تواريخ مضيئة في مسيرة "دافوس".. جسور التواصل في نصف قرن

على مدى 52 عاما الماضية كان منتدى دافوس شاهدا على كثير من الأحداث التاريخية، بدءا من سقوط جدار برلين إلى تجنب حرب بين اليونان وتركيا.

وأقام المنتدى جسورًا اقتصادية حول العالم، وكان مسرحا لمصافحة حسمت نهاية الفصل العنصري، وأطلقت تحالفًا لتوفير اللقاحات لـ700 مليون طفل، ووفر منبرًا لعلماء البيئة البارزين.

• منتدى دافوس.. تساؤلات صعبة تتظر أجوبة "عالم منقسم"

ويأتي ضمن أبرز إنجازات المنتدى:

1976 – بناء الجسور بين العالم العربي والغرب

بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 وما تلاها من حظر نفطي، توترت علاقات الغرب مع الدول العربية. وفي أكتوبر /تشرين الأول، نظم المنتدى أول ندوة عربية أوروبية للتعاون التجاري في مونترو بسويسرا بحضور مؤسسات عربية وأوروبية رائدة.

1979 - فتح الباب أمام الصين

وتابع المنتدى الإصلاحات الاقتصادية المبكرة للرئيس الصيني دنغ شياو بينغ باهتمام كبير، وفي عام 1979، شارك وفد من الصين في ندوة دافوس لأول مرة. وفي وقت لاحق من ذلك العام، قام مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، البروفيسور كلاوس شواب بأول زيارة له إلى الصين بدعوة من رئيس الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وترأس وفد المنتدى المكون من 20 مديرًا تنفيذيًا أوروبيًا.

وكانت تلك بداية علاقة طويلة الأمد بين المنتدى والصين. وقد قاد ذلك إلى إنشاء "قمة الأعمال الصينية" السنوية ، ومنذ عام 2007 حتى الآن يقام منتدى "دافوس الصيفي" سنويا في الصين.

1987 - بداية نهاية الحرب الباردة

وجه وزير خارجية ألمانيا الغربية (حينها وقبل توحيد ألمانيا)، هانز ديتريش غينشر، نداءً قوياً للغرب للتواصل مع الاتحاد السوفياتي. وينظر بعض المؤرخين المعاصرين إلى خطابه باعتباره علامة حاسمة على نهاية الحرب الباردة، ووبدء سعي الاتحاد السوفياتي إلى توثيق العلاقات مع الغرب.

وفي ذلك الوقت ، كان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية يسعى إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية وسياسية كبرى - البيريسترويكا (إعادة الهيكلة) والجلاسنوست (الانفتاح) - تحت قيادة ميخائيل غورباتشوف.

وقال غينشر للمشاركين: "ليس لدى الغرب سبب للخوف من التعاون. يجب أن يكون شعارنا: دعونا نأخذ غورباتشوف على محمل الجد. دعونا نثق في وعوده! إذا كانت هناك فرصة اليوم للوصول إلى نقطة تحول بعد 40 عامًا من المواجهة في العلاقات بين الغرب والشرق، فسيكون من الخطأ تفويت الغرب هذه الفرصة لمجرد أنه لا يستطيع التغلب على الصورة النمطية التي ينظر بها إلى الاتحاد السوفياتي".

وكان غينشر ضمن أول وفد رسمي إلى دافوس من الاتحاد السوفياتي، برئاسة إيفان إيفانوف، النائب الأول لرئيس لجنة الدولة الاقتصادية الخارجية، الذي شرح تداعيات الإصلاحات الجديدة.

1988 - تركيا واليونان

كادت العلاقة المتوترة بين اليونان وتركيا أن تتصاعد إلى حرب عام 1988 - لكن الاجتماعات الشخصية في دافوس بين رئيس الوزراء التركي تورغوت أوزال ورئيس وزراء اليونان أندرياس باباندريو، أسهمت في بناء ثقة كافية لدرء الصراع.

وبعد أول لقاء بينهما في دافوس عام 1986، عاد الزعيمان إلى دافوس بعد عدة زيارات تمهيدية قام بها كلاوس شواب مؤسس المنتدى ورئيسه التنفيذي إلى أثينا وأنقرة.

وفي دافوس 1988، جرت مفاوضات بين أوزال وباباندريو ووقعا إعلان دافوس الهادف إلى تطبيع العلاقات.

ولم يكن بالإمكان تجنب الحرب لولا لقاء باباندريو وأوزال في دافوس قبل عامين، كما أخبر الأخير شواب لاحقًا. وبسبب هذا اللقاء، كان على يقين من أنه يمكن أن يثق بنظيره.

1990 - إعادة توحيد ألمانيا وأوروبا الجديدة

في أكتوبر/ تشرين الأول 1989، تم هدم جدار برلين - الفجوة بين الشرق والغرب والرمز الصارخ للحرب الباردة وفي الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول 1990 تم توحيد ألمانيا.

انطلاقا من المناقشات التي احتضنها دافوس، قامت مجموعة غير رسمية من البرلمانيين وقادة الأعمال من ألمانيا الشرقية والغربية بتوحيد قواها للدعوة إلى برنامج استقرار نقدي لجمهورية ألمانيا الديمقراطية. وأصبحت هذه المبادرة ركيزة لإعادة التوحيد الاقتصادي لألمانيا الغربية والشرقية.

وخلال الاجتماع السنوي، عقدت جلسة حول "أوروبا الجديدة"، والتي جمعت لأول مرة رؤساء دول أوروبا الغربية والشرقية.

1992 - مانديلا ونهاية الفصل العنصري

وظهر نيلسون مانديلا، زعيم مناهضة الفصل العنصري ورئيس المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي أُطلق سراحه من السجن قبل عامين، لأول مرة خارج جنوب إفريقيا - مع الرئيس فريديريك دي كليرك ورئيس الوزراء كوازولو مانغوثوزو. وأظهر اجتماع أقطاب عملية التحول في جنوب أفريقيا أنهم، على الرغم من الاختلافات، يتفقون في الالتزام بدفع البلاد قدما نحو الديمقراطية. وكانت مصافحة مانديلا ودي كليرك رمز نهاية الفصل العنصري.

وللوصول إلى هذه المصافحة الشهيرة، سافر كلاوس شواب إلى جنوب أفريقيا عدة مرات ليضع مع كل زعيم شروط مشاركته في جلسة دافوس.

وكان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي قد دافع عن تأميم البنوك والمناجم والصناعات الاستراتيجية، ولكن خلال مناقشاته مع القادة الآخرين في دافوس، أعاد مانديلا النظر في الأمر. وروى للصحفي أنتوني سامبسون، الذي كتب سيرة مانديلا: "لقد غيروا وجهات نظري تمامًا. عدت للوطن لأقول:" تشابس، علينا الاختيار. إما أن نمضي قدما في عملية التأميم ولن نتمكن من الحصول على أية استثمارات، أو نعدل موقفنا لتدفق الاستثمارات".

1998 - ولادة مجموعة العشرين

في دافوس، شكل إصلاح النظام المالي العالمي في أعقاب الأزمة المالية التي أثرت على الأسواق الناشئة، ولا سيما آسيا ، قضية جوهرية.

أكد المشاركون على ضرورة مشاركة البلدان النامية في العملية. وكانت إحدى الأفكار في سبيل الوصول إلى ذلك إنشاء هيئة تضم 20 دولة - نصفها من البلدان المتقدمة والنصف الآخر من الدول النامية. وتحول هذا الاجتماع لما أصبح يعرف باسم مجموعة العشرين وعقد مؤتمره الأول في مدينة بون، بألمانيا في وقت لاحق عام 1998. اقتصرت المشاركة على وزراء المالية واقتصر نطاقها على التمويل العالمي.

في السنوات اللاحقة، اقترح شواب، من بين أمور أخرى، تحويل اجتماع مجموعة العشرين إلى قمة. وهو ما تحقق عام 2008 عندما استضافت الولايات المتحدة قمة مجموعة العشرين في واشنطن العاصمة لمعالجة تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية.

2000 - بيل كلينتون وإطلاق "غافي"

كان الاجتماع السنوي الثلاثين في مطلع الألفية مميزًا لأسباب عديدة. كان على رأسها المشاركة رفيعة المستوى للقادة السياسيين ورجال الأعمال. وللمرة الأولى يشارك الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في دافوس.

في الاجتماع السنوي لعام 2000 ، وُلد التحالف العالمي للقاحات والتحصين (غافي). وكان من بين الداعمين الأوائل للتحالف العالمي للقاحات والتحصين، مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس، الذي كان مشاركًا منتظمًا في دافوس منذ عام 1996. بحلول عام 2018، وصل التحالف العالمي للقاحات والتحصين إلى أكثر من 700 مليون طفل، مما منع أكثر من 10 ملايين حالة وفاة. وتضمنت مبادرات دافوس الصحية الأخرى التي تلت ذلك الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا (2002) والتحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة (2017).

2002 - انتقال "دافوس" إلى نيويورك بعد 11 سبتمبر/ أيلول

عقد المنتدى الاقتصادي العالمي اجتماعه السنوي في نيويورك - وهي المرة الوحيدة في تاريخه التي يُعقد فيها خارج دافوس - لإظهار التضامن مع الولايات المتحدة وسكان المدينة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية.