"الزموا منازلكم وأغلقوا كل شيء".. وصفة لصد رياح كورونا
هبّت رياحه فلفحت البشر من قطب لقطب، فوجد العالم نفسه مجبرا على مواجهة عدو غير مرئي يعمل في الخفاء
مع هبوب رياحه التي لفحت البشر من قطب لقطب دون قانون يسمح له بذلك، وجد العالم نفسه مجبرا على مواجهة عدو غير مرئي يعمل في الخفاء.
فبكل الوسائل المتاحة التي وصلت إلى حد مرحلة الحروب، دخلت الدول في سباق مع الزمن لمواجهة فيروس كورونا الذي حصد أكثر من 12 ألف حالة وفاة في العالم، منذ ظهوره أواخر العام الماضي.
وأمام استنفار الدول بكل ما تملك من إمكانيات تقنية حديثة وجيوش طبية دفاعية، تتصدر التعليمات التوعوية رحى المعركة في مواجهة هذا الفيروس.
"الزموا منازلكم"
"الزموا منازلكم وأغلقوا كل شيء".. تعليمات تجتاح العالم بأسره، لوقف تمدد فيروس كورونا الذي روّع البشرية قاطبة.
فمن ووهان الصينية إلى بوليفيا، مرورا بفرنسا وإيطاليا ونيويورك، يبقى ما يزيد على 900 مليون شخص (ما يقارب المليار) في الحجر المنزلي، سواء استجابة لتوصية أو امتثالا لأمر من السلطات.
وتشهد إيطاليا، البلد الأكثر تأثرا بالفيروس، سيناريو كارثيا يثير مخاوف جميع الدول الأخرى، حيث يبدو أن العدوى خرجت عن السيطرة في بعض المناطق، فيما استنفدت المستشفيات إمكاناتها.
وأمام الصورة القاتمة شدّدت إيطاليا التي كانت السباقة بين دول القارة العجوز إلى فرض الحجر على سكانها جميعا، قيودها بإغلاق الحدائق العامة.
وباتت عبارة "ألازم منزلي" الأكثر رواجا لدى الإيطاليين الذين لجأوا إلى الشرفات والنوافذ للغناء وتحية الطواقم الطبية بالتصفيق، في ممارسة لقيت رواجا في مختلف أنحاء العالم، لا سيما في باريس ومدريد وساراييفو.
الأطباء في إيطاليا أيضا طالبوا بلزوم أشدّ التدابير، للحد من انتشار الوباء.
وقال رئيس قسم إنعاش القلب بالمستشفى الرئيسي في بريشيا بشمال إيطاليا: "دعوتي إلى المؤسسات هي التالية: أغلقوا كل شيء".
تدابير "صارمة"
ولقيت هذه النداءات استجابة، حيث أعلن رئيس الوزراء جوسيبي كونتي وقف "أي نشاط إنتاجي على الأراضي لا يكون ذا ضرورة قصوى".
واستثنت التعليمات الحكومية الخدمات العامة والقطاعات الاقتصادية الأساسية مثل الصحة والغذاء والنقل والتوزيع والخدمات البريدية والمالية.
وقال كونتي إن هذه التدابير "صارمة، أعرف ذلك، لكن لا بديل لدينا. علينا أن نقاوم" الوباء.
"الأسوأ آتٍ"
في الولايات المتحدة، طلبت السلطات في كاليفورنيا ونيويورك ونيوجيرسي وإلينوي من سكانها ملازمة منازلهم لمحاولة الحد من تفشي فيروس كورونا.
وقررت السلطات في تلك الولايات، إغلاق متاجر السلع غير الأساسية مساء، فيما اكتفت ولايات أخرى بالطلب من سكانها تجنب التجمعات.
وعلى الرغم من استبعاد الرئيس دونالد ترامب فرض حجر عام حاليا في كامل البلاد، فإن أكثر من ثلث الأمريكيين يحاولون التأقلم مع تدابير العزل التي تتفاوت بين منطقة وأخرى.
والأحد، سيفرض الحجر الصحي العام في تونس وبوليفيا، فيما ستطبّقه كولومبيا اعتبارا من الثلاثاء.
كذلك أعلنت سويسرا حظر أي تجمع لأكثر من خمسة أشخاص لكنها استبعدت فرض العزل التام.
وأطلقت إسبانيا حملة لتجهيز نظامها الصحي، فيما أنذر رئيس الوزراء بيدرو سانشيز بأن "الأسوأ آتٍ"، متحدثا عن "سباق مع الوقت".
والتعليمات المعممة واضحة، إذ تفرض على الجميع لزوم مسافة بين بعضهم.
وعنونت قناة "إتش آر تي" التلفزيونية في كرواتيا بالخط العريض: "ابقوا في منازلكم".
ورغم هذا الوضع، ما زالت إيران تمتنع عن فرض حجر منزلي بالرغم من مدى تفشي المرض فيها مع وصول عدد الوفيات إلى أكثر من 1500.
لكن الرئيس الإيراني حسن روحاني دعا، السبت، إلى إغلاق المراكز التجارية التي يتجمع فيها عدد كبير من الناس.
الابتعاد الاجتماعي وثماره
يبدو أن "الابتعاد الاجتماعي" مستحيلا في بعض بقاع الأرض. ففي قطاع غزة، حيث كثافة سكانية عالية جدا، أعلنت وزارة الصحة تسجيل أول إصابتين بفيروس كورونا المستجد.
وقالت الجهات الصحية بغزة إنه تم رصد الحالتين على الحدود مع مصر، وجرى إدخالهما على الفور في الحجر الصحي.
وإن كان سكان القطاع يدركون المخاطر، فإن مدير منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية جيرالد روكنشاوب حذر من أن الوضع قد يتخطى بسرعة قدرات النظام الصحي مع انقطاع الكهرباء والأدوية الأساسية ونقص العاملين.
وفي الخليج، أعلنت الإمارات إغلاقا مؤقتا للشواطئ والحدائق والمسابح ودور السينما وصالات التدريب الرياضية.
كذلك، كلفت الحكومة اللبنانية القوى الأمنية كافة بالتشدد في تنفيذ خطط صارمة لمنع الناس من الخروج من منازلهم.
الريف والمدن وكورونا
وتُبدي الأرياف تمنعا عن استقبال أهل المدن الأثرياء الذين قد يحملون العدوى معهم.
ففي إنجلترا، طلب المكتب السياحي في منطقة كورنوول، ذات عدد السكان المتدني خارج موسم الاصطياف، من الزوار "تأجيل سفرهم".
وكُلفت قوات الأمن بفرض الالتزام بأوامر الحجر المنزلي ومنع التجمعات.
ففي سيدني الأسترالية، أُغلق شاطئ بوندي الشهير بعدما اكتظ السبت بالناس.
الأردن أيضا لم يتقاعس عن مواجهة الفيروس، حيث أوقفت السلطات 392 شخصا السبت لـ"مخالفتهم أمر حظر التجوال".
ومع إغلاق الحدود بين دول العالم، بات من الصعب على المسافرين العودة إلى بلادهم.
وروى أحد ركاب رحلة من أمستردام إلى نيودلهي أنه فيما كان يتطلع للعودة إلى الهند، أعلن قبطان الطائرة فيما كانوا فوق روسيا أنه ملزم بالاستدارة بالطائرة والعودة أدراجه، إذ لم يتلق إذنا بالهبوط في وجهته بعدما سُمح له بالإقلاع.
aXA6IDMuMTM3LjE2NC4yMjkg
جزيرة ام اند امز