من هم أصحاب الصافرة؟.. مطلوبون للعمل في الحكومات والشركات
تتنامى أهمية هؤلاء الأشخاص الذين لا يألون جهدا بالكشف عن المخالفات وممارسات الفساد
هل تجد حولك داخل الأسرة أو الحي أو مقر العمل شخصا مزعجا يتدخل فيما لا يعنيه؟ ربما ينأى الغير عن الانخراط في الدخول بمعاملات معه، ولكن الواقع العملي يقول إنه هدف مهم للحكومات والشركات على حد سواء.
بدلا من نبذ هذا الشخص المزعج باتت هناك قوانين عالمية تكافئه وتوفر الحماية له، بل إن هذا الشخص تم إطلاق اسم إيجابي عليه وهو "مطلق الصافرة".
ما هو أهميته؟
الأشخاص كثيروا الشكوى الذين يتطرقون إلى موضوعات لا تخصهم مباشرة، أصبحوا سببا في كشف العديد من ممارسات الفساد والجرائم حول العالم، وفقا لما ذكرته مجلى هارفارد بزنس ريفيو العالمية.
ولكن أين يمكن أن نجد مطلقي الصافرة؟ مواقعهم النمطية على أبواب الوزراء ورؤساء البلديات والمديرين ومقرات الشرطة والمؤسسات الرقابية، لا يملون من تقديم شكوى تلو الأخرى عن وقائع فساد ومخالفات قانونية.
لا ملل ولا كلل
يتميز مطلقو الصافرة بالإصرار على متابعة شكواهم دون كلل أو ملل، فالأبواب التي يطرقوها لا تقتصر على الجهات الرسمية فقط، بل في حالة عدم تحركها تكون الصحافة هي البديل.
"المصدر السري" هو يكون في الغالب هذا الشخص المزعج للفاسدين الذي يقدم تسريبات عن وقائع فساد ومعاملات غير مشروعها دون أن يكشف عن هويته.
وهناك أمثلة عالمية عديدة، من أبرزها وثائق بنما التي كشفت فضائح مالية كبرى، ووثائق سويس ليكس التي كشفت تورط بنك عالمي في تسهيل التهرب الضريبي بمئات الصفقات لصالح عملائه.
صعوبات في الطريق
الأمر ليس بالسهولة التي يمكن أن يتصورها البعض، إذ يجب أن تتوافر صفات أخرى في مطلق الصافرة، أهم الشعور بأنه لديه مهمة إنسانية وأخلاقية للقيام بذلك حتى لو تعرضوا للمضايقة والخطر.
بل أن الأمر يمكن أن يصل إلى الاتهام بالجنون والارتياب أو التجريم.
وهناك قصة شهيرة يمكن الإشارة إليها، تخص موظف فرنسي سابق يدعى أنطوان دتلر، والذي كان يعمل في شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز – PWC".
حين وصلت معلومات إلى دتلر بضلوع شركته في مساعدة مئات الشركات للتهرب والتجب الضريبي، قرر تسريب 28 ألف وثيقة لوسائل الأعلام في عام 2011، والتي بدورها كشفت العشرات من حالات الفساد.
ولكن تم توجيه تهمة سرقة المعلومات للموظف الفرنسي، وتم إصدار عليه حكما بالسجن لمدة عام بواسطة محكمة لوكسمبورج، ولكنها تراجعت عن الحكم لاحقا لتقديرها بأن فوائد التسريب تفوق أضراره.
حماية قانونية إلزامية
نظرا للأهمية الكبيرة لمجموعة مطلقي الصافرة أو الإنذار، أصدر الاتحاد الأوروبي أواخر العام 2019 قرارا أطلق عليه "حماية مطلقي الصافرة".
ولم يتوقف الاتحاد الأوروبي عند هذا الحد فحسب، بل ألزم جميع الشركات العاملة في الاتحاد والتي يزيد عدد العاملين بها على 50 موظفا، باتخاذ كافة الإجراءات لبدئ تطبيق القرار بحلول عام 2021.
زمن كورونا.. أكبر الرابحين من الجائحة يدعم أكثر دول أوروبا تضررا
وبمقتضى القرار يتوافر داخل كل شركة أو مؤسسة عامة أو خاصة، جميع الطرق التي تُمكن موظف حالي أو سابق أو متقدم للوظيفة أو متدرب من تقديم شكوى لكشف ممارسات فساد ومخالفات التهرب الضريبي وغيرها.
ويكون من حق العامل أن يحدد جهة تقديم الشكوى سواء الشركة أو للسلطات الرسمية، وفي حالة اليأس من الوصول إلى نتيجة، فمن حقه اللجوء إلى الإعلام، على أن توفر له السلطات الرسمية وأنظمة الشركة الحماية من الانتقام، والرد على شكواه خلال سبعة أيام.
والسبب وراء إصدار هذا القرار، هو توصل دراسة أجراها الاتحاد الأوروبي في عام 2017 إلى أن الخسائر السنوية التي يتكبدها سنويا بسبب ضعف الحماية لمطلقي الصافرة تتراوح بين 5.8 و9.6 مليار يورو بالقطاع الحكومي فقط.