اكتئاب الشتاء.. اضطراب موسمي يهدد بالانتحار
مع التوغل في فصل الخريف وبداية الطقس البارد تظهر علامات الاكتئاب على كثيرين باختلاف أعمارهم، فيما يعرف باسم "متلازمة اكتئاب الشتاء".
المتلازمة التي يعاني منها ملايين تعرف أيضا باسم "الاضطراب العاطفي الموسمي" SAD، وهو شكل من أشكال الاكتئاب يأتي ويختفي مع الفصول.
يعرف الاضطراب العاطفي الموسمي بأنه اكتئاب يحدث للشخص في وقت محدد من العام، إذ يصاب بهذه الحالة في الخريف أو الشتاء عندما تكون الأيام أقصر ويصبح الظلام مبكراً.
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الاضطراب، فإن حلول الشتاء يجلب معه ما هو أكثر من الرياح القوية والأمطار والثلوج، إنه يثير مشاعر اليأس والاكتئاب.
وفي بعض الحالات، يهدد اكتئاب الشتاء حياة صاحبه الذي تراوضه أفكارا متكررة عن الموت أو الانتحار، لذا من الضروري الخضوع للعلاج.
أعراض اكتئاب الشتاء
في معظم الحالات، تظهر أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي خلال أواخر الخريف أو أوائل الشتاء وتختفي خلال الأيام المشمسة في الربيع والصيف.
وتشمل أعراض الاكتئاب الموسمي، وفقا لموقع "مايو كلينك" ما يلي:
- الشعور بالاكتئاب معظم ساعات اليوم وبشكل يومي تقريباً.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة المفضلة لدى الشخص.
- انخفاض الطاقة.
- وجود مشاكل في النوم.
- تغيرات في شهيتك أو وزنك.
- تغيرات في المزاج وسيطرة الحزن والعصبية.
- الشعور بالخمول والتعب.
- تواجه صعوبة في التركيز.
- التفكير السلبي والشعور باليأس أو انعدام القيمة أو الذنب.
- وجود أفكار متكررة عن الموت أو الانتحار.
أسباب اكتئاب الشتاء
رغم أن السبب الدقيق للاضطراب العاطفي الموسمي لا يزال غير معروف، فإن الأطباء يعتقدون أن انخفاض ضوء الشمس يؤدي إلى تعطيل الساعة البيولوجية للإنسان.
ويؤثر تعطيل الساعة البيولوجية على قدرة الدماغ على إنتاج هرمونين رئيسيين، هما السيروتونين المسؤول عن تنظيم الحالة المزاجية، والميلاتونين الذي يساعد على تنظيم النوم والمزاج.
يعتمد إنتاج السيروتونين على مقدار ضوء الشمس الذي تتعرض له، لذلك عندما لا تحصل على وقت كافٍ في الهواء الطلق بسبب انخفاض ضوء الشمس خلال تلك الأشهر الطويلة المظلمة، فقد يسبب ذلك الاكتئاب والخمول.
بينما تشمل هذه التحولات الفسيولوجية زيادة في إنتاج هرمون الميلاتونين، الذي يؤدي ارتفاعه إلى أعراض النعاس والتعب.
يبدو أن هرمون الإجهاد الكورتيزول يلعب دورًا في الاضطرابات العاطفية الموسمية أيضًا، حيث يتم إنتاجه في الغدد الكظرية ويقوم بعكس ما يفعله الميلاتونين.
يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب خلال فصل الشتاء من ارتفاع حاد في مستويات الميلاتونين وانخفاض في مستويات الكورتيزول، وكل ذلك يؤدي إلى التعب وانخفاض الحالة المزاجية.
ووفقا لموقع endocrineweb، قد يكون هناك ارتباط بين اضطرابات الغدد الصماء والاضطراب العاطفي الموسمي، حيث يسبب كلاهما التعب الشديد والنوم المفرط والإفراط في تناول الطعام والاكتئاب.
اكتئاب الشتاء عند الرجال والنساء
يتم تشخيص الاضطراب العاطفي الموسمي عند النساء أكثر من الرجال، ويحدث بشكل متكرر أيضا لدى البالغين الأصغر سنًا منه لدى كبار السن.
قد يؤثر اكتئاب الشتاء على النساء 4 مرات أكثر من الرجال، أيضا هناك أدلة على أن الاضطراب العاطفي الموسمي مرتبط باضطراب ما قبل الحيض (PMS) واضطراب ما قبل الحيض المزعج (PMDD)، وفقا لموقع endocrineweb.
مجلة "الاضطرابات العاطفية" نشرت دراسة في هذا الشأن عام 2018، تفيد بأن النساء أكثر تضررا من اكتئاب الشتاء مقارنة بالرجال.
ووجد باحثون في جامعة جلاسكو بالمملكة المتحدة، وفقًا لموقع medicalnewstoday، أن النساء أكثر عرضة من الرجال لتجربة التغيرات الموسمية في أعراض الاكتئاب، مع بلوغ هذه الأعراض ذروتها خلال أشهر الشتاء.
أشارت الأبحاث السابقة إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب العاطفي أكثر من الرجال.
لكن لمعرفة المزيد حول كيفية اختلاف الاضطرابات العاطفية الموسمية حسب الجنس، أجرى الباحثون تحليلًا لأكثر من 150 ألف بالغ في المملكة المتحدة
ودرس الباحثون الأعراض الاكتئابية للمشاركين خلال كل موسم، خاصة أعراض تدني المزاج والتعب والتوتر.
كشف التحليل أن النساء عانين من اختلافات موسمية في أعراض الاكتئاب والتعب والتوتر، لكن هذه الاختلافات الموسمية لم توجد لدى الرجال.
وخلص البحث إلى أن أعراض الاكتئاب والتعب لدى النساء كانت أقوى في أشهر الشتاء، لتقدم الدراسة دليلًا إضافيًا على أن النساء أكثر عرضة للاختلافات الموسمية في الاكتئاب من الرجال.
اكتئاب الشتاء عند الأطفال
تصيب متلازمة اكتئاب الشتاء الأطفال والمراهقين أيضا وإن كانت علاماتها ليست بوضوح أعراض البالغين، لذا يفضل تحدث الآباء مع طبيب مختص حال التشكك في الأمر.
ووفقا لموقع kidshealth فإن أعراض اكتئاب الشتاء عندما تظهر على الأطفال فقد يعتقد الآباء في البداية أن الافتقار إلى الحافز والطاقة والاهتمام سبب هذه الحالة.
لكن الحقيقة أن الطفل الذي يشعر بالحزن والخمول وترافقه هذه الحالة أياما بمجرد تناقص ساعات النهار وقصر الأيام وتحول السماء للون الرمادي فإنه يعاني من الاضطراب العاطفي الموسمي.
قد يساعد طفلك في الخروج من هذه الحالة ما يلي:
- التعرض للضوء
بالنسبة للعديد من الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب القلق الاجتماعي، فإن مجرد قضاء المزيد من الوقت في الخارج خلال ساعات النهار يكفي لتخفيف الاكتئاب الموسمي.
- ممارسة الرياضة
عند ممارسة الأطفال الرياضة في الهواء الطلق أو المشي يوميًا فإن حالتهم المزاجية ستتحسن بالتأكيد.
- العلاج بالكلام
يساعد التحدث مع المعالج في تخفيف الأفكار والمشاعر السلبية المرتبطة بالاكتئاب، ويمكن أن يخفف من العزلة أو الوحدة التي يشعر بها الأطفال والمراهقون المصابون بالاكتئاب غالبًا.
- تخصيص وقت للطفل
على الوالدين البحث عن قضاء وقت ممتع مع صغيرهم الذي يعاني من الاكتئاب بل وتخصيص وقت إضافي له، ويمكن تمضيته في مشاهدة فيلم أو التشارك في إعداد وتناول وجبة مميزة.
علاج اكتئاب الشتاء
تتعدد طرق علاج اكتئاب الشتاء وتتدرج حسب الحالة، من بينها:
- الهواء الطلق
زيادة الوقت في الهواء الطلق بالنسبة للذين يعانون من أعراض خفيفة مفيد، وقد يسهم في انخفاض الأعراض.
- تناول فيتامين د
إضافة إلى المشي يوميًا للحصول على ما يكفي من ضوء الشمس، قد يكون تناول فيتامين د مفيدًا في تخفيف أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي.
- العلاج بالضوء
يتضمن العلاج بالضوء استخدام مصباح لمحاكاة ضوء النهار، ما يساعد على تعديل مزاج الأشخاص الذين يتأثرون بقصر النهار.
- الأدوية
مضادات الاكتئاب العلاج الأكثر شيوعًا للأشخاص المصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي، ويمكن أن في تنظيم توازن السيروتونين والمواد الكيميائية الأخرى في الدماغ.
- العلاج النفسي
يمكن أن يساعد العلاج النفسي في معالجة الأفكار والمشاعر السلبية المرتبطة بالاكتئاب الموسمي.
aXA6IDE4LjExOC4xNDkuNTUg جزيرة ام اند امز