أسلحة فتاكة في معركة أوكرانيا.. الاقتصاد أقوى من الدبابات
بعد أقل من 24 ساعة من أمر روسيا بنشر قوات عسكرية في شرق أوكرانيا، أرسل الغرب رسالة واضحة مفادها أن عدوان موسكو لن يمر دون رد.
ومع استبعاد الغرب للخيار العسكري لردع روسيا لعلمهم بالآثار الفادحة التي يمكن ان ينجم عنها مثل هذا الخيار فإن السلاح الوحيد الذي يمكن أن يقوم به تجاه الدب الروسي هو استخدام العقوبات الاقتصادية.
ولم تتأخر تلك العقوبات كثيرا ولعل أبرز تلك العقوبات ما أعلنته ألمانيا أمس من أنها أوقفت التصديق على خط أنابيب نورد ستريم 2، فيما وصف بأنه أقوى تحرك تم اتخاذه على الأرض حتى الآن ضد روسيا منذ أن اعترف رئيسها فلاديمير بوتين باستقلال جزأين من شرق أوكرانيا وأمر قواته بدخول الأراضي الانفصالية.
وكانت روسيا تعول كثيرا على هذا الخط من أجل ضخ كميات كبيرة من الغاز الطبيعي بأراضيها للقارة العجوز وبالتالي جني أرباح ضخمة تعزز اقتصادها.
ومع استبعاد أن تنشر الدول الغربية قواتها في أوكرانيا، فإن العقوبات ستظل أفضل الأدوات لمعاقبة موسكو – وردعها من القيام بمزيد من العدوان على أوكرانيا.
ويرصد هذا التقرير ما يمكن أن يفعله الغرب، وكيف يمكن أن يؤذي روسيا حقًا بحسب ما ذكر موقع سي إن إن.
الولايات المتحدة
وقام الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الثلاثاء، بإعلان ما سماه "الشريحة الأولى" من العقوبات الأمريكية ضد روسيا ، والتي شملت إجراءات ضد مؤسستين ماليتين روسيتين وضد الديون السيادية الروسية، فيما ستبدأ تأثير تلك العقوبات اليوم على النخب الروسية وأفراد أسرهم.
وكان البيت الأبيض قد أعلن الإثنين الماضي فرض عقوبات على أجزاء من شرق أوكرانيا اعترف بها بوتين على أنها دولة مستقلة. لكن هذه العقوبات رمزية في الغالب ، ولا تشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد الروسي.
وفي هذا الإطار قال نائب مستشار الأمن القومي، جون فينر إنه من المرجح أن يتم تأجيل العقوبات الأشد من أجل ردع موسكو عن توجيه أوامر لقواتها بالتوجه نحو عمق أوكرانيا.
وقال فينير: "إذا اتخذت روسيا إجراءات أخرى، فستكون لدينا عواقب كبيرة وخطيرة أخرى يمكن أن نفرضها عبر العقوبات".
وهو أمر أكده بايدن أمس الثلاثاء حين قال إن الولايات المتحدة مستعدة لإضافة عقوبات إذا توغلت روسيا في الأراضي الأوكرانية.
استهداف البنوك الروسية
بالإضافة إلى VEB والبنك العسكري الروسي ، اللذان تم فرض عقوبات عليهما الثلاثاء، يمكن للولايات المتحدة أن تستهدف المزيد من أكبر البنوك في روسيا بعقوبات، مما يجعلها منبوذة بشكل أساسي وتعزلها عن النظام المالي العالمي.
تدابير مراقبة الصادرات هي سلاح آخر قوي في ترسانة عقوبات الولايات المتحدة حيث يمكن لهذه القيود أن توقف قدرة روسيا على استيراد الهواتف الذكية والطائرات الرئيسية ومكونات السيارات ، مما يعيق قدراتها التصنيعية.
ومازالت هناك عقوبات سارية من قبل الولايات المتحدة مفروضة على روسيا رداً على غزوها لأوكرانيا في عام 2014. كما فرضت عقوبات أخرى على روسيا في قضايا تشمل الهجمات الإلكترونية والتدخل في الانتخابات وانتشار الأسلحة والتجارة غير المشروعة مع كوريا الشمالية.
العقوبات الأوروبية
ومن المقرر أن يفرض الاتحاد الأوروبي حزمة من العقوبات على روسيا بما في ذلك مقترحات لاستهداف الأفراد والبنوك.
لكن القارة العجوز بالفعل لعبت بإحدى أوراقها الرئيسية ضد روسيا حينما قررت ألمانيا أمس الثلاثاء بوقف التصديق على خط أنابيب نورد ستريم 2 في إشارة إلى أن أوروبا مستعدة لاستهداف صناعة الطاقة الضخمة في روسيا - حتى لو كان ذلك يعني ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي للمستهلكين في الاتحاد الأوروبي.
وتم الانتهاء من خط الأنابيب البالغ طوله 750 ميلًا في سبتمبر ، لكنه لم يتلق بعد الشهادة النهائية من المنظمين الألمان. بدون ذلك، لا يمكن أن يتدفق الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا.
ويمكن أن ينتج نورد ستريم(2) 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا. ويمثل هذا أكثر من 50٪ من الاستهلاك السنوي لألمانيا ويمكن أن تصل قيمته إلى 15 مليار دولار لشركة غازبروم، الشركة الروسية المملوكة للدولة والتي تتحكم في خط الأنابيب.
البطاقة الرابحة
قد تكون البطاقة الرابحة للاتحاد الأوروبي هي SWIFT، وهي خدمة رسائل عالمية تستخدمها البنوك والمؤسسات المالية.
وسيجعل إزالة روسيا من نظامSWIFT، من الصعب على المؤسسات المالية إرسال الأموال داخل أو خارج البلاد، مما يؤدي إلى صدمة مفاجئة للشركات الروسية وعملائها الأجانب - وخاصة مشتري صادرات النفط والغاز المقومة بالدولار الأمريكي.
ويتوقع الخبراء أن هذا الأمر سيؤدي إلى إنهاء جميع المعاملات الدولية في البنوك الروسية، وإحداث تقلبات في الروبل، والتسبب في تدفقات رأس المال الهائلة إلى الخارج.
ويقع مقر SWIFT في بلجيكا ويديرها مجلس إدارة يتكون من 25 شخصًا، وهي منظمة تصف نفسها على أنها "منفعة محايدة"، وتأسست بموجب القانون البلجيكي ويجب أن تمتثل للوائح الاتحاد الأوروبي.
وبالفعل هناك سابقة لإزالة بلد من SWIFT حينما قامت بفصل البنوك الإيرانية في عام 2012 بعد أن فرض عليها الاتحاد الأوروبي عقوبات بسبب البرنامج النووي للبلاد.
وقدّر وزير المالية السابق أليكسي كودرين في عام 2014 أن استبعاد روسيا من نظام SWIFT سيؤدي إلى انكماش اقتصادها بنسبة 5٪ - وكانت آخر مرة تم فيها النظر في هذه العقوبة ردًا على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
المملكة المتحدة تشارك
كما أعلنت المملكة المتحدة فرض عقوبات على خمسة بنوك روسية وثلاثة أثرياء روس. وأبلغ جونسون المشرعين أنه سيتم استهداف روسية بنك وإي إس بنك وجنرال بنك وبرومسفياز بنك وبنك البحر الأسود. كما ستجمد بريطانيا أصول ثلاثة أثرياء: جينادي تيمشينكو وبوريس روتنبرج وإيجور روتنبرج.
ومن المقرر أيضًا أن تعاقب بريطانيا المشرعين الروس الذين صوتوا لصالح الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين.
ولعل ما أعلنه جونسون مجرد أوراق محدودة بجانب ما يمكن بريطانيا اتخاذه ضد روسيا وهو ما عبر عنه وزيرة خارجيتها ليز تروس حينما قالت: "نحن على استعداد للذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير إذا لم تتراجع روسيا عن حافة الهاوية. سنحد من قدرة الدولة الروسية والشركات الروسية على جمع الأموال في أسواقنا، ونحظر مجموعة من الصادرات عالية التقنية، ونزيد من عزلة البنوك الروسية من الاقتصاد العالمي".
ويمكن للمملكة المتحدة أن تتخذ إجراءات ضد الأوليجارشية الذين حولوا لندن إلى ساحة لعب لهم.
وتوافد الأثرياء الروس على لندن خلال العقود الثلاثة الماضية بعد دخولهم المملكة المتحدة عبر برامج تأشيرة المستثمرين، وفقًا لتقرير نشرته لجنة الاستخبارات والأمن بالبرلمان في عام 2020.
وقال التقرير البرلماني الذي وصف لندن بأنها "مغسلة" للأموال القذرة "هناك الكثير من الروس الذين تربطهم صلات وثيقة ببوتين مندمجين جيدًا في المشهد التجاري والاجتماعي في المملكة المتحدة ، ويتم قبولهم بسبب ثروتهم".
وقال تايلر كوسترا، الأستاذ المساعد في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة نوتنغهام في إنجلترا إن حكومة المملكة المتحدة يمكن أن تتحرك لتجريد الروس المستهدفين من تأشيراتهم.
موسكو تدفع ثمنا باهظاً
وانخفض مؤشر بورصة موسكو MOEX بنسبة 1.5٪ أمس الثلاثاء بعد أن تراجعت أكثر من 10٪ خلال تعاملات الاثنين ، لتصل الخسائر حتى الآن هذا العام إلى حوالي 20٪.
وكانت أسهم شركة النفط الروسية روسنفت هي الأكثر تضررا يوم الثلاثاء، حيث هبطت بنسبة 7.5 في المائة. في المجموع ، وتم محو أكثر من 30 مليار دولار من قيمة الأسهم الروسية هذا الأسبوع وحده.
وكتب محللون في جي بي مورجان شاس في مذكرة للعملاء "نتوقع مزيدًا من الانخفاضات على المدى القريب في سوق الأسهم الروسية".
وفقًا للمحللين في Capital Economics ، يمكن للعقوبات الأكثر شيوعًا التي نوقشت أن تخفض 1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا، لكن الإجراءات الأكثر صرامة مثل منع روسيا من SWIFT قد تخفض الإنتاج الاقتصادي بنسبة 5 ٪.
وفقًا لـ Capital Economics ، فإن الاقتصاد الروسي في وضع أفضل لتحمل الصدمات مما كان عليه في 2014 ، عندما اجتمعت العقوبات الغربية وانخفاض أسعار النفط لتطرد ما يقرب من 2.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وتسبب في أزمة مالية.
ويشيروا إلى أن الميزانية العمومية لروسيا الأن أقوى ، وديونها الخارجية أقل، وعلاقاتها المالية مع الاقتصادات الكبرى أصغر.
aXA6IDE4LjIxOS4yNS4yMjYg جزيرة ام اند امز