أتيحت لي خلال الأيام الماضية زيارة عاصمة النمسا، فأدركت حجم تطورها وقدرتها على أن تكون ملتقى الاتحاد الأوروبي.
وذلك رغم كونها دولة محصورة في المفهوم الجغرافي، أي غير مطلة على أي بحر وليس لديها أي ميناء تجاري.
والذي يلفت انتباه المقيم أو الزائر للعاصمة النمساوية، فيينا، ذلك الحضور الإماراتي السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتميز، وبالتالي، فإن ذلك الحضور لا يعكس الحضور الإماراتي فحسب، بل الحضور العربي الإيجابي أوروبيا، فأرقى الفنادق في هذه العاصمة الهادئة -على سبيل المثال- يمتلكها رجال أعمال إماراتيون، عُرف عنهم باعهم الطويل في الاستثمار والشراكات المهمة، مثل خلف الحبتور وغيره.
كما يتوافد السياح الإماراتيون على النمسا بطريقة يعجز الواصف عن ذكرها، نتيجة التزامهم بمعايير السلامة في زمن جائحة كورونا، وتواضعهم وحسن خلقهم، ما يعكس صورة الإمارات المؤثرة وطيبة ورقي الشعب الإماراتي العريق.
وكشاهد عيان إذا صح التعبير، رأيت موكب سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو يصل إلى المدينة في زيارة رسمية لساعات، حيث كان استقبال القادة النمساويين لولي عهد أبوظبي رسالة لا مثيل لها من الناحية البروتوكولية والرسمية، إذ يعبر ذلك الاستقبال المهيب عن حفاوة النمسا بالإمارات العربية المتحدة.
ولأن الإمارات تمتلك سمعة قوية وإيجابية في مجالات متعددة، فإنها باتت هنا في أوروبا مضرب مثل للتقدم والتطور في العالم العربي، وأذكر هنا ما تكتبه الصحف الأوروبية بشكل شبه أسبوعي عن ذلك، فضلا عن تقارير مهمة تبثها وسائل إعلام معروفة في الغرب، حين تسرد قصة النجاح الإماراتي الراهن.
وبتوقيع الإمارات اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع جمهورية النمسا، خلال زيارة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ستكون الإمارات من أكثر الدول حرصا على توسيع نطاق شراكاتها الجيوسياسية والاقتصادية والاستراتيجية.
ومن خلال شركاء من الوزن الثقيل كالنمسا -تلك الدولة المهمة في العالم والمنظومة الأوروبية- تعزز الإمارات رحلة صعودها إلى العالمية، بل تؤكد دورها كمركز مالي ولوجستي واستثماري آمن ومستقر ومزدهر.
كما أن نسق الانفتاح الإماراتي على العالم ونهج التسامح والسلام ومكافحة الإرهاب وذلك الخطاب المتطرف الذي يهدد الكرة الأرضية بأسرها، ليس وليد اليوم، فقد حجزت الإمارات لنفسها مكانة مرموقة بين الدول منذ تأسيسها، من حيث الأداء الممتاز، الذي يُعلي من شأن الحوار والتفاهم وتحكيم العقل والمنطق في مختلف المسائل.
ولكل الذين تسول لهم أنفسهم الجرأة على اسم الإمارات ليبرروا مرارة إخفاقهم وفشلهم وانكسارهم، يجب أن نقول كعرب: إن الإمارات في موقع مختلف تماما ومكان آخر تسمو فيه فوق الضغائن الصغيرة، لأن الإمارات مشغولة، والمشغول لا يُشغل، فهي تعزز من ازدهارها، وتوطد بقدرة فائقة تنميتها، بل وتبني مستقبلها على أساس متين من تشاركية أبنائها وبناتها.
ولا غرابة تنتاب العاقل حين يشاهد بعض الاتهامات البائسة الموجهة إلى الإمارات من قبل الإخوان ومشغّليهم، فقد تعوّد الإماراتيون، ومعهم غالبية العرب المحبين لهذا البلد، على الزج باسم الإمارات من قبل جهات مشبوهة تسعى لتبرير قصور محلي وهيكلي في دولها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة