ترامب أنهى دور قطر أو على الأصح أدوارها التي كانت نشطة في عهد أوباما قائلاً لها بصريح العبارة (طبخك يا الرفلا وكليه) وجعلها تواجه مشقة تصفية التركة الثقيلة وحدها
من الواضح بالنسبة لي أن النظام القطري كان يلعب أدواراً في المنطقة متفقاً عليها مع العهود الأميركية السابقة منذ بوش الابن وتعززت في عهد أوباما وهي أدوار تحقق مصالح لأميركا ومصالح معنوية لقطر وترحب بها أميركا لأن النظام القطري هو الذي يمولها.
هذه الأدوار التي تحقق مصالح للطرفين هي التي أوجدت تلك التناقضات في المواقف القطرية فالتناقض ضروري لتحقيق المصلحة القطرية فقاعدة العديد مثلاً تحقق مصلحة أميركية، وحديث الشيح حمد والد تميم عن العلاقة الإسرائيلية القطرية مصلحة إسرائيلية، ودعم قطر القوي لحماس الإرهابية في نظر أميركا وإسرائيل يحقق المصلحة القطرية.. وهكذا.
من أبرز تلك الأدوار وأهمها قيام قطر بالتشجيع والتسهيل والمؤازرة والدعم المالي لقيام حكومات دينية في الدول العربية أثناء الربيع العربي بزعم أن الحكومات الدينية تستطيع احتواء الحركات الإرهابية وهذا كان برضا أو تغاضي حكومة أوباما انتظاراً للنتائج المزعومة وكانت مصلحة قطر المرحلية في ذلك استغلال المشاعر الدينية القوية في العالم العربي لتعظيم دورها وإحراج بعض الدول الخليجية وربما ما هو أبعد من ذلك.
هذا الدور الخطير المغامر الذي سيكون حكام قطر أول ضحاياه لو نجح لواجه نكسة كبيرة في وقت مبكر إذ بدأ يفشل مع سقوط الإخوان في مصر، ثم استمر في التدهور مع تصنيف جماعة النصرة ضمن الحركات الإرهابية حتى تجمد بما يشبه الوفاة الدماغية وكان المفروض أن تكون قطر واقعية فتتخلص من الجثة لكنها فعلت مثل الإخوان عندما اجتاحتهم العواصف في آخر عهدهم فقد منعتهم حماقتهم وضعف خبرتهم من حني رؤوسهم فحصل ما حصل وجرفهم الطوفان. وحكام قطر فعلوا الشيء نفسه فمنعتهم الحماقة من التخلص من الدور الميت وظلوا يحافظون على الجثث في الثلاجات ويخسرون المال والجهد والمكانة ويحاولون الانسحاب التدريجي بأقل الخسائر لكن التركة كانت ثقيلة جداً.
ترامب أنهى دور قطر أو على الأصح أدوارها التي كانت نشطة في عهد أوباما قائلاً لها بصريح العبارة (طبخك يا الرفلا وكليه) وجعلها تواجه مشقة تصفية التركة الثقيلة وحدها
الآن كما يبدو لي ألغى ترامب تلك الشراكة من جانب واحد مثلما ألغى الكثير من مشروعات أوباما وقد تجلى ذلك في موقفه القوي الذي أعلنه ليلة السبت عندما قال إن قطر لها تاريخ في تمويل الإرهاب على مستوى عالٍ جداً وطلب منها إنهاء ذلك على وجه السرعة.
هذا معناه أن ترامب أنهى دور قطر أو على الأصح أدوارها التي كانت نشطة في عهد أوباما قائلاً لها بصريح العبارة (طبخك يا الرفلا وكليه) وجعلها تواجه مشقة تصفية التركة الثقيلة وحدها وهذا في ظني سيجعل قطر ملزمة بتصفية الدور. والوقت يتوقف عليها إن شاءت صفته في وقت قصير عن طريق وساطة تحفظ لها بعض كرامتها وإن شاءت أطالت الوقت وواجهت ذلك الإعصار الذي يتشكل الآن وهي المتضرر الأكبر من كل تأخير ولا أظن أن النظام القطري سيأخذ بخيار الحزام الناسف ولو فعل فلا أظن أن أحداً سيوفر له هذا الحزام.
دورها في حكم المنتهي طال الوقت أم قصر ولكن ماذا بعد إنهاء دورها؟ هل سترضى بالبقاء في الظل في حالها أم أن محطة الجزيرة وتعودها على الأدوار الساخنة سيجعلها تتطلع لأدوار جديدة مماثلة للسابقة في الهدف والتمويل وهل سيستجاب لها أم أن اليقظة والحزم في عهدنا الجديد سيمنعانها من ذلك؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة