في يوم الأغذية العالمي.. كيف يفاقم كورونا من حدة الجوع؟
يوم الأغذية العالمي يتزامن مع اجتياح فيروس كورونا العالم ورغم محاولة جميع الدول التعامل مع آثار الوباء، إلا إنه فاقم من حدة الجوع.
تحيي منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، الجمعة، يوم الأغذية العالمي الذي يتزامن مع الذكرى السنوية رقم 75 لتأسيس المنظمة التابعة للأمم المتحدة، ويوافق يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.
المناسبة الدولية ترفع هذا العام شعار "معا ننمو، ونتغذى، ونحافظ على الاستدامة.. أفعالنا هي مستقبلنا"، وتحل في ظروف استثنائية حيث يجتاح فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" العالم، ورغم محاولة الدول التعامل مع الآثار واسعة الانتشار للوباء العالمي، إلا أنه فاقم من حدة الجوع.
الاحتفال بهذا الحدث سيكون بصيغة رقمية مراعاة للطارئ الصحي، ويتضمن رسائل ودعوات إلى التحرك من قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس الجمهورية الإيطالية سيرجيو ماتاريلا، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس؛ لضمان تعافي الجميع في كل مكان من جائحة "كوفيد-19" وحصولهم على ما يحتاجون إليه من الغذاء الآمن الصحي والمغذي.
جائحة كورونا
وفقا لإحصاءات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، يعاني قرابة 690 مليون شخص من الجوع بزيادة تقدر بنحو 10 ملايين شخص منذ بداية 2019، بجانب 149 مليون شخص يعانون من الجوع على مستوى الأزمة.
وتتوقع الفاو أن تضيف جائحة كورونا بين 83 إلى 132 مليون شخص إضافي لخطر المعاناة من الجوع الحاد بنهاية عام 2020، ليصل العدد الإجمالي إلى 270 مليون بارتفاع قدره 82%.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قبل أيام، أنه حصل على نحو 1.6 مليار دولار حتى الآن ويسعى إلى جمع 6.8 مليار دولار خلال 6 أشهر مقبلة؛ لتفادي حدوث مجاعة في ظل أزمة كورونا المستجد.
وعلق المدير التنفيذي للبرنامج ديفيد بيزلي، قائلا: "يتعين علينا جمع الكثير من المال لنضمن تفادي المجاعة. هناك 7 ملايين شخص ماتوا جوعا هذا العام في حين أودت جائحة (كوفيد-19) بحياة مليون شخص آخرين، ويمكنها أن تتسبب في تفاقم الجوع عالميا".
ورغم إحراز تقدم كبير في هذا السياق وانخفاض عدد الجياع بمقدار 300 مليون مقارنة بالفترة 1990-1992، فإن هذا لن يكون كافيا إذا استمرت معدلات الجوع بهذا الشكل وتوقعات بتجاوز عدد الأشخاص المتضررين من الجوع نحو 840 مليون بحلول عام 2030.
وأثناء الجائحة، أرسلت الخدمات اللوجستية لبرنامج الأغذية العالمي شحنات طبية إلى أكثر من 120 دولة، كما قدمت خدمات الركاب لنقل العاملين في المجال الإنساني والصحي في وقت كانت الرحلات الجوية التجارية فيه غير متوفرة.
العمل الجماعي
منظمة الفاو قالت إن الهدف من الحدث تعزيز الوعي والعمل لخدمة من يعانون من الجوع، وتسليط الضوء على حاجة الجميع إلى نظم غذائية صحية، معتبرة أن العمل الجماعي في 150 دولة هو ما يجعل يوم الأغذية العالمي أحد أكثر الأيام شهرة في تقويم الأمم المتحدة.
ووفقا لتقارير الفاو، تقدر التكاليف التي يتحملها الاقتصاد العالمي بتأثير سوء التغذية بجميع أشكاله (نقص التغذية ونقص المغذيات الدقيقة وزيادة الوزن والبدانة) بنحو 3.5 تريليون دولار أمريكي سنويا.
وذكرت أن أكثر من ملياري شخص لا يحصلون بانتظام على غذاء آمن وكافٍ، مشيرة إلى ارتفاع الطلب على الغذاء وسيتزايد مع توقعات أن يصل عدد سكان العالم إلى ما يقرب من 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050.
المنظمة الأممية سلطت الضوء على ضعف تنوع الإنتاج الزراعي، وقالت: "9 أنواع من النباتات تمثل 66% من إجمالي إنتاج محاصيل العالم رغم وجود نحو 30 ألف من النباتات الصالحة للتناول، لذا يتعين علينا زراعة مجموعة متنوعة من الأغذية لتغذية الناس والحفاظ على كوكب الأرض".
ورأت أن من المهم توفير أنظمة غذائية صحية وميسورة التكلفة للجميع مستقبلا، فضلا عن توفير سبل العيش اللائقة للعاملين في النظام الغذائي، والحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي والتصدي للتحديات مثل تغير المناخ.
تكريم مستحق
قبل أيام قليلة منحت لجنة نوبل النرويجية برنامج الأغذية العالمي جائزتها للسلام 2020، الأرفع والأهم في العالم؛ إذ عمل كقوة محركة على صعيد جهود منع استخدام الجوع كسلاح يُذكي نيران الحروب والصراعات.
البرنامج العالمي علق على الجائزة، التي تبلغ قيمتها المادية نحو 1.1 مليون دولار، قائلا إنها "تقدير لجهود أفراد فريق الأغذية العالمي الذين يعرضون أنفسهم للخطر كل يوم في سبيل إغاثة أكثر من مليون جائع من الأطفال والنساء والرجال حول العالم".
ميزانية برنامج الأغذية العالمي تبلغ نحو 8 مليارات دولار تأتي من التبرعات الطوعية، وهو يخدم أكثر من 88 دولة بينها "منطقة طوارئ" وهي: سوريا واليمن والكونغو ونيجيريا ومنظمة الساحل الأفريقي التي تضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
جهود البرنامج التابع للمنظمة الأممية في مكافحة الجوع متعددة، إذ يقدم مساعدات لنحو 97 مليون إنسان حول العالم سنويا، فضلا عن المساعدات الطارئة والإغاثة والتأهيل والمعونة الإنمائية والعمليات الخاصة التي يقدمها.
أيضا من ضمن إنجازات البرنامج تيسير 5600 شاحنة و30 سفينة وما يقرب من 100 طائرة لإيصال الأغذية والمساعدات للمحتاجين، وتوزيع 15 مليار حصة غذائية سنويا بتكلفة تقديرية تصل إلى 0.31 دولار للواحدة.
برنامج الأغذية يقدّم المساعدات لضحايا الحروب والصراعات الأهلية، وأيضا الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات والزلازل والأعاصير، ويركز على الأطفال ويتصدى لسوء التغذية ببرامج تستهدف الألف يوم الأولى من حياتهم.
وبجانب الخدمات الإغاثية للأطفال يقدم البرنامج لما يقرب من 10.3 مليون طفل دون سن الخامسة للوقاية من سوء التغذية وعلاجها، بجانب 6.3 مليون سيدة من النساء الحوامل والمرضعات.
الفاو تعد أكبر منظمة إنسانية تنفذ مشروعات التغذية المدرسية بجميع أنحاء العالم منذ أكثر من 50 عاما، إذ يقدم البرنامج وجبات غذائية في المدارس لأكثر من 17.3 مليون طفل في 50 دولة.