هل أصبح مخزون روسيا الهائل من النقد الأجنبي بلا فائدة؟
ماذا تفعل عندما يصبح مالك في قبضة عدوك؟، سؤال يطرح نفسه بعدما جمد الغرب احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية.
وصرّح وزير المالية الروسي "أنطون سيلوانوف"، في مقابلة مع التلفزيون الحكومي، بأن العقوبات الغربية قد جمّدت نحو 300 مليار دولار من أصل 640 مليار دولار من احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية.
وأكد "سيلوانوف"، في تصريحات صحفية له، أن الغرب يمارس ضغوطا على الصين للحد من تجارتها مع روسيا، ومن أجل منع موسكو من الوصول إلى جزء من الاحتياطيات التي تحتفظ بها باليوان الصيني، وفقاً لوكالة "رويترز".
وأضاف: "لكنني أعتقد أن شراكتنا مع الصين ستظل تسمح لنا بالحفاظ على التعاون الذي حققناه، ولن نحافظ عليه فحسب، بل سنعززه".
وفي السياق نفسه، حذّر وزير الخارجية الصيني وانغ يي من أن بلاده ترفض أن تتأثر بالعقوبات الغربية التي تُفرَض على روسيا، حسبما أفادت وسائل إعلام صينية رسمية الثلاثاء، في وقت يزداد الضغط على بكين لتكفّ عن دعمها لموسكو.
وقال وانغ يي خلال اتصال مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس "إن الصين ليست طرفًا في الأزمة، ولا تزال ترغب بألّا تتأثر بالعقوبات".
وتابع "لطالما اعترضت الصين على استخدام العقوبات لحلّ المشاكل، ناهيك عن العقوبات أحادية الجانب التي لا أساس لها في القانون الدولي، والتي ستضر بحياة الناس في جميع البلدان".
ونسبت وكالة الإعلام الروسية لوزير المالية الروسي "أنطون سيلوانوف" القول، إن روسيا ستفي بالتزاماتها المتعلقة بالديون الحكومية، وستدفع بالروبل لأصحاب الديون، حتى يتم إلغاء تجميد احتياطيات الدولة.
وفي المقابل قال مسؤول بوزارة الخزانة الأمريكية يوم الإثنين إن تخلف روسيا عن سداد ديونها السيادية سيصيب الاقتصاد والنظام المالي في روسيا بالمزيد من المتاعب، إذ سيجعل من الصعب على موسكو إيجاد مصادر إقراض جديدة ويرفع تكاليف الاقتراض في المستقبل.
وقال المسؤول لرويترز إن وزارة الخزانة تعتقد أن هناك الانكشاف المباشر في النظام المالي الأمريكي على السندات السيادية الروسية محدود، وإن التأثير الرئيسي سيقع على الاقتصاد الروسي الذي يئن بالفعل تحت وطأة عقوبات أمريكية.
هجوم وكالات التصنيف الائتماني
في وقتٍ سابق من الشهر الحالي، خفّضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تصنيف الديون السيادية الروسية من "بي" إلى "سي"، في قرار يعني أنّ تخلّف موسكو عن تسديد ديونها أصبح "وشيكاً".
فيما أعلن المصرف المركزي الروسي أنّه علّق حتى التاسع من أيلول/سبتمبر بيع العملات الأجنبية في البلاد التي ترزح تحت وطأة عقوبات غربية غير مسبوقة على خلفية حرب أوكرانيا.
وحاليا تسود مساع في مجلس الشيوخ الأمريكي لاقتراح مشروع قانون يمنع روسيا من استخدام مخزونها من الذهب البالغ 132 مليار دولار.
وعلى غرار وكالتي التصنيف الرئيسيتين الأخريين (ستاندرد آند بورز وموديز)، خفّضت فيتش في مطلع آذار/مارس الجاري علامة الديون السيادية الروسية الطويلة الأجل إلى خانة الديون "غير المرغوب بها" أو فئة البلدان المعرضة لخطر التخلّف عن تسديد ديونها.
لكنّ الوكالة قرّرت تخفيض هذه العلامة أكثر في ضوء "التطوّرات التي قوّضت أكثر رغبة روسيا في خدمة دينها العام". وكلّما انخفض تصنيف الديون السيادية لدولة ما كلّما تراجعت ثقة المقرضين بالبلد وتضاءلت قدرته على الاقتراض بأسعار فائدة معقولة.
ولتبرير قرارها، استشهدت فيتش بمرسوم وقّعه الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في 5 آذار/مارس ويسمح بموجبه بتسديد مستحقّات الديون لمقرضين من دول محدّدة بالروبل بدلاً من تسديدها بعملات أجنبية.
كما لفتت الوكالة إلى قرار أصدره البنك المركزي الروسي وفرض بموجبه قيوداً على تحويل بعض السندات إلى غير المقيمين. وقالت فيتش: "بصورة أعمّ، فإن تشديد العقوبات والمقترحات التي من شأنها أن تحدّ من تجارة الطاقة تزيد من احتمالية أن تلجأ روسيا إلى خيار يتضمّن على الأقلّ عدم تسديد انتقائيا لالتزاماتها السيادية".
وفي سياقٍ متصل، دعا وزير المالية البريطاني "ريشي سوناك"، المزيد من الشركات البريطانية، إلى إنهاء استثماراتها الحالية في روسيا، وقال إنه يجب وقف الاستثمارات الجديدة، بعد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا.
وأضاف سوناك، في رسالة مصورة على تويتر: "بينما أعترف بأنه قد يكون من الصعب للغاية إنهاء الاستثمارات القائمة، أعتقد أنه لا يوجد ما يبرر أي استثمار جديد في الاقتصاد الروسي".
وتابع: "أطالب ملاك الشركات والمديرين بالتفكير بإمعان في أي استثمار يدعم بوتين ونظامه بأي شكل".
جونسون: أوقفوا "إدمان" الطاقة الروسية
دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون دول الغرب إلى وقف "إدمانها" على موارد الطاقة الروسية معتبرا أن ذلك يسمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"ابتزاز" العالم، على حد قوله.
وكتب جونسون في مقالة بصحيفة ديلي تلغراف إن قادة الغرب ارتكبوا "خطأ فادحا" عندما سمحوا لبوتين "الإفلات" من ضم موسكو للقرم في 2014 وأصبحوا أكثر اعتمادا على موارد الطاقة الروسية.
نتيجة لذلك "عندما استعد (بوتين) أخيرا لشن حربه الشريرة في أوكرانيا، أدرك أن العالم سيجد صعوبة بالغة في معاقبته".
وأضاف "لا يمكن للعالم أن يخضع لهذا الابتزاز المستمر".
عقوبات أوروبية جديدة
وافق الاتحاد الأوروبي رسميا اليوم الثلاثاء على فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا تشمل حظرا على الاستثمارات في قطاع الطاقة الروسي وصادرات السلع الكمالية وواردات منتجات الصلب.
ومن المقرر أن تدخل العقوبات الجديدة حيز التنفيذ بعد نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي في وقت لاحق اليوم. وتشمل العقوبات أيضا تجميد أصول المزيد من أرباب الأعمال الذين يدعمون الدولة الروسية ومنهم مالك نادي تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم رومان أبراموفيتش.
وقالت المفوضية الأوروبية في بيان اليوم إن العقوبات تشمل "حظرا بعيد المدى على الاستثمارات الجديدة في قطاع الطاقة الروسي".
وقال مصدر في الاتحاد الأوروبي لرويترز إن الإجراء سيضر بشركات النفط الروسية الكبرى لكن سيظل بوسع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي شراء النفط والغاز منها.
وقالت المفوضية الأوروبية إنه سيتم أيضا فرض حظر كامل على المعاملات مع بعض الشركات الروسية المملوكة للدولة والمرتبطة بالمجمع الصناعي العسكري للكرملين.
وتوصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي بشأن العقوبات الجديدة يوم الاثنين ولم يشهد أي اعتراضات قبل الموعد النهائي المتفق عليه.
وقالت المفوضية الأوروبية إن التقديرات تشير إلى أن الحظر على واردات الصلب الروسية سيؤثر على منتجات بقيمة 3.6 مليار دولار.
ولن يسمح لشركات تابعة للاتحاد الأوروبي بتصدير أي سلع كمالية تزيد قيمتها عن 300 يورو ومنها المجوهرات. وقالت مصادر في الاتحاد الأوروبي إنه سيتم حظر صادرات السيارات التي تزيد تكلفتها عن 50 ألف يورو.
وشنت 34 دولة حول العالم حربًا اقتصادية تمثلت بعقوبات قاسية على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، وتتنوع العقوبات ما بين حظر الصادرات النفطية، وتكبيل القطاع المصرفي، وحظر الطيران، ومنع شركات الدول الكبرى من التعامل مع السوق الروسية، وصولاً إلى مصادرة أملاك الأوليغارشية الروسية، وفرض عقوبات مباشرة على المليارديرات والنواب والدائرة المحيطة بالكرملين، وصولاً إلى الرئيس "فلاديمير بوتين" شخصياً.
اليابان تعاقب 17 روسيا
قالت وزارة المالية اليابانية يوم الثلاثاء إن اليابان قررت تجميد أصول 17 فردا روسيا جديدا، مما يرفع إجمالي عدد الروس الذين نستهدفهم العقوبات اليابانية على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا إلى 61.
تأتي الخطوة بعد أن فرضت الولايات المتحدة يوم الجمعة عقوبات على عدد كبير من الروس من بينهم الملياردير فيكتور فيكسلبرج و12 عضوا في مجلس الدوما، وهو مجلس النواب الروسي.
وقالت الوزارة إن العقوبات اليابانية استهدفت فيكسلبرج أيضا إلى جانب 11 نائبا بمجلس الدوما الروسي وخمسة أفراد من أسرة المصرفي يوري كوفالتشوك.
وقال كبير أمناء مجلس الوزراء هيروكازو ماتسونو إن اليابان ستتناول مسألة العقوبات بما يتوافق مع دول مجموعة السبع الأخرى.
وقال ماتسونو في مؤتمر صحفي "بالنسبة للعقوبات في المراحل التالية، سنواصل مراقبة الأوضاع وسنتخذ رد الفعل المناسب مع دول مجموعة السبع الأخرى".
كانت طوكيو قد فرضت أيضا عقوبات على البنك المركزي الروسي وسبعة بنوك خاصة من بين مؤسسات أخرى، بالإضافة إلى عدد من الأفراد والبنوك والمؤسسات في روسيا البيضاء على خلفية دعم الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفي إطار تشديد القيود على موسكو، قالت اليابان أيضا إنها ستوسع نطاق حظر التصدير إلى روسيا ليشمل 31 عنصرا مثل أشباه الموصلات ومعدات الاتصال وأجهزة الاستشعار والرادار، بالإضافة إلى 26 حزمة تكنولوجية اعتبارا من يوم الجمعة.