عاصفة استهجان ضد خطاب إخواني يهين المرأة التونسية
أثار الهجوم الذي شنه أحد المحسوبين على تنظيم الإخوان ضد المرأة في تونس استهجان وحفيظة المنظمات الحقوقية.
قطعت تونس أشواطا متقدمة في الحفاظ على مكاسب المرأة التي تم تحصيلها في زمن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، منذ دولة الاستقلال ( 1956).
لكن هذه المكاسب باتت اليوم مهددة تماما في تونس أمام صعود تيارات إخوانية متشددة تفصح عن تصريحات تتعارض مع حقّقته الدولة المدنية .
وهاجم النائب محمد العفاس عن ائتلاف الكرامة المحسوب على حركة النهضة الإخوانية المدافعين عن حقوق المرأة واصفا إيّاهم بـ"المتاجرين بقضايا المرأة".
واعتبر العفاس ّ أيضا في وصفه للمرأة الحداثية إنها "سلعة مكشوفة رخيصة ".
وجاء عدم اعتراف النائب محمد العفاس بأسس الدّولة المدنية صريحا حينما قال في خطابه المتشدد "دولتهم العلمانية هي دولة المواخير التي تبيع فيها المرأة شرفها".
وواصل النائب تهجمّه على أهم مكسب من مكاسب الدولة التونسية المدنية ألا وهو مجلّة "الأحوال الشخصية" منتقدا اعتبارها "خطّا أحمر" في سعي منه إلى ضرب هذا المكسب قائلا: "هم يدافعون عن مجلة الأحوال الشخصية ونحن ندافع عن أحكام رب العالمين".
مجلة "الأحوال الشخصية" هي جملة من النصوص القانونية التي تمنع تعدد الزوجات وتؤسس للحريات الفردية، تم تأسيسها في تونس سنة 1956.
وانتهز محمد العفاس الفرصة في خطابه للنيل من الاتفاقيات الدولية التي تدعم حقوق المرأة قائلا: "سينتصرون للمرأة بالهياكل الدولية، ونحن سننتصر لها في الثلث الأخير من الليل بالدعاء"، في استحضار لخطاب تكفيري يجرمه القانون التونسي.
وطالت اتهامات العفاس أيضا دور رعاية المسنين التي أطلق عليها" مراكز العقوق".
عبر عدد من النواب عن استيائهم من مداخلة النائب عن ائتلاف الكرامة محمد العفاس، خلال مناقشة ميزانية وزارة المرأة، أمس الخميس، لينسحبوا بعد ذلك احتجاجا منهم على هذا الخطاب التحريضي الذي يضرب مكاسب الدولة التونسية.
ورغم انسحاب النواب واحتجاجهم واصل النائب المتشدد دعوته إلى إسقاط الدولة المدنية قائلا: "ولتسقط ترهات العلمانية والبورقيبية".
وأثارت مداخلة العفاس ردود فعل عديدة خاصة في صفوف المجتمع المدني على غرار الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، التي استهجنت في بيان لها، اليوم الجمعة، وبشدة تصريحات العفاس.
وقالت الجمعية في بيانها إن العفاس: "اتهم النساء في تونس بأبشع التهم ونعتهن بأقبح النعوت، بل اعتبر النائب المذكور المنتخب بقانون مدني وبدستور وضعي أنه لا يعترف إلا بالشريعة وبتطبيق الأحكام الشرعية على النساء العازبات، وعلى كل امرأة في تونس لا تلتزم بهذه الأحكام".
وعبرت الجمعية عن تنديدها الشديد بأقوال العفاس قائلة "هذا النائب المتطرف المتستر بغطاء الدولة المدنية الضامنة للحريات من أجل الترويج لأفكاره الإرهابية وتصورات تياره الرجعية والمنقلبة على الدولة وعلى الدستور".
واستنكرت ما وصفته بـ''تواطؤ رئيس الجلسة العامة (طارق الفتيتي) الذي لم يقاطع النائب وسمح له بترويج إهاناته للتونسيات تحت قبة المجلس''.
كما دعت مكتب المجلس لإصدار موقفه الرسمي في بيان "يستنكر فيه هذا الانتهاك الصارخ للدستور وللحقوق والحريات والذي لا يمكن أن يندرج بأية حال من الأحوال تحت غطاء حرية التعبير التي تعلل بها النائب".
يأتي هذا الخطاب التحريضي في سياق حملات "ترهيبية" يقودها تيّار "ائتلاف الكرامة" الموالي للإخوان لضرب كل أسس الدولة المدنية.
تأسّس "ائتلاف الكرامة" قبل الانتخابات التشريعية التي جرت السنة الماضية، وانبثقت توجهاته عما يسمى برابطات حماية الثورة التي تكونت بعد الثورة التونسية.
aXA6IDEzLjU5Ljk1LjE3MCA=
جزيرة ام اند امز