يحتضن لبنان ملايين اللاجئين السوريين الهاربين من جحيم الحرب على أرضهم، نتيجة الصراع المحتدم في هذا البلد العربي الممزق منذ سنوات.
والمخيمات التي تؤوي أغلب السوريين هناك تفتقر إلى أدنى مستويات العيش للإنسان، فضلاً عن ظروف الحياة والطبيعة القاسية التي يعاني منها الأطفال والنساء وكبار السن بالدرجة الأولى.
وقد كرّست الحادثة الأخيرة والمرتبطة بإحراق مخيم كامل في منطقة المنية شمال لبنان فصلاً جديداً من فصول نكبة السوريين في لبنان، فالحريق الذي شرّد مئات العوائل السورية اللاجئة مرده غياب سلطة الدولة اللبنانية، وانتشار الخطاب العنصري والكراهية غير المبررة لأشخاص لا ذنب لهم ولا جريرة، غير أنهم يبحثون عن الأمان لأنفسهم وأولادهم في بلد عربي مجاور لبلدهم.
ويحاول البعض في لبنان، لا سيما الذين في منظومة الحكم الفاسدة، إغفال المسألة الأهم على المستويين الوطني والإقليمي، ألا وهي مشاركة عناصر حزب الله الإرهابي في الحرب السورية، تنفيذاً لأمر إيراني أصدره الحرس الثوري الإرهابي بداية الأزمة السورية، ونفذه فوراً حسن نصر الله زعيم مليشيا حزب الله.
فالمليشيات اللبنانية المسلحة والمسماة حزب الله تنتشر في أغلب المناطق السورية، وتحتل بلدات استراتيجية على طول الحدود اللبنانية السورية، ويمنع احتلالها لتلك المدن السورية عودة النازحين الموجودين في لبنان، ناهيك عن عبور قوافل الحزب المسلحة بالاتجاهين يومياً، وهي تحمل السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف، دون موقف رسمي واضح من الرئاسة اللبنانية أو بقية مؤسسات الدولة الدستورية.
وحزب الله الذي يدّعي المشاركة في الحياة السياسية في لبنان، وله أعضاء في مجلس النواب ووزراء في أي حكومة تُشكّل، يمنع أي نقاش سياسي أو شعبي حول ظروف قتاله الموثق في سوريا، بل يعتبرها مسألة خاصة به، لأنه يعتبر وجوده فوق وجود الدولة ككيان شرعي، يتوجب عليه الالتزام بقراره ودستوره.
وعناصر حزب الله الذين يديرون المعابر البرية مع سوريا - سواء كانت هذه المعابر نظامية أو غير نظامية - يمتهنون داخل سوريا صناعة وتجارة المخدرات، بحسب ما ذكرته مؤخراً صحيفة دير شبيجل الألمانية في تقرير مطول لها، وقد أسّس نصر الله العديد من مصانع حبوب الكبتاجون وغيره في بلدات مثل القصير وتل كلخ وريف دمشق وحلب ودير الزور.
والتحرك الروسي الأخير شرق سوريا، الذي أدى لطرد عدد من المليشيات الإيرانية والعراقية المسيطرة على الشريط الحدودي السوري العراقي المحرر من تنظيم داعش الإرهابي، كشف المستور حول هيمنة حزب الله على عدد من المناطق جنوبي نهر الفرات، خصوصاً نقاط نقل المخدرات وتوزيعها، والثراء الفاحش الذي نتج عن تلك التجارة المحرمة دولياً.
وأما الشحنة الكبيرة التي أعلنت السلطات الإيطالية عن ضبطها قبل أيام في نابولي، تعود ملكيتها لمليشيا حزب الله اللبنانية، ومصدرها معامل الحزب التي تقع في سوريا ولبنان، وقدرة الحزب الإرهابي على تعويض نقص موارده المالية بسبب العقوبات الأمريكية والملاحقات الغربية والعربية أمر يرتبط كماً وكيفاً بضخامة المنتج المخدر الذي يعول عليه قادة مليشيات حزب الله في لبنان.
وفي جعبة حزب الله داخل سوريا ولبنان العديد من الصنوف التجارية الممنوعة أخلاقياً وقانونياً، فالاتجار بالبشر وشبكات الدعارة واستغلال القاصرات وأخذ الإتاوات من الناس، كلها أشياء يندى لها الجبين ويمارسها حزب الله جهاراً نهاراً دون خوف أو رادع، وأكاذيب المقاومة التي يزعمها وشعارات مواجهة العدو التي يرفعها مجرد واجهة يخفي خلفها حقيقة كونه مافيا سياسية واقتصادية وعسكرية تريد السيطرة على كل شيء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة