الروهينجا وميانمار.. حلم العودة يصطدم بصخرة "الفصل العنصري"
عدم تحسن الأوضاع الأمنية في إقليم أراكان، جعل من عودة الروهينجا عملية محفوفة بالمخاطر والمصير الغامض.
عودة طوعية وآمنة.. هذا ما اشترطته الأمم المتحدة من أجل ضمان إعادة اللاجئين الروهينجا من بنجلاديش إلى ديارهم بإقليم أراكان غربي ميانمار.
فمع أن سلطات البلدين اتفقتا على إعادة اللاجئين من المخيمات الواقعة بمدينة كوكس بازار البنجالية على الحدود مع ميانمار، إلا أن عدم تحسن الأوضاع الأمنية في أراكان، جعل من العودة عملية محفوفة بالمخاطر والمصير الغامض.
بل إن منظمات حقوقية اعتبرت أن ميانمار تجهز نظاما للفصل العنصري، أو ما يعرف بـ"أبارتايد"، خاص بالروهينجا.
وبتوقف محاولة بدء عملية إعادة اللاجئين، يبدو مستقبل معظم أفراد هذه الأقلية المسلمة المضطهدة، غامضًا أكثر من أي وقت مضى، فيما تتزايد المخاوف بشأن مرور أعوام قبل عودتهم بسلام إلى موطنهم، هذا في حال عادوا.
والأسبوع الماضي، فشلت جهود حكومتي ميانمار وبنجلاديش في بدء إرسال أكثر من 700 ألف من لاجئي الروهينجا من كوكس بازار إلى ميانمار، بعد عدم وجود أي مؤشر على موافقتهم على الأمر، مما وضع أحد أكبر أزمات اللاجئين في حالة غموض.
- "إن عدنا سيقتلوننا".. الروهينجا يخشون إعادتهم إلى ميانمار
- شرطة ميانمار تداهم مخيما للروهينجا وتصيب 4 بالرصاص
وتكمن العقبة الأساسية أمام إعادة الروهينجا إلى بلادهم في المخاطر التي لا تزال تخيم على إقليم أراكان، أي أن الوضع الأمني هناك لم يتحسن عما كان عليه قبل أغسطس/آب 2017، تاريخ الحملة التي قادها جيش ميانمار وميليشيات بوذية ضد الأقلية المسلمة.
وأسفرت الفظائع المرتكبة بحق الروهينجا عن مقتل عشرات الآلاف منهم، وتدمير قراهم، ما أجبر المتبقين على الفرار إلى بنجلاديش المجاورة بحثا عن ملجأ آمن.
والأسبوع الماضي، أعلنت حكومة ميانمار استعدادها لاستعادة لاجئي الروهينجا، وأنشأت مخيمات ومراكز لاستقبال دفعات قدرها 150 فردًا في اليوم الواحد.
غير أن ميانمار لم توفر أية ضمانات لسلامة الروهينجا العائدين، من ذلك حصولهم على الجنسية وحريتهم في التحرك، وهي النقاط التي تعتبرها الأقلية والمجتمع الدولي ضرورية لبدء إعادتهم إلى موطنهم.
يانجي لي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول ميانمار، قالت لصحيفة "الجارديان" البريطانية: "لا أعتقد أن ميانمار تريد استعادة الروهينجا".
سلطات ميانمار نفسها سبق أن أوضحت أن الروهينجا العائدين لن يسمح لهم بالتحرك بعيدًا عن بلدة مونجداو في إقليم أراكان، وهي واحدة من المناطق الثلاثة التي هربوا منها.
واعتبرت لي أن "الحديث عن إعادة التوطين غير واقعي الآن، بل حتى إنه خطر للغاية. ولم تظهر ميانمار استعدادا حقيقيا لاستعادة الروهينجا، ورغم حديثهم عن ذلك، ظل الأمر مجرد كلام".
وأشارت المقررة الأممية إلى أنه رغم جهود التوفيق، ستمر "أعوام وأعوام" قبل أن يكون الوضع آمنًا لعودة الروهينجا؛ بسبب عقود من التمييز ضدهم، تلك الأعمال التي مارستها الشرطة والقانون.
كما رأت أن الوضع لايزال "سيئا للغاية"، حتى أن أفراد الأقلية المسلمة في أراكان مستمرون في هروبهم إلى بنجلاديش.
وتعد ميانمار بمنح الروهينجا الجنسية التي جردوا منها في 1982، غير أن هذا الإجراء يمر وجوبا عبر التسجيل بقائمة التحقق الوطنية، والتي تعارضها الأقلية المسلمة، نظرًا لأنها تعني قبول أنهم "بنجاليون أجانب" وليسوا مواطنين في ميانمار.
وتعقيبا على الموضوع، قال فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا بمنظمة "هيومن رايتس ووتش": "يبدو أن ميانمار تجهز إجراءات دائمة تشبه الفصل العنصري من أجل الروهينجا، وأي عائد من بنجلاديش سيوجه عبر هذا النظام".