زلزال كورونا.. لماذا خسر ليفربول وبرشلونة بـ15 هدفا؟
مر العالم بواحدة من أسوأ فتراته على الإطلاق في العصر الحديث بسبب فيروس كورونا الذي انعكست آثاره على كل مناحي الحياة وبينها كرة القدم.
ويعيش نجوم كرة القدم في العالم خاصة في أوروبا حياة مرفهة، حيث يتقاضون رواتب ضخمة، أكثر من أغلب طبقات الشعوب هناك، ويستمتعون بوقتهم خلال التدريبات يوميا، وعبر شغف المباريات والتحديات التي لا تنتهي وتتجدد كل يوم وأسبوع وشهر وموسم.
لكن فجأة، وبدون مقدمات، انتهى كل ذلك، وبات الجميع مجبرين على الاختباء، فلا رحلات صيد في البحر، ولا رحلات استجمامات، ولا إجازات قصيرة مع الأهل خارج الحدود، فقط الجلوس بالمنزل والانتظار، وأصبحت محاربة الملل فقط هي التحدي المستمر.
نتائج غريبة
بعد عدة أشهر من العزل المنزلي، بدأت الحكومات في العالم إعادة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها، فعادت كرة القدم، صحيح أن الجماهير لم تعد بعد في أغلب البلاد، لكن الكُرة عادت.
الغريب أن النتائج التي أعلنتها شاشات الملاعب كان بعضها غريبا، لكنها معتادة للاعبي كرة القدم الإلكترونية عبر البلاي ستيشن.
فخسرت فرق كبرى عالميا بنتائج مثل 8-2 و7-2 و4-0 مألوفة جداً في الألعاب الإلكترونية، لكنها ليست كذلك في الواقع.
ففي الدوري الإنجليزي خسر ليفربول 0-4 من مانشستر سيتي أواخر الموسم الماضي، و2-7 من أستون فيلا هذا الموسم، كما خسر السيتي 2-5 من ليستر سيتي وأذل توتنهام مانشستر يونايتد في ملعبه بنتيجة 6-1 هذا الموسم أيضا.
وقبل كل ذلك، سقط برشلونة الإسباني بنتيجة مدوية 2-8 أمام بايرن ميونيخ الألماني في ربع نهائي الموسم الماضي لدوري أبطال أوروبا، قبل أن يخسر الفريق البافاري بعدها في مفاجأة عملاقة 1-4 من هوفنهايم في الموسم الحالي من الدوري الألماني.
النتائج الكبيرة التي انتهت بها المباريات أكبر من أن يتم حصرها في عدة سطور، وهذا الأمر حدث خارج أوروبا أيضا، ولو لم يكن بنتائج كبيرة، فقد حدث بانهيار تام مع هزائم غير كبيرة.
حدث هذا الأمر مثلا في نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا لممثلي المغرب الرجاء والوداد اللذين عانيا من ويلات كورونا أكثر من نظيريهما المصريين الزمالك والأهلي، فتلقى كل منهما الهزيمة ذهاب وإيابا بمجموع 4 و5 أهداف على الترتيب.
سر السقوط
يعتبر مركز الدراسات البريطاني (معهد كينجز كوليدج) أن الحجر الصحي الذي تعرض له كل سكان الأرض لم يكن شيئا مرضيا للجميع.
وفي تقرير نشرته مجلة "دولينسي" الصحية، جاء أن العزل عن الأهل وفقدان الحرية، وسيطرة الملل والارتياب على الإنسان، يتسبب في حالات مأساوية، وخلل نفسي واضح.
كما أكد الأخصائي النفسي أسامة الحلو في تصريحات نشرتها شبكة "فرانس 24" أن القلق والتوتر والانفعال من أبرز التأثيرات النفسية التي خلفتها مرحلة العزلة وتقييد الحرية أثناء كورونا، مما يجعل هؤلاء الأشخاص الذين تعرضوا لذلك في وضعية نفسية هشة.
ووفقا للدراسة فإن تلك الوضعية النفسية الهشة تعني أن الشخص غير مستعد لمواجهة مواقف تحتاج ثباتا انفعاليا كبيرا، وخوض تحديات عملاقة، فالانتصارات دائماً وكذلك الهزائم، تنبع من داخل الإنسان أولا.
ولم يكن لاعبو كرة القدم في حال يُمكنهم من التعرض لاختبارات صعبة تحتاج مجهودا ذهنيا كبيرا، وكانوا بحاجة لشخصيات قيادية تبث الإيجابية للزملاء وتقاوم الهزيمة.
وبدا ما ذكرته الدراسة واضحا عندما تلقى برشلونة الهدف تلو الآخر أمام البايرن، لم يستطع لاعبوه مواجهة الموجة المميتة، واستسلموا لأنهم كانوا غير مستعدين لحرب شرسة مثل تلك التي خاضوها وتعرضوا خلالها لهزيمة نكراء.
ليفربول كذلك، الفريق المتوج باللقب الموسم الماضي بالدوري الإنجليزي، خاض 29 مباراة قبل فترة التوقف بسبب كورونا، تعثر فيها مرتين فقط بتعادل سلبي أمام مانشستر يونايتد وهزيمة وحيدة مفاجئة كانت أمام واتفورد 0-3.
لكنه بعد عودة المسابقة وخلال 9 مباريات فقط الموسم الماضي، خسر مرتين برباعية نظيفة مع الرأفة من مانشستر سيتي وصيفه، ثم من أرسنال 1-2، وكاد يخسر أكثر من ذلك، كما تعادل مرتين أيضا مع إيفرتون سلبيا ومع بيرنلي 1-1.
ثم في الموسم الحالي خسر 2-7 أمام أستون فيلا، وظهر الفريق في الملعب مستسلما تماما باستثناء بعض اللاعبين مثل المصري محمد صلاح الذي قاوم وسجل هدفين وكان دائم المحاولات على مرمى الخصم.
مقاومة ونجاة
فريق مانشستر سيتي قاوم كذلك أمام ليستر سيتي عندما خسر 2-5 هذا الموسم، لكن يبدو أن عدم الثبات الانفعالي عند بعض لاعبيه خصوصاً في الدفاع كلف الفريق السماوي ركلات جزاء حسمت المواجهة لصالح الضيوف.
وانزلق الفريق السماوي إلى الفجوة السوداء التي تبتلع طاقات اللاعبين وفقد عدة نقاط في بداية مشوار الدوري، لكنه بدأ يتعافى ويعود من جديد، تماماً كما فعل ليفربول بعد السباعية التاريخية.
وأكدت الدراسة أنه لكي ينجو اللاعبون من مأساة الحبس المنزلي خلال فترة جائحة كورونا، يجب أن يبرز دور الطب النفسي في الأندية لوضع اليد أولا على المُشكلة ثم طرح الحلول للتعامل معها.
وأشارت إلى أن اللاعبين يحتاجون كذلك إلى فترات راحة سلبية بعيدا عن العمل اليومي، وهذا الأمر لن يكون متوفرا بنفس رفاهية الأعوام الماضية بسبب ضغط المباريات نتيجة البداية المتأخرة للموسم، لكن قد ينجح البعض في الحصول على يوم أو أكثر دون سفر بعيد، من أجل تصفية الذهن.
ومع انطلاق الموسم الجديد في أغلب أنحاء العالم، تتجدد الدوافع ويبدأ الحماس يجري في العروق من جديد عند كل اللاعبين كما الحال بالنسبة للمشجعين، وقد يسهم ذلك في تجاوز أثار الحبس المنزلي، واختتفائه من شاشات نتائج ملاعب كرة القدم.