استقبل لبنان قبل أيام الذكرى الأولى لتفجير مرفأ عاصمته، الذي تسبب في مقتل 200 شخص وإصابة الآلاف، دون معرفة أسبابه والمسؤول عنه.
خسائر مادية ضخمة سببها تفجير مرفأ بيروت، فالانفجار ضرب القطاع السياحي بشكل كبير جداً، كذلك القطاع الخدمي، لأن 70% من المرفأ كان يستخدم للتبادل التجاري، فيما قدّر البنك الدولي خسائر الانفجار بنحو 8 مليارات دولار، تتضمن حصيلة المباني التي دُمِّرت كلياً أو جزئياً، إلى جانب مقرات مؤسسات تضررت أيضاً كلياً أو جزئياً، ولم تقم السلطات اللبنانية المعنية حتى الآن بتعويض أصحابها.
وقد يكون عدم تعويض المتضررين مبرَّراً باعتبار أن لبنان يعاني أزمة مالية خانقة نتيجة تدهور عملته المحلية أمام الدولار، لكن من غير المفهوم عدم توصل القضاء اللبناني إلى كشف المتسبب في ذلك التفجير، الذي حوّل العاصمة بيروت إلى مدينة منكوبة، ما قد يوحي بتورط جهات داخلية لبنانية في تخزين مادة نترات الأمونيوم في المرفأ، بعيدا عن اتهام الإهمال في المطلق، مع عدم استبعاد أطراف خارجية أيضاً.
مع ذلك الغموض كله، يطالب ذوو ضحايا تفجير المرفأ بمعرفة الحقيقة، ما يعني استمرار التحقيق الذي لم يصل إلى نتيجة منذ عام كامل.
الضغوط الدولية، خاصة الفرنسية، على المسؤولين اللبنانيين لم ترغمهم على إجراء تحقيقٍ شفاف لكشف المتورطين في تفجير المرفأ، أو تشكيل حكومة في بلد غارق في الفوضى وسوء الخدمات، الأمر الذي يعني استمرار الأزمة اللبنانية بشكلها الحالي إلى أجل غير مسمى، وبالتالي استمرار معاناة أهالي ضحايا المرفأ، واللبنانيين عموماً، بعدما تسببت مختلف الأزمات في انعدام الكهرباء واختفاء المحروقات والمياه وغياب الخدمات العامة وفرص العمل، إضافة إلى نقص حاد في الأدوية وبعض المواد الغذائية من الأسواق.
كما أن هذه الأزمات على أنواعها أسهمت في مزيد من التدخل الخارجي، خاصة الإيراني، عبر جنوب البلاد، المسيطَر عليه من قبل "حزب الله" الإرهابي، الذي يأتمر بأمر إيران، وسط غياب تام للدولة، خاصة بعد فشل الأطراف الرئيسية، التي تتقاسم السلطة بلبنان، في تشكيل حكومة، ما أدى إلى فراغٍ كبير في البلاد تملؤه طهران عبر دعم مالي ولوجستي لذراعها "حزب الله"، فيما تحاول أطراف أخرى بالمنطقة الدخول على خط الأزمة اللبنانية لاستثمار أي ورقة جديدة في المنطقة.
من هنا تكمن مصلحة من يحاول التدخل في الشأن اللبناني في عدم اتفاق اللبنانيين على تشكيل حكومة، يأمل كثيرون أن تتمكن من حل بعض الأزمات المستمرة في لبنان، لذلك لا بد من الإسراع في تشكيلها لوضع حد للتدخلات الخارجية وإخراج لبنان من عزلته الدولية والعربية، وهو ما قد يكون مقدمة نحو حل مختلف الأزمات التي يعاني منها لبنان حاليا، فالاستمرار بتسيير أمور البلد دون حكومة يعني حتماً مزيدا من التدخل الخارجي، الذي يفاقم أصلاً من حجم مختلف الأزمات التي يواجهها لبنان منذ وقت طويل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة