قرأنا أخبارا ومقالات تشير إلى قرب إنهاء الأزمة القطرية مع الدول العربية المكافحة للإرهاب.
وعن حدوث حوار خليجي بشأن الاستعداد للمتغيرات الإقليمية والدولية، إلا أن غياب وزير الخارجية القطري عن الاجتماع التحضيري للقمة الخليجية (41) الذي عُقد في المنامة بحضور وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يدفعنا لنتساءل: إلى أي مدى يستطيع نظام الحمدين في دولة قطر الذهاب من أجل تعزيز الحوار مع الدول العربية الأربع (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر)؟ وهل يستطيع تطبيق الشروط الـ(13) التي تسببت في هذه الأزمة، منها على سبيل المثال إيقاف الإساءة الإعلامية للدول المقاطعة لها ومنها أيضاً إيقاف الدعم للتنظيمات الإرهابية التي تدعمها؟
وربما الأهم من السؤال السابق، أنه علينا أن نتذكر أن النظام في قطر فقد ثقة الخليجيين بعدم تكرار سياساته ومغامراته غير المتوقعة في نوعيتها (كالتقارب من أنظمة تهدد استقرار الدول العربية، وحجم تلك المغامرات مثل دعم تنظيمات تعمل ضد الدول العربية) لأن قرار المقاطعة بشروطها جاء بعد أكثر من فرصة، ولكن في كل مرة كان ينقض النظام القطري تعهداته. قطر هذه المرة أيضاً افتعلت الأزمة مع مملكة البحرين باحتجاز عدد من مراكب الصيادين البحرينيين وادعت في مجلس الأمن اختراقات بحرينية لمجالها الجوي، كما استمرت في شن حملاتها الإعلامية ضد دولة الإمارات وكأنها تريد إيصال رسالة (للجميع)، أنها لا تريد حل الأزمة إلا وفق حساباتها الخاصة ودون تقديم تنازلات منها أو التراجع عن سياساتها العبثية والتخريبية.
وكي نكون أكثر وضوحاً علينا أن نستعرض بعض المواقف القطرية من أجل قياس مدى رغبتها في إنهاء الأزمة وتعزيز الحوار الخليجي مع كل الدول وليس وفق محاولات شق الصف الخليجي. فقطر لا تريد الاستغناء عن القاعدة العسكرية التركية، وهي الدولة التي لديها مشروعها السياسي في المنطقة، كما أن قطر مستمرة في شن الحملات الإعلامية المغرضة ضد الدول الخليجية والإساءة لها سواءً من خلال الإعلاميين المحسوبين عليها أو قناتها "الجزيرة"، وهم لا يريدون التوقف عن دعم التنظيمات الإرهابية في العالم بالمال والإعلام.
وفي الموقف الأخير، قبل يومين، لا يسعون إلى تمثيل سياسي في الاجتماعات الخليجية يوضحون خلالها وجود رغبة حقيقية في إنهاء الأزمة ويبثون الثقة بحسن النوايا. فإذا كان نظام قطر مصرّا على هذه المواقف ويمارسها بشيء من القناعة الفكرية والمنهجية المنتظمة فإنه من الطبيعي من الدول المقاطعة لها أن تستشعر خطر تكرار المواقف القطرية وعدم الثقة مرة ثانية، فالخبرة التاريخية تؤكد أن كل شيء مع النظام القطري وارد.
لم يعد صعبا علينا أن نفهم رغبة النظام القطري في الخروج من الأزمة التي وضع نفسه فيها، وبالتالي محاولة تصديرها إلى الآخرين. ولكن الشيء غير المفهوم هو عدم تقديم النظام القطري أي تنازلات مع أنه تآمر على الدول المقاطعة له ويتلهف إلى إنهاء الأزمة بأي طريقة، وأعطيت له أكثر من فرصة لمراجعة قراراته غير العقلانية، إلا أنه يتفنن في خسارتها، لذلك فإن أزمته تضيق عليه مع مرور الوقت وتكبر وفق نظرية "كرة الثلج" التي تكبر كلما تدحرجت أكثر إن لم يستدرك النظام القطري أبعادها. التحولات السياسية الإقليمية والدولية تسير الآن نحو التعاون الدولي للقضاء على التطرف والإرهاب ومحاسبة الداعمين لهما، وقد بدأت في أوروبا فعلاً أحاديث عن تطبيق عقوبات على تركيا أحد حلفاء قطر في مسألة إثارة الفوضى ودعم الإرهاب.
تعزيز الحوار الخليجي يفرض على النظام القطري البدء أولاً بمعالجة الأسباب التي أدت إلى هذه الأزمة. وألا يعمل على محاولات شق موقف الدول المقاطعة له، أما في حالة لم يقبل النظام القطري بذلك وأصر على فرض سياسته على الآخرين، ستبقى الأمور على ما هي عليه، لأن المسألة ليست اختلافات في وجهات النظر، وإنما الأمر تهديد سيادة الدول المقاطعة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة