دول الخليج ومصر تعرف أكثر من غيرنا حجم التآمر القطري علينا، ولا أحد غيرنا يمكنه تقدير الضرر الآتي منها.
أعجبتني جداً إشارة جلالة الملك حفظه الله للشعب القطري أنه «شعبنا» قبل حكم آل ثاني، إشارة للحقبة الزمنية التي حكم فيها آل خليفة فيما عرف بقطر سابقاً قبل ترسيم الحدود البترولية، وذلك تاريخ شواهده حية تُنطق، إن إشارة الملك بتلك العبارة القصيرة لذلك التاريخ كافية أن تزيح الغبار عن الصورة التي يحاول النظام القطري أن يخفيها بكل ما أوتي من قوة؛ لشعور بالنقص ينتابه حين يتذكر أن آل ثاني كانوا من رعايا البحرين وتوابعها، فأشار جلالة الملك لتلك الحقائق في معرض حديثه بجملة واحدة لخص فيها واقع الحال، أوجز من خلالها مشكلة حمد بن خليفة مع البحرين، وهذا ما أكد عليه الوفد المصري الزائر الذي تنبه إلى أن جلالة الملك كان يلخص بإجاباته القصيرة حكايات تروى طويلة.
دول الخليج ومصر تعرف أكثر من غيرنا حجم التآمر القطري علينا، ولا أحد غيرنا يمكنه تقدير الضرر الآتي منها، فكل ما في الأمر أن دول التحالف مارست حقها بالمقاطعة كما فعلت تماماً الولايات المتحدة الأمريكية، خاطبوا الناس باللغة التي يفهمونها
أعجبني إصرار جلالة الملك ومعه دول التحالف الرباعي على التمسك بأن الحل في الرياض، وأن ذلك الحل لا يعني المساس بسيادة قطر، وهذه الرسالة وصلت للوفد المصري والأمريكي معاً.
أعجبتني الإشارة إلى سوء الخيارات القطرية، وأن قطر بدلاً من أن تتذلل للأتراك والإيرانيين لحمايتها كان درع الجزيرة أولى وكان أخوتها سيكونون رهن إشارتها.
في مكان آخر وفي تناغم مع هذا الحوار الذي جرى بين زوار البحرين وجلالة الملك أعجبني جداً التشبيه الذكي الذي أطلقه ولي العهد السعودي على سيناريو مقاطعتنا لقطر، بأنه كمثل سيناريو مقاطعة الولايات المتحدة الأمريكية لكوبا، جاء هذا التشبيه في معرض حوار ولي العهد السعودي مع الإعلاميين المصريين الذين التقاهم في بيت السفير السعودي في القاهرة.
بالفعل هذه لغة خطاب وصورة تقريبية لأي أمريكي يستطيع أن يعرف بها أننا لم نخترع عجلة المقاطعة، بل إنهم بدؤوها قبلنا، ومثلما كان قرار مقاطعة كوبا حقاً سيادياً لأمريكا حفاظاً على أمنها وسلامتها، واختارته كبديل عن الصدام العسكري الجوي والبحري والبري الذي كان وشيكاً عام 1962 فيما عرف بأزمة الصواريخ، حين قررت أمريكا حظر المجال الجوي والبحري والمقاطعة بدلاً من الصدام العسكري.
نحن كذلك اتخذنا قراراً شبيهاً بالقرار الأمريكي بممارسة حقنا السيادي، وقياس الخطر علينا هو الآخر سلطة تقديرية متروكة لنا، فلا أحد يمكنه أن يجبرنا على التراجع، لهذا أكد ولي العهد أنه لا ضغوط على دول التحالف إنما وساطات تدفعهم قطر وربما يساعدها تيلرسون في تلك الوساطات عل وعسى أن نتراجع عن قرارنا.
الدولة تعرف وتقدر هي من أين يأتيها الخطر، ومن حقها أن تقوم بغلق حدودها، ودول الخليج ومصر تعرف أكثر من غيرنا حجم التآمر القطري علينا، ولا أحد غيرنا يمكنه تقدير الضرر الآتي منها، فكل ما في الأمر أن دول التحالف مارست حقها بالمقاطعة كما فعلت تماماً الولايات المتحدة الأمريكية، خاطبوا الناس باللغة التي يفهمونها.
في الختام التفاهم بين دول التحالف الرباعي يبدو اليوم على أعلى مستوى، ووحدة الموقف وصلابته وأحقيته هي الصورة الأبرز في هذه اللقاءات.
نقلا عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة