مشهد إيماني وبيئي بديع.. الأبيض يعانق الأخضر على جبل عرفات
في مشهد إيماني وبيئي بديع، ظهر اللون الأبيض (لون ملابس إحرام الحجاج)، يعانق اللون الأخضر (لون الأشجار التي كست مشعر عرفات).
وكان لافتا هذا العام زيادة مساحة التشجير في مشعر عرفات، الأمر الذي حول المشعر من أرض صحراوية إلى غابة خضراء يستظل بها ضيوف الرحمن من حراراة الشمس، وتسهم في الوقت نفسه في تلطيف الأجواء.
ركن الحج الأعظم
واستقر ضيوف الرحمن على صعيد جبل عرفات، ليؤدوا ركن الحج الأعظم ويشهدوا الوقفة الكبرى في خير يوم طلعت فيه الشمس.
ويعد الوقوف بعرفة الركن الأعظم من أركان الحج؛ ومن فاته عرفة فاته الحج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ».
وفي مشهد إيماني مهيب، اكتسى مشعر عرفات بأكمله باللون الأبيض، لون ملابس إحرام الحجاج، الذين وحدتهم جميعا على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ومناصبهم، في زمان واحد ومكان واحد، لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى.
وارتفعت أكف جميع الحجاج على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم، يتضرعون إلى الله أن يقبل حجهم وأن يغفر ذنبهم، في هذا اليوم المشهود الذي وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأفضل الأيام.
وانشغل الجميع بالتلبية والذكر والإكثار من الاستغفار والتكبير والتهليل وهم يتجهون إلى الله خاشعين متضرعين ويجتهدون في الدعاء لأنفسهم وذويهم ولإخوانهم المسلمين جميعاً.
أشجار عرفات
ومع استقرار حجاج بيت الله الحرام على مشعر عرفات كان لافتا حرص الكثير منهم على أن يستظل بأشجار النيم التي تزين مشعر عرفات.
ويستفيد الحجاج من ظلال هذه الأشجار عند الوقوف بعرفات وحتى وقت الغروب.
وبدأ تشجير عرفات قبل 41 عاما وتحديداً في عام 1404هـ، واقتصرت عملية التشجير في البداية على الطرق الرئيسية وحول جبل الرحمة ومسجد نمرة، ثم أخذت زراعة الأشجار في التوسع تدريجياً حتى تمت زراعة المشعر بكامله بما يزيد على 500 ألف شجرة "نيم"، الأمر الذي كان له بالغ الأثر في تقليل الإصابات الحرارية، وخاصة ضربات الشمس يوم الوقوف بعرفة بنسبة كبيرة جداً.
وكان الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري قد قدم آلافا من شتلات أشجار النيم للمملكة والتي تمت زراعتها ورعايتها بأرض عرفات الطاهرة، ووجدت الأشجار اهتماما كبيراً من المسؤولين في المملكة العربية السعودية حيث تمت رعايتها حتى ظللت منطقة واسعة من أرض عرفات.
وزادت مساحة التشجير في مشعر عرفات، بعد إطلاق الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، مبادرة السعودية الخضراء عام 2021 لبناء مستقبل أكثر استدامة عبر تعزيز جهود حماية البيئة وتسريع رحلة انتقال الطاقة، وزيادة أعمال التشجير، وتعزيز دور المملكة في مواجهة التغير المناخي.
وأعلنت السعودية العام الماضي زراعة 130 ألف شجرة، وذلك في إطار تنمية الغطاء النباتي للمشاعر المقدسة، وتحسين جودة الهواء لضيوف الرحمن، بهدف الارتقاء بخدمة الحجاج، وتمكينهم من تأدية مناسكهم بيسر وسهولة.