"بوليتيكو": صعود ميلوني بإيطاليا يقلق البيت الأبيض
هز فوز جورجيا ميلوني، زعيمة اليمين في إيطاليا، أوروبا ما زاد المخاوف بشأن احتمالية صعود التيار اليمنيي بالقارة العجوز.
وقُوبل هذا الزلزال بقلق عميق، في وقت تواجه فيه صعوبات اقتصادية وتراقب بقلق الحرب على جناحها الشرقي، حتى وصل إلى أروقة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وحاول البيت الأبيض تجميل الأمر، بالإشارة إلى أن فوز ميلوني كان تعبيرا عن إرادة الشعب الإيطالي، معربا عن الثقة في أن إيطاليا ستظل شريكا ثابتا للغرب.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيرر، في مؤتمر صحفي، أمس الإثنين: "إنها حليف بالناتو (إيطاليا) كما تعلمون، وشريك بمجموعة السبع وعضو بالاتحاد الأوروبي. لذا سنعمل مع حكومتها الجديدة على مجموعة كاملة من التحديات العالمية المشتركة، بما في ذلك دعم أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد الهجوم الروسي".
لكن تجاهلت جان بيير مطلقا ذكر اسم ميلوني.
وأكد انتصار الزعيمة الإيطالية الأول للتيار اليميني المتطرف في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، للبيت الأبيض مع ما يعتبره اتجاها مقلقا للقارة، التي شهدت أيضًا انتصار اليمين في السويد والمجر، والتقدم في فرنسا.
وأدى ذلك إلى زيادة زعزعة استقرار مجموعة السبع، التي وقفت بقوة هذا الصيف خلال قمتها في ألمانيا لدعم أوكرانيا ضد روسيا.
ومنذ تلك اللحظة في يونيو/حزيران، شهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعرض سلطته لضربة، والإطاحة برئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون من قبل ليز تراس -محافظة أخرى أكثر تشككا في أوروبا- والآن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي في طريقه لأن يتم استبداله بميلوني.
وحتى هذه اللحظة، صمدت الوحدة الغربية. لكن الفوز المذهل في إيطاليا يأتي في وقت ستختبر فيه إرادة التحالف بما يلوح في الأفق كشتاء قارس وحالك لأوروبا، مع حرمان القارة من إمدادات الطاقة الروسية، واختبار عزيمتها جراء ارتفاع الأسعار وانخفاض درجات الحرارة.
وطبقًا لمجلة "بوليتيكو"، يشعر مساعدو بايدن بالقلق حيال أن ميلوني قد تبدأ طرح تساؤلات بشأن التزام إيطاليا، مجادلة بأن موارد البلد يجب استخدامها داخليا، خاصة إذا انزلقت أوروبا في حالة ركود هذا الشتاء.
وإذا بدأ لاعب كبير بمجموعة السبت الاعتماد على كييف لإيجاد تسوية تفاوضية للحرب –على عكس تمويل مقاومتها– هناك احتمال بأن دولا أخرى قد تحذو حذوه وقد تضعف عزيمة القارة.
وعلى الأقل بالوقت الراهن، يأمل المساعدون في البيت الأبيض أن تقف روما بثبات مع كييف، وترفض علنا الأفكار القائلة إن التحاف قد ينهار. لكن على الأقل، أقر الأمريكيون بأن إيطاليا ربما لن تعد تقدم الدعم الذي قدمه دراجي.
وفي عهد دراجي، لعبت إيطاليا دورًا مهما في أوروبا، حيث ساعدت في تشكيل استجابة القارة للتعافي من كوفيد، والقضايا الاقتصادية، والهجوم الروسي على أوكرانيا. لكن ابتعدت إيطاليا الآن عن التيار الأوروبي السائد، وقد تتحالف مع القادة القوميين في المجر وبولندا.
ووعدت ميلوني بأنها هدأت من وجهات نظرها وقالت إنها تدعم الناتو وأوكرانيا.
كما أعربت عن قليل من الميل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على عكس آخرين في ائتلافها، بينهم رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني.
وحاليا، ينتمي حوالي ثلث المقاعد في البرلمان الإيطالي الجديد إلى أحزاب لم تدن كليا الهجوم الروسي على أوكرانيا.
ويأتي التغيير في روما على خلفية الاستفتاءات الصورية على الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها موسكو للتصويت لتصبح جزءا من روسيا.
ويقلق التصويت، الذي ينتهي هذا الأسبوع، الحلفاء الغربيين الذين يعتقدون أن بوتين قد يستخدم أي قتال في تلك الأراضي -الذي سيعتبره اعتداء على الأراضي الروسية- كحجة لتوسيع الحرب.
وهدد بوتين مجددا باستخدام الأسلحة النووية إذا تعرضوا للهجوم، وأمر بتعبئة ما يصل إلى 300 ألف من قوات الاحتياط من أجل جهود الحرب.
لكن أدى هذا الاستدعاء إلى مشاهد من الفوضى في شتى أنحاء البلاد مع محاولة الآلاف من الرجال بعمر التجنيد الفرار من روسيا لتجنبه، ما يؤكد تعثر الحرب الروسية.
ومنذ بداية الحرب في فبراير/شباط، تعهد بايدن باستمرار بتضامن لا ينتهي مع أوكرانيا وحث الدول الأخرى –صديقة كانت أم عدوا– على الوقوف ضد موسكو.
كما ألقى الرئيس الأمريكي خطابا أمام الجمعية العامة بالأمم المتحدة الأسبوع الماضي، وألقى باللوم على رجل واحد، وهو نظيره الروسي، في الحرب التي زلزلت العالم.