من يستقرئ الخطاب السياسي للقيادة الرشيدة منذ بدايات دولة الاتحاد، يدرك أن المرأة حاضرة بقوة، وأن تجربتها تحظى بخصوصية وطنية.
لا شك أن المرأة في دولة الإمارات تعيش عصرها الذهبي بالفعل، فرغم ما حصلت عليه من دعم ومكاسب استثنائية من جانب القيادة الرشيدة، منذ أن أطلق المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مسيرة الاتحاد المبارك في الثاني من ديسمبر عام 1971، فإن مرحلة التمكين التي يقودها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ قد أضافت إلى سجل المرأة الإماراتية المزيد والمزيد من المكاسب التاريخية، عبر مسيرة مدروسة بدأت بإطلاق برنامج التمكين في عام 2005، الذي كان بمنزلة انعطافة نوعية وتحول كبير في تاريخ المرأة الإماراتية، حيث شاركت في أول انتخابات يشهدها المجلس الوطني الاتحادي، كناخبة ومرشحة، حيث جاء تمكين المرأة مواكباً لتمكين الشعب، وترسيخاً لدورها ومكانتها.
وقد أثمرت التجربة الانتخابية الأولى للمجلس الوطني الاتحادي في عام 2006 عن فوز معالي الدكتورة أمل القبيسي الرئيسة الحالية للمجلس الوطني الاتحادي، بعضوية المجلس، وتم تعيين ثماني عضوات أخريات، لتصبح المرأة ممثلة بـنحو 22% من إجمالي الأعضاء، ولم يكن الهدف إجرائياً، بل جاء متسقاً مع رؤية استراتيجية واعية قائمة على الاستفادة من قدرات أبناء الإمارات كافة، حيث أكد صاحب السمو رئيس الدولة "حفظه الله" في خطاب افتتاح دور الانعقاد الذي أعقب الانتخابات مباشرة أن التواجد القوي للمرأة الإماراتية في المجلس "يعكس الثقة اللامحدودة بقدراتها ودورها ومساهماتها الفاعلة في دفع مسيرة العمل الوطني نحو آفاق أرحب، وممارسة العمل التنفيذي والتشريعي بكل اقتدار".
توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50 بالمائة، تأتي في سياق مدروس ورؤية حكيمة لقيادتنا، وتعد مكسباً تاريخياً للمرأة الإماراتية بكل المعايير السياسية، بما ينطوي عليه هذا القرار التاريخي من أبعاد ودلالات، تجعل منه نقطة مضيئة في تاريخ الإمارات
ومن يستقرئ الخطاب السياسي للقيادة الرشيدة منذ بدايات دولة الاتحاد، يدرك أن المرأة حاضرة بقوة، وأن تجربتها في هذا الشأن تحظى بخصوصية وطنية تنطلق من مبادئ المجتمع وهويته الثقافية، القائمة على تقدير دور المرأة، وضرورة الاستفادة من قدرات "نصف المجتمع" وتجنب تعطيله، لاسيما أن العنصر البشري المواطن لدينا في الإمارات يفوق قيمته في أي بلد آخر، نظراً لقلة السكان، الأمر الذي يغذي فكرة تعظيم فرص الاستفادة من كل مواطنينا، والاستثمار الأمثل في تعليمهم وتنمية قدراتهم ومهاراتهم من أجل تقديم أفضل الإسهامات في عملية البناء والتنمية.
من هنا كان صعود دور المرأة الإماراتية ترجمة لسياسات وقرارات مدروسة بعناية، نلحظها في التدرج التاريخي لهذا الصعود على الصعيد البرلماني، على سبيل المثال، ففي عام 2011 بلغت نسبة المرأة في قوائم الهيئات الانتخابية نحو 48%، أي أنها نالت نصيبها الرقمي كنصف المجتمع، كما حصلت المرأة الإماراتية على منصب نائب رئيس المجلس الوطني الاتحادي، كما تواجدت سبع عضوات بالمجلس، وتواصلت المسيرة في انتخابات عام 2015، ثم تحقق إنجاز تاريخي غير مسبوق للمرأة الإماراتية والعربية بتولي امراة رئاسة برلمان خليجي عربي، بانتخاب معالي أمل القبيسي رئيسة للمجلس الوطني الاتحادي.
من هنا، فإن توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50 بالمائة، تأتي في سياق مدروس ورؤية حكيمة لقيادتنا، وتعد مكسباً تاريخياً للمرأة الإماراتية بكل المعايير السياسية، بما ينطوي عليه هذا القرار التاريخي من أبعاد ودلالات، تجعل منه نقطة مضيئة في تاريخ الإمارات، وقوة دفع هائلة للمرأة الإماراتية، التي يضع عليها هذا القرار مسؤوليات تاريخية كبيرة، لتكمل سلسلة النجاحات والإنجازات التي حققتها طيلة مسيرتها.
ولا شك أن هذه التوجيهات السامية إنما تعزز رسوخ النموذج الإماراتي وتفرده، وتصب في مصلحة بنية القوة الناعمة التي يمتلكها هذا النموذج الملهم، إقليمياً ودولياً، حيث باتت الإمارات تتحمل مسؤولية متنامية في تحقيق مؤشرات التنمية البشرية عالمياً، كمدخل لتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
هذا القرار ينطوي على جوانب حيوية عدة أهمها أنه يعكس قناعة القيادة الرشيدة بدور المرأة، وهي قناعة راسخة وتزداد رسوخاً يوماً بعد آخر، ومع كل إنجاز تحققه المرأة الإماراتية في كل مجالات العمل، وهي قناعة تنعكس في قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عند إعلان هذه القرار التاريخي "المرأة نصف المجتمع وتستحق أن تمثل هذا النصف في مجلسنا الوطني الاتحادي"، ومباركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي، بقوله "نبارك للمرأة الإماراتية رفع نسبة تمثيلها في المجلس الوطني الاتحادي.. خطوة إضافية لتعزيز دورها ومساهمتها في صنع القرار الوطني.. هي شريك وداعم لمسيرة البناء والتنمية وأنموذج في العطاء والتميز.. أثبتت جدارتها في مختلف مواقع العمل.. تمنياتنا لها بالتوفيق والنجاح"، كلمات تعكس ثقة عميقة في جدارة المرأة الإماراتية بتحمل المسؤولية الوطنية، ولو كان القائد المؤسس، طيب الله ثراه، بيننا اليوم لكان أسعد الناس وأكثرهم دعماً وترحيباً برؤية بنت الإمارات تحصد المزيد من المكاسب والأدوار وتتحمل نصيبها من المسؤوليات في مجتمعنا، فهذا حصاد ما غرسه القائد الملهم، وهذا ما سعى إليه منذ بدايات اتحادنا المبارك.
علينا أن نقرّ ونسجّل للتاريخ، بأن كل قصة نجاح، أو إنجاز، أو مكسب، تحصل عليه المرأة الإماراتية إنما يعود بالأساس إلى صاحبة الفضل في إطلاق طاقات بنت الإمارات وتشجيعها على الانخراط في العمل والمسؤولية الوطنية، سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة (أم الإمارات)، فسموها، ومن خلال دورها كشريكة كفاح للقائد المؤسس، اضطلعت بمسؤوليات ضخمة في بناء قدرات المرأة الإماراتية وتذليل الصعوبات أمام مشاركتها في العمل والإنتاج إلى جانب أخيها الرجل، ولا تزال سموها، أطال الله في عمرها، ترعى مسيرة بنت الإمارات وتوفر لها كل الدعم والمساندة في مرحلة التمكين.
فرصة جديدة، وتحد جديد، نثق أن المرأة الإماراتية ستضيف من خلاله مزيداً من الإنجازات والنجاحات التي تعزز تفوق دولتنا وتميزها في مختلف مجالات التنمية والتنافسية العالمية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة