النظامان في تركيا وإيران يحاولان الظهور كقوتين إقليميتين كبيرتين، يمكنهما التلاعب بمصائر عدة دول في المنطقة.
ولكنهما قوتان مفلستان ماديا وسياسيا واستراتيجيا، حتى تبدو تلاعباتهما كأنها محاولة للتغطية على ذلك الإفلاس.
الولي الفقيه في إيران يحرك فصائل مسلحة تابعة له في العراق وسوريا ولبنان واليمن من أجل إثارة القلاقل والاضطرابات. لا يوجد هدف بناء يمكن العثور عليه في الأعمال التي تمارسها تلك الفصائل. إنها، بالدليل المشهود، منظمات فساد وتخريب وانقسامات اجتماعية، كما أنها منظمات جريمة أيضا، وهي تمارس أعمال الاغتيالات وتهريب المخدرات وتبييض الأموال والاستيلاء غير المشروع على دور الدولة، تحت ستار كثيف من الادعاءات والتبريرات الباطلة.
ولا يكاد أردوغان يخرج من حرب حتى يندفع إلى أخرى على امتداد المسافة من أرمينيا إلى ليبيا، وبرغم أن تركيا تمارس أعمالها العدوانية كدولة، فإنها، على غرار إيران، تستعين بفصائل مسلحة تفعل الشيء نفسه هنا وهناك، ومثلما أن لفصائل إيران في سوريا باعا طويلا في أعمال الإرهاب، فإن فصائل تركيا في ليبيا تملك باعا مماثلا.
الشيء الواضح، هو أن هذين "النظامين" الواهمين:
1ـ يعانيان من أزمات اقتصادية خانقة.
2ـ لكل منهما مشروع أيديولوجي ذو أصل متطرف ومولد لثقافة الإرهاب.
3ـ معزولان عن معظم دول العالم الأخرى، ويثيران الأزمات على مختلف مستويات العلاقات الدولية. ولا يحترمان قيم القانون.
4ـ ليسا نظامين طبيعيين بالنسبة لشعبيهما نفسه، وهما موضع شكوك داخلية، ويمارسان انتهاكات مفزعة.
5ـ ذوا أطماع قائمة على اعتبارات تاريخية دخلت، منذ وقت بعيد، في عالم الأساطير، ويبحثان عن موطئ قدم لا حق لهما فيه.
6ـ يخوضان نزاعا داخليا مع أقليات مقموعة بالعنف، مماثلا للنزاعات التي يقومان برعايتها في الخارج، بالعنف أيضا.
7ـ لم يحققا أهدافا تنموية ناجحة، رغم بقائهما الطويل في السلطة، وظلت معدلات الفقر والبطالة والتضخم عالية جدا.
8ـ يمارسان السياسة ممزوجة بالأكاذيب والدجل، ويحاولان التلون حسب الظرف، إلا أن طبيعتهما الأصلية ثابتة.
9ـ يبددان قسطا كبيرا من الموارد الداخلية لتغذية تدخلاتهما في الخارج، وفي مشاريع تسلح تزيد في تغذية أوهام القوة.
10ـ يتنافسان مع بعضهما، انطلاقا من ذات الأوهام، ولكنهما يتعاونان كرها مع بعضهما ومع الآخرين أيضا.
نظامان يعيشان في ظل هذه الحقائق الصارخة، إلى أين يمكنهما الذهاب؟ فالجحيم الذي يعيشه شعباهما كافٍ بمفرده للقول إنهما يمضيان في طريق يدفع بهما إلى المزيد من الأزمات، ويجعل من قوتهما العسكرية الوهمية، ومن تدخلاتهما في الخارج، مجرد أعمال صبيانية، يسهل ردعها.
ولئن كان المشروع الأيديولوجي هو بحد ذاته أداة من أدوات العمى وضيق الأفق حتى ولو كان علمانيا، فإنه مشروع ظلامي عندما يتخذ من الدين والطائفة ستارا له، إنه باختصار مشروع لبناء دولة فاشلة أينما كان. سقوط إمبراطورية الاتحاد السوفيتي، في جوارهما معا، كان شاهدا كبيرا على ذلك، ولكنهما لم يلحظاه!
وخروجهما عن قيم ومتطلبات التنمية والتحديث يدل بمفرده على أنهما يدفعان بما لديهما من موارد إلى الهاوية، ويعجزان عن تحقيق التراكم الطبيعي المطلوب لجعل البناء راسخا.
انظر إلى الفشل الاقتصادي في إيران وسترى الخلل موجودا تحت عمامة الولي الفقيه، أكثر بكثير مما هو موجود في الأرقام والمعدلات والحقائق المادية المجردة، ثم انظر في التوسع الوهمي القائم على نحو نصف تريليون دولار من الديون، وسترى لماذا يتصرف رجب طيب أردوغان برعونة أكثر، وهو يرى كيف يمكن لكل شيء أن ينهار في لحظة واحدة، وماذا يملكان لمواجهة مشاكلهما؟ إنهما يملكان مليشيات، ويراهنان في نفوذهما على عصابات جريمة وفساد، وانظر إلى "أبطالهما" في الخارج، وحاول ألا تصاب بالغثيان، إنهم كائنات تثير الرغبة بالتقيؤ أكثر مما تثير الاستغراب.
وهما يناطحان صخرة الزمن، ويدركان أنهما قوتا تخلف من خارج العصر، ولكنهما كلما شعرا بالفشل يزدادان توترا وهستيريا، فيضيفان إفلاسا فوق الإفلاس. إنهما نظامان يحاولان البرهنة الآن، على أنهما مفلسان في الحاضر أيضا
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة