشكل مطرد على فصائل بوكو حرام، بل ويقتلون من يقاوم أو يرفض البيعة لهم؛ الأمر الذي أدى إلى ارتفاع ظاهرة الهروب الجماعي من تلك الجماعة وإعلان الاستسلام للحكومة النيجيرية في ظل فقدان بوكو حرام القدرة على التمويل، إضافة إلى الاستراتيجية التي اتبعتها دول المنطقة في التعامل مع عناصر الجماعة الذين يسلمون أنفسهم للقوات الأمنية في تلك البلدان.
وقد عمل تنظيم داعش على تغيير استراتيجيته في غرب إفريقيا رغبةً منه في كسب الدعم الشعبي في تلك المنطقة؛ حيث سعى إلى كسب ثقة المواطنين بالاعتماد على تلبية احتياجاتهم بعيداً عن سياسة الترهيب التي كانت تستخدمها “بوكو حرام”.
كما أن معظم الهجمات التي ينفذها التنظيم تستهدف في المقام الأول قوات الأمن، وذلك على عكس ما كانت تفعله “بوكو حرام” التي لا تفرق بين مدني وعسكري في هجماتها. هذه الاستراتيجية الجديدة التي انتهجها التنظيم الإرهابي أدت في المجمل إلى تراجع عدد القتلى. كما أن المواجهات الشرسة التي وقعت بين الطرفين أسهمت بشكل كبير في إضعافهما وتحديداً بوكو حرام، وبالتالي انعكس هذا على العمليات التي نفذت في المنطقة؛ حيث تراجع النشاط الإرهابي في بعض المناطق بينما ارتفع في بعضها الآخر.
حساب الإرهاب
في إحصائية أعدتها دراسة مركز "تريندز" تصدرت نيجيريا الدول الأكثر تضرراً من العمليات الإرهابية في تلك المنطقة؛ حيث شهدت خلال عام 2021 نحو 125 عملية إرهابية، ورغم هذه الزيادة في عدد العمليات فإن عدد القتلى تراجع بنسبة 42.6 % مقارنة بــعام 2020؛ حيث أسفرت عن مقتل أكثر من 720 شخصاً وإصابة نحو 290 آخرين، إضافة إلى اختطاف نحو 1020 شخصاً؛ حيث تُظهر هذه النتائج أن عمليات الخطف قد ارتفعت بنسبة 70%.
دولة النيجر: التي تعتبر تحت سيطرة تنظيم داعش بشكل كبير فقد ارتفع فيها مؤشر العمليات الإرهابية بنسبة 52.9%، وبالتالي ارتفع عدد الضحايا بنسبة 73% مقارنة بــعام 2020، حيث شهدت البلاد نحو 50 عملية إرهابية أسفرت عن مقتل أكثر من 775 شخصاً وإصابة ما يزيد على 120 آخرين، إضافة إلى اختطاف نحو 25 آخرين.
دولة تشاد: تراجع فيها النشاط الإرهابي بنسبة 58.3%؛ حيث شهدت البلاد 5 عمليات إرهابية أسفرت عن سقوط نحو 80 شخصاً بين قتيل وجريح، وتظهر النتائج تراجعاً واضحاً في أعداد الضحايا بنسبة 84.6%، كما أسفرت العمليات الأمنية عن مقتل نحو 20 عنصراً إرهابياً.
دولة الكاميرون: التي تراجع فيها النشاط الإرهابي بنسبة 48% أيضاً، حيث نفذت الجماعة 13 عملية إرهابية، أسفرت عن مقتل نحو 50 شخصاً من المدنيين والعسكريين، إضافة إلى إصابة نحو 30 آخرين، واختطاف نحو 15 شخصاً آخرين. وفي المقابل أسفرت العمليات الأمنية عن مقتل أكثر من 45 عنصراً إرهابياً[13].
دولة مالي: ارتفعت وتيرة العمليات الإرهابية خلال عام 2021 في دولة مالي، حيث شهدت دول الساحل نشاطاً إرهابياً مكثفاً من قِبل عدد من التنظيمات وعلى رأسها جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” الفرع القاعدي، وكذلك جماعة تطلق على نفسها جماعة “أنصار الإسلام” داعشية الولاء. وعلى الرغم من الجهود المضنية التي تقوم بها القوات الأمنية المدعومة من قبل القوات الفرنسية المشاركة في عملية “برخان”، فإنها لم تستطع أن تضع حدّاً للعنف والإرهاب في تلك المنطقة، إضافة إلى انسحاب القوات الفرنسية من مالي، ما يجعل الأمر أكثر تأزماً، وسيعطي ذلك فرصة إضافية للتنظيمات الإرهابية في التمركز وفرض السيطرة والتسلل بين بلدان تلك المنطقة أيضاً؛ الأمر الذي استغلته تلك التنظيمات وكثفت من نشاطها الإرهابي خلال تلك الفترة؛ حيث شهدت المنطقة أكثر 165 عملية إرهابية، من بينهم 85 عملية في مالي أسفرت عن سقوط 695 شخصاً بين قتيل وجريح، إضافة إلى اختطاف نحو 20 آخرين، وفي المقابل أسفرت العمليات الأمنية عن مقتل أكثر من 310 عناصر إرهابية واعتقال نحو 30 إرهابياً آخرين[14].
دولة بوركينا فاسو: التي تئن تحت وطأة الهجمات الدموية التي تنفذها تلك التنظيمات، والتي شهدت نمواً ملحوظاً خلال العام الماضي مقارنةً بعام 2020 بنسبة 27.5%؛ حيث سُجل نحو 80 عملية إرهابية أسفرت عن مقتل أكثر من 750 شخصاً من المدنيين والعسكريين وإصابة نحو 170 آخرين إضافة إلى اختطاف ما يقرب من 40 شخصاً. وتعتبر بوركينا فاسو مطمعاً للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، وذلك لأسباب عدة من بينها مناجم الذهب التي تملكها، والتي تجني منها تلك التنظيمات أموالاً طائلة[15].
ساحل العاج: استطاعت التنظيمات الإرهابية أن توسع نشاطها خلال العام المنصرم مقارنة بعام 2020؛ حيث شهدت البلاد نحو 5 عمليات إرهابية أسفرت عن إصابة ومقتل العشرات، وفي المقابل قتل نحو 5 عناصر إرهابية خلال تلك المواجهات، كما تم اعتقال ما يقرب من 5 آخرين. وفي ذلك دلالة واضحة على نية هذه التنظيمات التي تسعى بشدة أن تتوسع في تلك المنطقة، وخاصة في ظل وجود تنظيمي “داعش” و”القاعدة” المتناحرين؛ حيث يسعى كل فريق منهما أن يبسط سيطرته على أكبر رقعة ممكنة، لإثبات هيمنته.
الكونغو الديمقراطية: التي شهدت تزايداً في النشاط الإرهابي عن طريق ولاية وسط أفريقيا، خلال العام المنصرم مقارنة بــعام 2020 بنسبة 20.5%؛ حيث تعرضت المنطقة لنحو 75 عملية إرهابية أسفرت عن مقتل أكثر من 680 شخصاً وإصابة العشرات، إضافة إلى اختطاف أكثر من 85 شخصاً، وفي المقابل أسفرت العمليات الأمنية عن مقتل أكثر من 40 عنصراً إرهابياً، واعتقال نحو 70 آخرين.
وإجمالاً -حسبما ترى الدراسة- فإن الوضع في منطقة حوض بحيرة تشاد في إفريقيا لا يزال شديد التقلب، في ظل تصاعد موجة العنف المتطرف كقوة تعوق السلام في المنطقة باستمرار، حيث تُفقد الأرواح يومياً بسبب الهجمات الإرهابية، ويتشرد الملايين ولا تزال الرعاية الصحية غير متاحة، حتى مع استمرار تفشي جائحة كورونا “كوفيد – 19”.
وتبقى مكافحة الإرهاب واحدة من أكبر التحديات التي تواجه دول تلك المنطقة، وتمثل الطريقة التي يستجيب بها المجتمع الدولي ويعالج أسبابه العميقة اختباراً حاسماً، وتُبذل جهود لصد التهديدات الإرهابية منها تشكيل القوة المشتركة لبلدان الساحل (المجموعة الخماسية) التي تضم: بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر.
ومنذ انتشارها في عام 2017، أثبتت القوة، بشكل متزايد، قدرتها على الرد على الهجمات التي تستهدف المدنيين، ومع ذلك تقف تلك القوة عند مفترق طرق، ما يتطلب مزيداً من التمويل لمواجهة مجموعة من التحديات – بما في ذلك الإرهاب وضعف أمن الحدود والاتجار بالأشخاص والمخدرات والأسلحة – وكلها تؤثر في النساء بشدة
وهكذا تبدو الصورة القاتمة من حيث تنامي الإرهاب في غرب إفريقيا وارتباطه المباشر بحالات عدم الرضا الشعبي، ذلك المدخل الرئيسي لكثير من الانقلابات التي تمتطي حالات السخط تلك إلى جانب الفشل العملياتي في مواجهة مخاطر الإرهاب القائمة.
وفي النهاية يستمر هذا المشهد الذي يصنع مزيداً من عدم الاستقرار الأمني وهو ما يقوي شوكة الإرهاب ويخلق مساحات أوسع للتدخلات الغربية، بل ويفتح الباب كذلك لاستحضار قوات فاغنر الروسية الأمر الذي يدخل المنطقة في دائرة الحظيرة الخلفية للصراع الغربي – الروسي الممتد من شرق أوروبا حيث الأزمة الأوكرانية، إلى غرب إفريقيا ومحاولات التمدد لكل منهما على حساب الآخر، وفق قول الدراسة.
تردد فرنسا
توارثت منطقة غرب إفريقيا الحضور الفرنسي في المشهد السياسي إجمالاً، وهو امتداد لعقود طويلة من الاحتلال المصحوب بتأثيرات أيديولوجية وسياسية، ورغم استقلال غالب تلك البلدان في الستينيات من القرن الماضي، فإن فرنسا مازالت تتعامل معها على كونها حضوراً واجباً بامتداد تاريخي وضرورات حاضرة، ولذا تسعى باريس رغم كثرة المعوقات إلى الاستمرار في المشهد الأفريقي.
وهذا ما يفسر الأرقام المرتبطة بانتشار قواتها حيث تنشر فرنسا قوات عسكرية قوامها يصل إلى نحو 4,600 فرد، تتوزع بحسب وزارة الجيوش الفرنسية إلى 2,400 فرد في مالي، و 400 فرد في بوركينا فاسو، و800 فرد في نيجيريا، و1,000 فرد في تشاد، ومع الحديث عن تخفيض الوجود أو الانسحاب من مالي بحثت باريس عن خيارات جديدة لإعادة تموضعها في المنطقة. وتفسر الهجمات التي نفذت في شمال بنين، والتي أوقعت ما لا يقل عن 9 قتلى بينهم فرنسي، هذا القرار، رغم التوترات مع المجلس العسكري الحاكم في مالي. حتى إن قيادة الأركان الفرنسية أعلنت القضاء على 40 إرهابيا في بوركينا فاسو متورطين في هجمات بنين
ولمكافحة الحركات المرتبطة بتنظيمي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية – داعش”، تعول باريس على حضورها العسكري الصلب والقديم في السواحل الأفريقية الغربية، ففي أبيدجان، تضم القاعدة العسكرية الفرنسية في ساحل العاج 900 عسكري وتحوي على بنية تحتية استراتيجية “عملياتية ولوجستية كبيرة” وتعتبر بمنزلة “خزان لقوات الانتشار السريع في حال حدوث أزمة بالمنطقة الفرعية”. أما في الغابون، فنجد مفرزة تضم 350 عسكرياً يقيمون في مخيم ديغول قرب مطار ليبرفيل، مكونة من خزان “لقوات متمركزة مسبقاً”. وفي السنغال، ينتشر 350 جندياً فرنسياً في أوكام والميناء العسكري بداكار مع توافر مدرج للطائرات.
وهناك مركز قيادة “مهمة سابر” قرب واغادوغو في بوركينا فاسو أيضاً. ومنذ عام 2009، تم نشر ما بين 350 إلى 400 جندي من القوات الخاصة، كانت وراء مهمات تصفية أغلب قادة المتشددين الذين تم القضاء عليهم خلال السنوات الأخيرة.
وقد تدخلت فرنسا عسكرياً في مالي بدءاً من 11 يناير/ كانون الثاني 2013، استجابة لطلب من الحكومة المالية، آنذاك، للتصدي لزحف رتل من المتطرفين ومتمردي الطوارق على باماكو وكبرى مدن البلاد. وفي العام التالي، دشنت فرنسا رسمياً عملية “برخان” التي كان من المقرر لها أن تصبح أطول عملياتها الخارجية منذ نهاية حرب الجزائر في عام 1962، بمشاركة نحو 5,500 جندي تم نشرهم في مالي والنيجر وتشاد، ضمن شراكة مع دول منطقة الساحل والصحراء الخمس (موريتانيا، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد).
ووفقاً للبيانات التي نشرتها وزارة الجيوش الفرنسية في ديسمبر 2021، فإن مهمة برخان تمتلك ثلاث قواعد عسكرية في شمال مالي. تقع القاعدة الأساسية في غاو وهي مزودة بمروحيات هجومية، ووحدات يطلق عليها اختصاراً “جي تي دي” أو “مجموعات معارك الصحراء”، إلى جانب ذلك توجد عربات مدرعة ثقيلة ومعدات لوجستية للنقل. وفي قاعدة غاو، يتمركز عديد القوات العسكرية الفرنسية الأساسي في مالي، مدعمين بعناصر من مجموعة “تاكوبا” وهي عبارة عن قوات أوروبية مكونة من 800 عسكري أرسلتهم كلٌّ من بلجيكا وجمهورية التشيك والدانمارك وإستونيا وفرنسا وإيطاليا والمجر وهولندا والبرتغال والسويد، لكن نصف تلك القوات هي وحدات فرنسية.
وتعززت القاعدة العسكرية في منتصف يوليو/ تموز 2018 بثلاث مروحيات بريطانية ثقيلة للنقل من طراز “شينوك سي آش-47″، ويمتلك الجيش الفرنسي قاعدتين أماميتين للعمليات موجودتين في المناطق الصحراوية الممتدة شمال مالي أيضاً. ففي مدينة ميناكا، يوجد مقر قيادة مجموعة “تاكوبا” الفرنسية – التشيكية وهو عملياتي منذ مارس/ آذار 2021، إلى جانب قوة الرد السريع المحمولة على المروحيات والتابعة للسويد. كما يمتلك الجيش الفرنسي وحدة تكتيكية تنتشر في مدينة غوسي. وأخيراً، تتوافر مدينة آنسونغو على وحدة عسكرية خفيفة للاستطلاع والتدخل تابعة لمجموعة “تاكوبا”.
اللعب الروسي في الملاعب الغربية
تحظى “فاغنر” التي يعتقد أنها قوات روسية، بقدرٍ كبيرٍ من الترحيب الإفريقي على المستويين الرسمي والشعبي في بعض الدول الإفريقية مثل مالي وإفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو، خاصة في ظل الإخفاق الأوروبي لا سيما الفرنسي في مواجهة التنظيمات الإرهابية في الساحل وغرب إفريقيا، وهو ما ترتب عليه المطالبة بطرد القوات الفرنسية والاستعانة بالدور الروسي لمواجهة الإرهاب، وخروج التظاهرات الشعبية التي شهدتها بعض دول الساحل على مدار الأعوام الثلاثة الماضية مثل بوركينا فاسو ومالي وكذلك أفريقيا الوسطى ضد القوات الغربية.
هذا فضلاً عن التقارب الواضح بين موسكو وبعض النخب العسكرية التي استطاعت الوصول إلى الحكم في منطقة الساحل خلال الأعوام السابقة، ما أثار المخاوف الدولية من تنامٍ ملحوظ للدور الروسي على حساب المصالح الغربية في إفريقيا حيث تمتلك مجموعة “فاغنر” مكاتب في 23 دولة إفريقية، وتنخرط قواتها بشكل أكبر في بعض مناطق الصراعات.
وتشير التقديرات إلى انتشار نحو 2,000 عنصر من “فاغنر” في إفريقيا الوسطى منذ عام 2018، بينما ينتشر حالياً في مالي 800 عنصر في مناطق سيكاسو وموبتي في وسط البلاد وتمبكتو في شمال البلاد، وذلك وفقاً لاتفاق أمني بين الطرفين ينتشر بموجبه نحو 1,000 عنصر في البلاد، وهو ما يعزز دور “فاغنر” في القارة الإفريقية بما يخدم النفوذ الروسي في المناطق الاستراتيجية في القارة مثل الساحل وغرب إفريقيا لا سيما أنها تمتلك العديد من الثروات والموارد الطبيعية التي تتهافت عليها جميع القوى الدولية.
تأثير الحرب في أوكرانيا
بيد أنه ومع اندلاع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي، أشارت العديد من التقارير إلى سحب موسكو العشرات من عناصر قوات “فاغنر” من إفريقيا للحاق بالعملية العسكرية الجارية هناك، حتى إن بعضها قد بدأ عملية الإجلاء منذ يناير/ كانون الثاني 2022. فعلى سبيل المثال؛ تم رصد حركة للطيران الروسي بين مطار موبتي في وسط مالي ومطار العاصمة باماكو خلال الفترة الأخيرة. كما أشارت صحيفة “التايمز” البريطانية في 28 فبراير/ شباط الماضي إلى انسحاب عناصر من “فاغنر” من دولتي إفريقيا الوسطى ومالي إلى أوكرانيا، الأمر الذي قد يدفع بعضهم للتنبؤ بتراجع الدور الروسي في غرب القارة خلال الفترة المقبلة.
ويشير تقرير لوكالة “بلومبيرغ” الأمريكية أن مرتزقة فاغنر يتمركزون حالياً في عشر دول إفريقية منها: السودان، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وليبيا، وزيمبابوي، وأنغولا، ومدغشقر، وغينيا، وغينيا بيساو، وموزمبيق، وربما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتنتشر فاغنر بهدف تدريب الجيوش المحلية وحماية كبار الشخصيات أو مكافحة الجماعات المتمردة أو الإرهابية، وحراسة مناجم الذهب والماس واليورانيوم في المناطق الساخنة.
بالمقابل، تحصل الشركات التابعة لفاغنر على امتيازات وتراخيص لاستغلال هذه المعادن والثروات، وتوريد أسلحة وتقنيات وخدمات عسكرية، كما تحصل على نحو ست مليارات فرنك إفريقي (10.8 ملايين دولار) شهرياً مقابل خدماتها، المتمثلة في تدريب جيش مالي وتوفير الحماية لمسؤولين كبار.
وفي هذا الإطار، أعربت فرنسا عن قلقها من وجود فاغنر في مالي، لأن ذلك يقوض عمليتها المستمرة منذ عشرة أعوام لمكافحة الإرهاب والتصدي لمقاتلين لهم صلة بتنظيمي القاعدة وتنظيم داعش في منطقة الساحل بغرب إفريقيا في وقت تسعى فيه لتقليص عملية برخان التي يشارك فيها خمسة آلاف جندي بهدف إعادة تشكيل القوة حتى تضم المزيد من الشركاء الأوروبيين.
وترى الدراسة أن الاستعانة بفاغنر مثلث صفعة إفريقية على وجه فرنسا، وانعكاساً لحالة تراجع وضعف الدور الأوروبي إجمالاً في مواجهة الاستقواء والنفوذ الروسي الآخذ في التوسع والتمدد، الأمر الذي لن يتوقف عند حدود مالي بل سيمتد لغالب الدول الإفريقية التي ظلت لعقود مضت ترضخ للنفوذ الفرنسي، بلا منافس ولا بديل، الأمر الذي سيغير وجه المنطقة بأكملها، ولن يكون ذلك ببعيد عن انعكاسات نتائج الحرب في أوكرانيا، والتي سترسخ قواعد جديد للعبة النفوذ الروسي والغربي على مستوى العالم.
الارتباط بين الإرهاب والانقلابات
الإرهاب كان ولايزال المبرر الحاضر والجاهز لدى الحكومات كافة في غرب أفريقيا ولدى دول الغرب وغيرهم لوجود قوات أجنبية في البلاد. ففي عام 2013، أرسلت فرنسا 5,000 جندي إلى مالي بناء على طلب الحكومة حيث كانت تواجه تمرداً مسلحاً، وبعد إطاحة الزعيم الليبي معمر القذافي وقتله، عادت ميليشيات الطوارق التي كانت تقاتل في صفه إلى موطنها في مالي، مصممة على القتال من أجل استقلال شمال البلاد
وبفضل أسلحة القذافي، شكلوا تحالفاً مع المتطرفين المرتبطين بالقاعدة ليصبحوا أقوى الشركاء، وليسيطروا على شمال مالي مهددين بالسيطرة على البلاد بأكملها، ولأن مالي كانت مستعمرة فرنسية حتى عام 1960. أعلنت الحكومة الفرنسية أنها تريد حماية سكان مالي والمواطنين الفرنسيين الذين يعيشون هناك ويبلغ عددهم 6,000 فرد، حيث تمركز 2,400 فرد من هذه القوات في شمال مالي، بينما استخدم آخرون الطائرات من دون طيار والمروحيات لتعقب الخلايا المتطرفة التي تعمل في منطقة الساحل، وذلك إلى جانب 14,000 فرد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تعمل جنباً إلى جنب مع القوات العسكرية المحلية، وتقوم بدوريات عبر صحراء الساحل.
ومع زيادة تداعيات المواجهة مع الإرهاب والفشل الحكومي المتتالي في مواجهته، ووجود حالة من الضجر الشعبي تكررت الانقلابات العسكرية مرتين في مالي في نحو عام، ومرة في بوركينا فاسو مؤخراً، على النسق ذاته، الأمر الذي أزعج باريس الرافضة للانقلابات العسكرية، وهو ما قوبل بالرفض بقوة من الحكومات الحالية وعلى رأسها مالي، وجرى في إطار رد الفعل البحث عن البديل للقوات الفرنسية، وهو القادم بقوة المتمثل في قوة فاغنر الروسية.
ورغم تنامي الغضب الفرنسي واصلت مالي التصعيد حتى وصلت أقصى مداها بطرد السفير الفرنسي، في مواجهة إعلان باريس سحب قواتها من مالي، وما تبعها من إجراءات مماثلة لبعض الدول الأوروبية الرافضة للوجود الروسي، بل وأصدرت دول عدة أوروبية بياناً مشتركاً بهذا الشأن، حيث أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن إغلاق آخر القواعد الفرنسية في مالي سيستغرق “4 إلى 6 أشهر” معلناً انسحاب الجنود الفرنسيين والأوروبيين والكنديين من هذا البلد الذي يديره مجلس عسكري، وأن فرنسا ستواصل مهام الحفاظ على الأمن مع بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) التي تعد أكثر من 13 ألف عنصر حفظ سلام.
واعتبر ماكرون أن مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر المعروفة بقربها من الرئيس فلاديمير بوتين، موجودة في مالي خدمة “لمصالحها الاقتصادية” ولضمان أمن المجلس العسكري الحاكم في باماكو، وأن هؤلاء المرتزقة “أتوا بشكل خاص لضمان مصالحهم الاقتصادية ومصالح المجلس العسكري، هذا هو الواقع الذي نراه” فيما لا تزال سلطات مالي تنفي وجودها على أراضيها.
البيان الفرنسي – الأوروبي الذي جاء بعد تدهور العلاقات مع المجلس العسكري في باماكو، تضمن إعلان فرنسا وشركائها الأوروبيين وكندا الانسحاب من العمليتين العسكريتين لمكافحة الجهاديين في مالي، معتبرين أن الشروط السياسية والقانونية لم تعد “متوافرة” وأن الدول قررت “الانسحاب المنسق” من مالي، مؤكدة في الوقت نفسه “رغبتها في مواصلة التزامها في منطقة الساحل”، حيث ينشط المتطرفون.
وإلى جانب البيان جاءت تصريحات للرئيس الفرنسي بأن فرنسا وشركاءها الأوروبيين لا يشاطرون المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي “استراتيجيتها ولا أهدافها الخفية”، مبرراً بذلك قرار سحب قواته، وعارضاً أسباب الخلاف مع باماكو بأن الفرنسيين لا يمكنهم أن يظلوا ملتزمين عسكرياً إلى جانب “سلطات أمر واقع” لا يشاطرونها استراتيجيتها ولا أهدافها الخفية، ومعتبراً أن هذا هو الوضع الراهن في مالي، وأنه يجب ألا تبرر مكافحة الإرهاب كل شيء، بحجة أنها أولوية مطلقة تحولت إلى تمرين للاحتفاظ بالسلطة إلى أجل غير مسمى.
وخروجاً من المأزق الأوروبي في مالي قفز البيان على العقبة الروسية الحاضرة في مالي بالإعلان أن الشركاء الدوليين وفرنسا سيوسعون دعمهم للدول المجاورة في خليج غينيا وغرب إفريقيا لاحتواء التهديد الإرهابي من أجل احتواء التوسع الجغرافي المحتمل لأنشطة المجموعات الإرهابية المسلحة باتجاه جنوب المنطقة وغربها، واستعدادهم للنظر فعلياً في تقديم دعمهم إلى البلدان المجاورة في خليج غينيا وغرب إفريقيا بناء على طلباتها، في عرض علني لخدماتهم لتلك البلدان.
ومن جانبها أعلنت السويد هي الأخرى، على لسان وزيرة خارجيتها، سحب قواتها هذا العام من بعثة القوات الخاصة الأوروبية التي تقودها فرنسا في منطقة الساحل الأفريقي وأنها ستعيد النظر في مشاركتها في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المنطقة بعد وصول متعاقدين عسكريين روس إلى مالي، ومعلنة في تصريحاتها على هامش اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في غرب فرنسا، أنهم قرروا بالفعل الانسحاب من “قوة تاكوبا” القوة الأوروبية الخاصة التي تقودها فرنسا.
وبالمقابل جاء الرد من مالي قاسياً حيث اتهمت العاصمة باماكو باريس بالعمل على تقسيم البلاد من خلال وجودها العسكري، وشن رئيس حكومتها “تشوغويل كوكالا” هجوماً على فرنسا لمدة 45 دقيقة أمام دبلوماسيين دعاهم إلى مقر الحكومة، من دون أن يطالب صراحة بانسحاب قوة برخان التي تكافح الجهاديين بقيادة فرنسا، فيما قرر المجلس العسكري الحاكم في باماكو طرد السفير الفرنسي في مالي، وكذا شدد المجلس العسكري الحاكم في باماكو على سيادة البلاد منذ فرض المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) عقوبات على مالي في التاسع من يناير الماضي والتي دعمتها فرنسا والدول الشريكة الأخرى.
وخلصت دراسة مركز "تريندز" النتائج التالية:
- تعاني القارة الإفريقية من حالة عدم الاستقرار وكثرة الانقلابات العسكرية التي يعد الإرهاب سبباً مباشراً فيها أحياناً، وعاملاً مساعداً في حالات أخرى.
- إن الإرهاب الذي تمارسه الحركات التكفيرية والإرهابية، هو السبب الرئيسي لاستحضار كل من القوات الفرنسية والغربية وكذلك الروسية “فاغنر” في الغرب الإفريقي.
- إن أفريقيا ستشهد تزايداً في الصراع الغربي – الروسي مع رغبة روسية في توسيع دائرة النفوذ في إفريقيا في مواجهة الوجود التاريخي لأوروبا عامة، وباريس خاصة.
- تسعى بعض دول غرب إفريقيا للخروج من العباءة الفرنسية بالاحتماء بقوات فاغنر الروسية، وعدوى هذا التمرد على باريس آخذة في الانتقال لدول إفريقية أخرى بعد ما حدث في مالي.
- إن صراع النفوذ الغربي – الروسي في إفريقيا سيتأثر بشكل واضح بنتائج ومآلات الأزمة الأوكرانية، والترتيبات الناتجة عن الحرب الروسية – الأوكرانية.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMS43NSA= جزيرة ام اند امز