لماذا علينا الحفاظ على المناطق المدارية؟
اليوم العالمي للمناطق المدارية هو فرصة سنوية للتأكيد على أهمية وحاجة تلك المناطق للاهتمام والتطور، ضمن الجهود العالمية للحفاظ على التنوع البيولوجي والحفاظ على المناخ.
يوافق اليوم الدولي للمناطق المدارية؛ يوم 29 يونيو/حزيران من كل عام، بهدف رفع الوعي بالتحديات التي تواجهها الدول المدارية، ما يدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ومن جهة أخرى، الحفاظ على التنوع الهائل والمميز لتلك المناطق وحماية سكانها، والمناطق المدارية هي المناطق الاستوائية التي تقع حول خط الاستواء في منتصف الكرة الأرضية، ويحدها 2 من خطوط العرض: مدار الجدي في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، ومدار السرطان في نصف الكرة الأرضية الشمالي.
ما أهمية المناطق الاستوائية؟
تقع المناطق الاستوائية في معظم قارات العالم، ما يجعلها ذات أهمية كبيرة على عدة أصعدة، منها:
1- سكان العالم
يعيش في المناطق الاستوائية نحو 40% من سكان العالم، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 50% بحلول 2050، وأعلى معدلات النمو موجودة في قارة أفريقيا. من جانب آخر، يعيش ما يزيد قليلًا من أعداد سكان العالم في الدول الاستوائية، وبحلول 2050، من المتوقع أن يعيش فيها 2 من كل 3 أطفال.
وعلى الرغم من أنّ النمو السكاني يتسارع بصورة كبيرة أسرع من أي وقت مضى، إلا أنه يُشكل فرصة جيدة لزيادة الأيدي العاملة، ما يساهم في تحقيق التقدم المرغوب وانتشال تلك البلاد من الفقر. لكن في نفس الوقت، هذه الزيادة السكانية تُمثل ضغطًا على البيئة والموارد الطبيعية، وهذا يُمثل تحديًا أمام أهداف التنمية المستدامة. لذلك، فالمناطق الاستوائية تُشكل واحدة من أهم القضايا العالمية في عصرنا الحالي.
2- تنوع بيولوجي هائل
تستضيف المناطق الاستوائية ما يقرب من 80% من الأنواع البرية على سطح الكوكب، بالإضافة إلى الكثير من الأنواع النباتية، فضلًا عن أشكال التنوع البيولوجي المختلفة، المتمثلة في البكتيريا والنباتات والفيروسات والحشرات والكثير من الأنواع الأخرى التي تتفاعل مع النظام البيئي؛ فتحقق التوازن على سطح الأرض. وتساهم كذلك في تعزيز رفاهية الإنسان عبر مدّ البشر بالأغذية والأدوية والمنتجات الأخرى.
3- تنوع في الثقافات
تتمتع الدول الاستوائية بتنوع ثقافي فريد، لعل أبرز ما يميزه اللغات الكثيرة في تلك الدول. على سبيل المثال، في إندونيسيا نحو 700 لغة، وفي الهند ما يزيد عن 400 لغة، وفي قارة أفريقيا -عامةً- ما يصل إلى 2000 لغة. عند مقارنة وضع أفريقيا بأوروبا التي تضم ما يزيد قليلًا عن 200 لغة فقط، نجد أنّ التنوع الثقافي في أفريقيا أكبر بكثير. وهذا التنوع الهائل في اللغات دلالة على تنوع الثقافات وتميزها. لذلك؛ فالمناطق الاستوائية مهمة جدًا من الناحية الثقافية أيضًا.
4- قابلية للتقدم
تُشكل الأيد العاملة قوى لأي دولة، وهذا يدفع الكثير من الدول التي تفتقر إلى العمالة إلى فتح باب الهجرة إليها، فما الحال عن دول مثل إندونيسيا والهند والفلبين ونيجيريا التي تتمتع بثروة بشرية هائلة من الشباب، والتي من المتوقع أنها في نهاية هذا القرن ستصبح من الاقتصادات العالمية الكبرى إذا أحسنت توظيف قوة الشباب لديها.
5- التجارة العالمية والاستثمار
تتميز المناطق الاستوائية بموقعها، الذي يساعدها في أن تكون أهم المحطات في حركة التجارة العالمية، إضافة إلى كونها مناطق مميزة للاستثمار؛ إذ تأوي الكثير من عوامل النجاح مثل الموارد الطبيعية والعمالة وغيرهم، ما يجذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم.
6- المناخ العالمي
تلعب المناطق الاستوائية دورًا محوريًا في المناخ العالمي، خاصة مع ارتباطها بظاهرة النينو، والتي تؤدي إلى تقلبات واضحة في المناخ. لذلك؛ فالمناطق الاستوائية مادة دسمة للأبحاث العلمية، التي تساعدنا في تعزيز فهمنا للعوامل المختلفة المؤثرة على التغيرات المناخية التي يشهدها كوكبنا في عصرنا هذا.
تحديات
تواجه المناطق الاستوائية العديد من التحديات، وتتمثل في:
- تغيرات المناخ: المناطق الاستوائية معرضة لتأثيرات التغيرات المناخية، والتي تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة، والظواهر الطقسية المتطرفة وتغير أنماط الأمطار. ويمكن لتلك التغيرات أن تؤثر سلبيًا على النظم البيئية بما تأويه من تنوع بيولوجي، ويمتد الأمر إلى السكان وغذائهم والموارد التي يحصلون عليها من خدمات النظام البيئي.
- إزالة الغابات: يأتي التوسع الزراعي أو العمراني على حساب إزالة الغابات في كثير من الأحيان، ما يُشكل خطرًا على الأنواع النباتية والحيوانية وفقدان الموائل، وكذلك يساهم في انبعاثات الغازات الدفيئة؛ إذ تعمل النباتات كوسيلة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه.
- المياه: تواجه الدول الاستوائية تحديًا فيما يتعلق بوفرة المياه، وذلك على الرغم من أنها تضم الكثير من الأنهار ومصادر المياه العذبة، لكن الزيادة في أعداد السكان يزيد الطلب على المياه، ما يجعلها من الدول التي تعاني من الإجهاد المائي.
- انتشار الفقر: ما زالت الكثير من الدول المدارية تعاني من الفقر وآثاره، إضافة إلى انتشار الأمراض والجوع، الأمر الذي يتعارض مع أهداف التنمية المستدامة.
هناك الكثير من التحديات التي تواجهها الدول المدارية، والتي تُشكل جزءًا محوريًا من العالم، على الرغم من ثرواتها الهائلة. لذلك في عام 2016، أعلنت "الجمعية العامة للأمم المتحدة" عن اعتماد يوم 29 يونيو/حزيران يومًا دوليًا للمناطق المدارية؛ تيمنًا باليوم الذي أُطلق فيه "التقرير الافتتاحي عن حالة المناطق المدارية" في يوم 29 يونيو/حزيران عام 2014. وخلال ذلك اليوم، تنظم العديد من المؤسسات والمبادرات الفعّاليات لرفع الوعي حول ضرورة الحفاظ على تلك المناطق وتعزيزها.