قد يسأل سائل: كيف ينجح نظام الدوحة في إفشال حوار تونس؟، ويأتي الجواب بسيطاً: لأنه ومنذ البداية، كان هناك فرز خاطئ للقوى المتحاورة.
لم يكن مفاجئاً ما قاله مسؤول ليبي عن فشل حوار تونس: ابحث عن قطر. فالسفير القطري كان جزءاً من الحوار، يحضر إلى الفندق، ويجتمع مع المشاركين في جلسات الحوار، وينقل توصيات الديوان الأميري ووزارة الخارجية في الدوحة إلى وفد مجلس الدولة، المعروف بسيطرة الإخوان عليه، ويحاول اختراق وفد مجلس النواب ببعض المغريات، ويصل في الأخير إلى تعطيل التوافق.
فتنظيم الحمدين مصرّ على منع أي تعديل لاتفاق الصخيرات، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالمادة الثامنة، لأن ما يهم الدوحة هو الحؤول أولاً دون الاعتراف رسمياً بدور الجيش الوطني، وبقائده المشير خليفة حفتر، والحؤول ثانياً دون تحقيق المصالحة بين الليبيين، لأن المصالحة ستهمّش موقع الإسلام السياسي في دائرة القرار السياسي، نظراً لفقدانه الشعبية والشرعية، ما يرجّح فشله الذريع في أي موعد انتخابي قادم.
كلما دسّت قطر أنفها في موضوع ما، جعلت حلفاءها في موقف لا يحسدون عليه، فالسويحلي فوجئ مؤخراً بحملة تدعوه إلى الخروج من طرابلس، وقبله تم طرد المليشيات القريبة منه من داخل العاصمة.
بمعنى آخر، تقف قطر بقوة ضد التوافق الليبي، ضد البرلمان المنتخب، وضد الجيش الوطني المسيطر على أكثر من 80 في المئة من جغرافيا البلاد، وضد مؤسسات الدولة، وضد الفعاليات الاجتماعية، وبخاصة منها القبلية، وضد أنصار النظام السابق، الذي يعترف الجميع، بمن فيهم المبعوث الأممي، بأنهم يمثلون الرقم الصعب في أي معادلة سياسية.
ويبقى رهان قطر قائماً على الإخوان والجماعة المقاتلة ومجالس «شورى الثوار»، على الإرهابيين علي الصلابي وعبد الحكيم بالحاج والصادق الغرياني، وعلى حلفائها من داخل المجلس الرئاسي، وكذلك على مجلس الدولة ورئيسه عبد الرحمان السويحلي، الذي بات يشترط أن يتداول على رئاسة الدولة الليبية مع عقيلة صالح رئيس البرلمان، رغم أن اتفاق الصخيرات كان واضحاً في اعتبار مجلس النواب مؤسسة شرعية، ومجلس الدولة مؤسسة استشارية.
ولكن كلما دست قطر أنفها في موضوع ما، جعلت حلفاءها في موقف لا يحسدون عليه، فالسويحلي فوجئ مؤخراً بحملة تدعوه إلى الخروج من طرابلس، وقبله تم طرد المليشيات القريبة منه من داخل العاصمة، واليوم توجد مليشيات الإخوان والجماعة المقاتلة خارج المدينة، حتى عبد الحكيم بالحاج والصلابي، يعيشان خارج البلاد، والمفتي المعزول ذاته لم يعد قادراً على توجيه الرأي العام، بعد أن كان صوت تنظيم الحمدين وممثل القرضاوي في الديار الليبية.
بالمقابل، يتقدم الجيش الوطني ويجد المزيد من القوى الداعمة، وخاصة في المنطقة الغربية، وتجد القبائل والمدن الليبية الرافضة للدور القطري، قبولاً أكبر من دوائر القرار الإقليمي والدولي، ويصنع الشعب من ليل معاناته طريقاً نحو الحل.
قد يسأل سائل: كيف ينجح نظام الدوحة في إفشال حوار تونس؟، ويأتي الجواب بسيطاً: لأنه ومنذ البداية، كان هناك فرز خاطئ للقوى المتحاورة، وقد أدرك المبعوث الأممي ذلك، عندما أعلن عن قراره بعقد مؤتمر شامل لكل الأطراف الليبية، لن يُستثنَى منه أحد، عكس مؤتمر الصخيرات، الذي كان مبنياً على وضع افتراضي حاولت قطر الترويج له بعيداً عما يدور على أرض الواقع.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة