عقوبة من الظل.. مادة خفية تهدد عصب الصناعات الدفاعية الروسية
بينما تتجه الأنظار عادةً إلى النفط والغاز والرقائق الدقيقة باعتبارها مفاتيح الضغط على موسكو، تكشف مجموعة بحثية أمريكية عن ثغرة أكثر خفاءً، لكنها «أشد إيلاماً»: مواد كيميائية دقيقة تختبئ داخل زيوت تشحيم الدبابات وإطارات المركبات العسكرية.
ثغرة لا تتصدر العناوين، لكنها قد تمثل الضربة الأكثر تأثيراً في حرب العقوبات المستمرة منذ 2022. وبينما يتساءل الغرب عن جدوى العقوبات التقليدية، تمضي مجموعة «ديكليبتوقراطية» في تفكيك اقتصاد الحرب الروسي، كاشفةً نقاط ضعف يصعب على موسكو ترقيعها.
فالعقوبة الغامضة التي تقترحها—رغم بساطتها الظاهرية—قد تمسّ القدرات الفعلية للجيش الروسي على الحركة والانتشار، لتعيد رسم معادلة الضغط بعيداً عن الأضواء، وقريباً جداً من قلب الماكينة العسكرية التي تعتمد عليها روسيا في أوكرانيا.
فماذا نعرف عن تلك المادة؟
قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية، إن «ديكليبتوقراطية»، وهي مجموعة مجتمع مدني تجري أبحاثًا حول اقتصاد الحرب الروسي قالت إن المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع زيوت التشحيم الميكانيكية والإطارات العسكرية تعد نقطة ضعف يمكن لصانعي السياسات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي استغلالها.
ووصف كريستوفر هاريسون، رئيس المجموعة والخبير السابق في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون روسيا، هذه المواد بأنها أهدف "معقدة ومحددة".
وقال إنه على عكس الرقائق الدقيقة وشركات النفط التي تلفت انتباه الحكومات والوكالات عادة، فإن هذه المواد لكن يصعب استبدالها، وهي ضرورية لقدرة موسكو على نشر الدبابات والقتال.
وفي أحدث تقرير لها، كتبت المجموعة "إن نقص مواد التشحيم سيلحق ضررًا بالغًا بآلة الحرب الروسية".
ولا يقوم إلا عدد محدود من الشركات حول العالم بتصنيع مواد كيميائية مضافة لزيوت التشحيم الميكانيكية وهي زيوت محركات الدبابات والسيارات. ومنذ الحرب توقفت جميع هذه الشركات تقريبًا عن بيع مواد التشحيم إلى روسيا مما أدى إلى نقص واسع النطاق وشكاوى من سائقي السيارات.
ووجدت منظمة "ديكليبتوقراطية" أن شركة صينية واحدة، وهي "شينشيانغ ريتشفول" هي التي تلبي حاليا الجزء الأكبر من طلب روسيا، حيث تورد ما يصل إلى ثمانية ملايين كيلوغرام سنويًا.
ومؤخرا، أنشأت "ريتشفول" مكتبًا لها في ولاية فرجينيا الأمريكية لذا تقول المجموعة البحثية إن حظرها، هي وبعض الموردين الأصغر حجمًا، سيؤدي إلى نقص في زيوت التشحيم الميكانيكية في روسيا.
قدرات روسية
من جهة أخرى، وجدت مجموعة "ديكليبتوقراطية" أن روسيا لديها قدرة محلية محدودة على إنتاج المواد اللازمة لإنتاج إطارات عسكرية.
واعتبر توم كيتنج، مدير مركز المالية والأمن في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أن نتائج أبحاث مجموعة "ديكليبتوقراطية" تعد عملًا قيما ودليلًا على أن أهداف العقوبات لا تزال قائمة.
وقال "ما دامت روسيا تنجح في تأمين المكونات التي تحتاجها لجيشها، وما دامت روسيا تبيع نفطها بنجاح، فإن البيئة ستظل غنية بالأهداف".
وفي حين تتمتع روسيا بصناعة نفطية قوية، إلا أنها تفتقر إلى منتجين محليين للعديد من المواد الكيميائية الأقل شهرة، لكنها مهمة، بما في ذلك المضافات الغذائية والمواد المستخدمة في صناعة الإطارات والأدوية والشامبو.
وفي وقت سابق من العام، أطلقت موسكو مبادرة في وقت سابق من هذا العام لإنتاج مئات المواد الكيميائية محليًا وهو ما اعتبرته "ديكليبتوقراطية" دليلا إضافيا على ضعف هذا القطاع.
وقال هاريسون: "لقد نظرنا إلى الاقتصاد الروسي، إلى بعض الأشياء التي يحتاجونها بشدة للحفاظ على استمرارية عمل آلتهم الحربية.. نظرنا إلى قاعدتهم الصناعية، وقاعدتهم الكيميائية، للعثور على المشكلات الحرجة، الأشياء التي لا يستطيع الروس تصنيعها بأنفسهم".
وتعد "ديكليبتوقراطية" جزءا من جهد أوسع للمجتمع المدني يضم مجموعات أوكرانية مثل "رازوم وي ستاند" و"بي فور أوكرانيا"، ومركز دراسات الدفاع المتقدمة في الولايات المتحدة لتحليل كميات هائلة من البيانات التجارية لاكتشاف نقاط ضعف الاقتصاد الروسي وتحديد أهداف العقوبات للحكومات.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzcg جزيرة ام اند امز